الى متى تستمر مظلومية المحاسبين الحكوميين؟

الى متى تستمر مظلومية المحاسبين الحكوميين؟

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

مازال المحاسب الحكومي يعاني من الاهمال وضياع حقوق, بل لا توجد له اي رعاية حقيقية من قبل مؤسسات الدولة! وحتى نقابة المحاسبين اهملت المحاسب الحكومي من دون ان تقوم بدورها ومسؤوليتها, مع ان مكانة المحاسب مهمة جدا لدوره الرئيسي في تنفيذ الاعمال المالية, والتي تمثل العصب الاهم لكل مؤسسة حكومية, لكن تم تجاهلهم عن قصد! وبقي وضعهم من دون اي تثمين وحماية لعملهم الكبير.

بالمقابل قامت الحكومات المتعاقبة بصرف مخصصات مهنية للاختصاصات البسيطة, والتي لا تكون ذات اهمية حقيقية مثل تخصص المحاسب, ومثال على ذلك ما تم صرفه من مخصصات مهنية للمهندسين وللقانونين, مع ان ادوارهم بسيطة واستشارية فقط! بل اغلبها بطالة مقنعة ضمن دوائر الدولة!

وكذلك يستحق المحاسب الحكومي مخصصات خطورة, لان كل كيان حكومي يقوم اساسه على تواجد القسم المالي, الذي هو سبب ديمومة العمل واستمراره, ويحمل مخاطرة جسيمة, لذلك يستحق ايضا ان تصرف له مخصصات خطورة.

والحال الان هو استمرار اهمال حقوق المحاسبين والعاملين في اقسام وشعب دوائر الدولة, مع يتحملوه من المخاطر حقيقية نتيجة الاعمال المالية, قد تصل نتائجها الى حد السجن على الاخطاء المالية او الحوادث العرضية, وهذا ما لا يحصل مع الاختصاصات الاخرى, والتي صرف لها المخصصات مهنية وخطورة, والتي مهما اخطأت فلن تكون عقوبتها اكثر من العقوبات الادارية, وهنا يتضح حجم الفرق بين عمل المحاسبين وعمل باقي التخصصات.

هنا نبعث مجموعة رسائل نذكر بمظلومية المحاسبين الحكوميين, عسى ان يتغير حالهم وتسترجع حقوقهم المسلوبة.

· رسالة الى رئيس الوزراء

الى دولة رئيس الوزراء المحترم الحالي او القادم: بما ان مشروعكم اصلاح المفاسد واعادة الحقوق, وتسجيل نصر في رد المظالم واحقاق الحق, فما يعانيه المحاسبين الحكوميين يمثل وصمة عار في جبين السلطات, فكيف يتم تهميش هذه الفئة من العاملين بمؤسسات الدولة! وهم يقومون بأشد الاعمال اهمية وخطورة, لذا كان يجب ان تحفظ كرامتهم, ويكون بمأمن عن الانجرار الى منطقة الفساد, فالحاجة وضغط الحياة قد تدفع البعض لقبول الرشاوي, لذلك وجب تحصين العاملين في الاقسام المالية من هذا الداء.

وافضل الحلول هو صرف مخصصات تليق بهذا المنصب الخطير, وهو مخصصات استحقاق وليس فيها منة من احد وتشمل مخصصات مهنية ومخصصات خطورة.

· رسالة الى رئيس البرلمان

الى رئيس البرلمان المحترم: قضية تواجد فئة مظلومة وانتم موجودين على قمة الهرم التشريعي الرقابي فأكيد الكلام سيتوجه اليكم, لأنكم تستطيعون رد الحيف عن المحاسبين الحكوميين, عبر دعوة المسؤولين في وزارة المالية وسؤالهم عن سبب غياب مخصصات مهنية ومخصصات الخطورة للمحاسبين, لان عملهم ينطوي على الجنبتين وهما: اولا: الاستحقاق, وثانيا: المخاطرة, ومن مبدأ وضع الشيء في موضعه يجب صرف مخصصات مهنية وخطورة للمحاسبين الحكوميين, للحفاظ على الحقوق, وابعاد المحاسبين عن الوقوع في مستنقع الحاجة, الذي قد يؤدي الى تهلكة الفساد, فالأمر مهم جدا وممكن معالجته وبأسرع وقت خصوصا ان موازنة عام 2022 لم تقر لحد الان.

· رسالة الى قيادات الاعلام

في كل بلدان العالم يقوم الاعلام بالدفاع عن الفئات المظلومة, فيمارس الاعلاميون (وهم السلطة الرابعة كما هو معروف) ضغط اعلامي ممنهج على السلطة التنفيذية والرقابية, الى ان يصبح مشروع الاعلام عدلا تعيش بظله الفئات المحرومة (المحاسبين الحكوميين), لكن في العراق مع العدد الكبير للصحف والقنوات والاذاعات والوكالات الخبرية, لكن لا نفع منها في نصرة المظلوم, بل اغلبها مجرد ابواق للسلطة, لا تدافع عن قضايا وهموم المواطن, الا في حدود ما مسموح لها, واغلب الدكاكين الاعلامية تبحث عن المنفعة ولا تريد تعكير صفو العلاقة الحميمية مع الاحزاب والسلطة لذلك تهمل كل ما يؤذي بال السلطة, وضحية ذلك هو المواطن وهنا (المحاسب الحكومي).

وهنا ابعث رسالة الى كل اعلامي غيور ونزيه, ان يتبنى قضية المحاسبين الحكوميين, ويدافع عن حقهم المسلوب, عسى ان تسترد.

· رسالة الى نقابة المحاسبين

الهدف من وجود نقابة المحاسبين ان تمثل مصالح الفئة التي وجدت باسمهم, وان تدافع عن اهل اختصاصها, وترعى مصالحهم, وترد مظالمهم, لكن مع الاسف كانت نقابة المحاسبين في واد بعيد عن هموم المحاسبين الحكوميين, فلم تفكر في حفظ حقوقهم, ولا تتحرك في الدفاع عن كرامتهم, بل تجاهلت وتكاسلت عنهم, مع انها ضمن اساسيات تواجدها ان تدافع عنهم, لقد تحولت لكيان غير نافع لا فائدة من وجوده.

لذلك نتمنى ان تفهم نقابة المحاسبين دورها, وتحسن مواقفها, وتصبح مع المحاسبين وليس ضدهم (كما هي الان), فمن العيب الاستمرار بالخطيئة, لكن من الجميل ان يصحح الخطأ, حتى لو جاء متأخراً.

اخيرا:

يستحق المحاسب الحكومي ان تصرف له مخصصات مهنية ومخصصات خطورة, وهذا استحقاق وليس منة وفضل من احد, وما يجري حاليا هو ظلم شديد لهذه الفئة المكافحة وهي تتحمل مسؤولية عظيمة في مؤسسات الدولة, وبما ان الموازنة لعام 2022 لم تقر لحد الان, على الشرفاء التحرك وتصحيح الواقع المنحرف عن العدل, واحتساب مخصصات مهنية ومخصصات خطورة لهم وابتداء من هذا العام, عسى ان تشرق شمس العدل على هذه الارض العجيبة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here