تقرير.. إيران تستثمر في التصعيد بالأراضي المحتلة

تقرير.. إيران تستثمر في التصعيد بالأراضي المحتلة

أماني مبارك

في مطلع أبريل الجاري، وفي أول أيام شهر رمضان المبارك، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة من عناصر الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وسط مخاوف من أن يشهد هذا الشهر تزايدًا للمواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

مواجهات ومخاوف

وذلك على خلفية اندلاع أعمال عنف دامية في الضفة الغربية المحتلة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث قتل في نهاية مارس المنصرم، فلسطيني، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في تظاهرة مناهضة للاستيطان تخللتها مواجهات في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.

وفي اليوم نفسه، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه قدم الرعاية إلى 70 فلسطينيا أصيبوا في صدامات مع جيش الاحتلال في نابلس، في شمال الضفة الغربية المحتلة.

مقتل 3 من عناصر حركة الجهاد الإسلامي

وقالت شرطة الاحتلال في بيان، أن وحدة إسرائيلية خاصة في مكافحة الإرهاب كانت في عملية في المنطقة “تلقت معلومات عن خلية إرهابية في طريقها لشن هجوم وأوقفت السيارة التي كانوا فيها بين جنين وطولكرم”.

أضاف البيان، أن الناشطين الثلاثة فتحوا النار عندما حاول الجنود توقيفهم قرب جنين وحصل تبادل لإطلاق النار أدى ذلك إلى مقتل الناشطين الفلسطينيين الثلاثة وإصابة أربعة جنود.

من جانبها أكدت حركة الجهاد الإسلامي مقتل الثلاثة. ونعت قائلة، “ثلاثة مجاهدين من أبطالها في الضفة الغربية الباسلة”. مشيرة في بيان إلى أن اثنين منهم من محافظة جنين والثالث من طولكرم في الضفة الغربية التي احتلها إسرائيل العام 1967. وهم خليل طوالبة، 24 عامًا وصائب عباهرة، 30 عامًا، من جنين، وسيف أبو لبده، 25 عامًا، من طولكرم.

مقتل 5 فلسطينيين خلال 24 ساعة

في ذات السياق توعدت حركة حماس بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وسط مخاوف من تصاعد موجات العنف وتكرار سيناريو مايو 2021 بالضفة وغزة. حيث قُتل خمسة فلسطينيين خلال الساعات الـ24 الماضية في عمليات تقوم بها قوات الاحتلال ضد فلسطينيين بعد سلسلة هجمات على إسرائيليين. كما شهد يوم الأربعاء سقوط 3 فلسطينيين في مناطق متفرقة بالضفة الغربية.

وصعدت قوات الاحتلال عملياتها بعد أن قتل فلسطيني إسرائيليين اثنين في حانة في تل أبيب الأسبوع الماضي.

تأسيس وتاريخ حركة الجهاد

بعض الآراء ترجح أن إيران تحاول فتح جبهة في فلسطين، وذلك من خلال جر حركة الجهاد الإسلامي للمواجهة مع الاحتلال، والتصعيد، بما يحول الأنظار عن الملف النووي الإيراني.

وبالنظر لتاريخ الحركة، تجد أنها تأسست عام 1981 على يد الطبيب الفلسطيني فتحي الشقاقي، الذي ولد في مخيم رفح لأسرة فقيرة ومتدينة، ودرس الطب في جامعة المنصورة في مصر، والتحق بجماعة “الإخوان المسلمين”، وتأثر بأفكار حسن البنا وسيد قطب. وخلال سنوات دراسته في مصر، خاض الشقاقي نقاشات مع طلاب فلسطينيين آخرين، وأسسوا “حركة الجهاد الإسلامي” عند عودتهم إلى فلسطين، وحشد المؤيدين لها، وبناء القاعدة التنظيمية لانطلاقتها.

أهدافها

في عام 1992 عقدت الحركة مؤتمرها الأول والوحيد، أقرّت خلاله نظامها الأساسي، وأعلنت أهدافها.

تعرّف “الجهاد” عن نفسها، أنها “حركة إسلامية جماهيرية مجاهدة مستقلة، الإسلام منطلقها، والعمل الجماهيري الثوري والجهاد المسلح أسلوبها، وتحرير كامل فلسطين من الاحتلال الصهيوني هدفها”. كما لاتعترف الجهاد الإسلامي بأي اتفاقية تسوية، وتعتبرها “باطلة”، وخاصة اتفاق أوسلو (1993) الذي شكّل محطّة فاصلة في الخلاف بين “الجهاد”، وحركة “فتح”.

مؤسس الحركة وإعجابه بـ الخميني

يعرف عن الشقاقي مؤسس الحركة إعجابه بالثورة الإيرانية وألف كتابًا بعنوان “الخميني الحل الإسلامي والبديل”، فسجن على إثر نشره في مصر. ثم عاد إلى فلسطين عام 1981 وأسّس “حركة الجهاد” وتولى منصب الأمانة العامة فيها.

منذ تأسيسها، أعلنت الحركة مسؤوليتها عن عدد من التفجيرات التي استهدفت دولة الاحتلال، بدءاً من الثمانينيات، أشهرها عملية في “بيت لد” التي أدت إلى مقتل 22 عسكريًا إسرائيلياً، عام 1995. كما نفذت الحركة عمليات في تل أبيب وتضمنت إطلاق صواريخ “فجر” و”القدس”. وتعد الحركة بجناحها العسكري “سرايا القدس” من أكثر الحركات العسكرية تنظيمًا في غزة.

قبول الدعم الإيراني بالسلاح والمال

من جانبه قال محمد حجازي، الخبير في الحركات الاسلامية، يوجد اتجاهان في حركة الجهاد الاسلامي، اتجاه يعتبر ان علاقته مع ايران عقائدية تصل الى درجة القبول بمبدأ التشيع وهذا توجه ضعيف داخل الحركة، واتجاه اخر قوي في الحركة يلتقي مع السياسية الايرانية في مواجهة اسرائيل، وبالتالي يدعم حزب الله ويقبل الدعم الايراني التسليحي والمالي في معادلة الصراع الايراني الإسرائيلي. كما يقبل ان يشكل في قطاع غزة قاعدة صواريخ ايرانية، مرجحًا أن بنية حركة الجهاد التنظيمية والعسكرية شبيهة ببنية حزب الله وقدراته العسكرية وتنظيمه.

علاقة قوية بين الجهاد وإيران

وفي تصريح قبل أعوام لـ داوود شهاب، المتحدث الاعلامي باسم حركة الجهاد، أكد فيه أن إيران هي الداعم الأساسي للحركة، بالإضافة إلى وجود اطراف أخرى. مضيفًا، “السلاح الموجود في غزة كله عبارة عن دعم ايراني سواء كان سلاحاً لحركة حماس او لحركة جهاد، وربما السلاح الايراني عند حماس اكثر منا، والكل يعرف أن إيران تمولنا، كما أن الجهاد حركة مقاومة وهناك اطراف عديدة في العالم العربي والإسلامي تقدم دعم للمقاومة ولكن النصيب الاكبر لهذا الدعم المادي والعسكري هو من إيران”.

وأضاف بحسب المونيتور، أن المحدد الاساسي لعلاقة حركة الجهاد مع الانظمة هو قرب او بعد هذا الأنظمة أو الدول من قضية فلسطين، وبالتالي ايران تدعم الشعب الفلسطيني والمقاومة، ولا تتحرج من هذا الدعم بل تتعرض لضغوط كثيرة بسببه لذلك هناك علاقة قوية بين الجهاد وإيران، موضحًا، أن اعجابهم بالثورة الايرانية لا يعني تقليدهم لها، مضيفا: “حركة الجهاد موجودة قبل الثورة الإيرانية”.

خدمة أجندة إيران

مستطرًا، بأن كون ايران داعم أساسي للحركة، فهذا لا يعني أنهم يخدمون أجندتها. مضيفاً: “هذا كلام يجرحنا، فنحن لنا برنامجنا ومشروعنا، وهم لهم برنامجهم ومشروعهم، وبرنامجنا ينحصر في فلسطين”، ضارباً مثالاً على عدم تبعيتهم لإيران مما يحدث في سوريا فهو داعم للنظام السوري بينما موقف حركة الجهاد محايدا مما يجري ولا يدعم أي طرف.

لا نقبل التشيع

مشددًا على أن قيادات وعناصر حركة الجهاد لا ينتمون ولا يميلون للشيعة، وأن هذه محض شائعات لتشويه الحركة -على حد قوله-. مضيفًا، أين المتشيعون في غزة وحركة الجهاد على الارض منذ اكثر من 30 سنة؟!”

خطر كبير

وترى السلطة الفلسطينية أن هذا التدخل الإيراني يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الفلسطيني ، حيث صرح في مقابلة صحفية، عام 2018، السيد عبد الله عبد الله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح ورئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي الفلسطيني، “بأن الجبهة الداخلية الفلسطينية محصنة من أي اختراقات إقليمية، إيرانية وغيرها، ونرفض التدخل الخارجي في قضيتنا الوطنية، لكن زيادة حديث إيران عن دعم الفصائل الفلسطينية تأتي بسبب الاستقطاب الإقليمي، ومناكفتها للسعودية، فهي تريد إظهار نفسها داعمة للمقاومة الفلسطينية”.

التصعيد وفرصة حماس

على الجانب الآخر ترى حماس في تصاعد الأحداث، فرصة جيدة لإعادة إحكام سيطرتها على قطاع غزة، بعد موجة الاحتجاجات ضد سياسات الحركة التي تحكم القطاع، وأدت إلى الفشل في كل المجالات، اقتصاديًا واجتماعيًا، بخلاف التضييق على سكان القطاع، حيث الصعوبات الاقتصادية، ولجوء الحركة للعنف، وكبحها لوسائل الإعلام والحريات، وهو الأمر الذي ولد استياء وخيبة أمل وخوف بين سكان غزة.

كما جعلت حماس، الحصار ذريعة ممكنة لتبرير ممارساتها القاسية بحق سكان قطاع غزة.

ولا يخفى العلاقات القوية التي تجمع حركة حماس والجهاد وإيران، ففي مايو الماضي، توجه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بالشكر لإيران التي دعمت حماس بـ”المال والسلاح والتقنيات”، وذلك في أول ظهور له بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة.

وقال هنية في كلمة متلفزة، “أوجه الشكر للذين قدموا المال والسلاح للمقاومة الباسلة، الجمهورية الإسلامية في إيران، لم تبخل عن مد المقاومة بالمال والسلاح والتقنيات”. وأضاف “ما بعد معركة سيف القدس ليس كما قبلها (..) سنحضر أنفسنا لمرحلة بعد سيف القدس بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”.

فهل تنتظر أراضي غزة والضفة أيامًا عصيبة كتلك التي شهدتها في مايو الماضي من تصاعد أعمال العنف والمواجهات وخسائر بشرية ومادية فادحة، جراء التحالف الإيراني مع حركتي حماس وجهاد بغزة؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here