قراءة في رواية (القابضة على الجمر) تأليف الأديبة ولاء إبراهيم حمود

قراءة في رواية (القابضة على الجمر) تأليف الأديبة ولاء إبراهيم حمود

بقلم : مجاهد منعثر منشد

الروائية الكبيرة الأستاذة ولاء إبراهيم حمود من لبنان حائزة على مرتبة الماجستير في علوم اللغة العربية , عاصرت أحداث الرواية , والتقت بشخوصها وجها لوجه , ليس ذلك فحسب ,بل هي والدة الشهيد البطل حسين تتكلم بإحساس يشعر بصدقه كل من التقاها وتحدث معها .

وهذا يعني بأن كتابتها عن رواية حقيقة حولت أحداثها المتصاعدة إلى عمل فني أي كتبت التاريخ بأسلوب أدبي .

إن عالم المقاومة والدفاع عن الأهداف والمبادئ السامية ,عالم لا يدرك جوهرة الإنسان العادي ولايشعر بطعمه من يتمسك بحطام الدنيا ,فمعرفة ذلك العالم حصرا لمن يصطفيهم الله سبحانه وتعالى إليه .

وبالطبع أول خصوم لهؤلاء الأشراف النبلاء هم الطامعون بالأرض والمنتفعين وأذنابهم العبيد ,لذا تبث السموم عنهم في وسائل الإعلام كتشويه لسمعتهم والتقليل من أهمية ما يقومون به من دور بطولي ومجد مخلد .

فرواية ( القابضة على الجمر) من سلسلة المرأة المقاومة , هو صراع مع النفس والانتصار على الشيطان بالجهاد الأكبر لتضحي بفلذة كبدها بالجهاد الأصغر , الآم تعلم بما سيحدث لولدها , والآب يعلم بأنه مسافر إلى الكويت وبعد أربعة عشرة سنة يفاجئ باستشهاده !

وعنصر التشويق حاضر , البطل أبو زينب أصغر أخوته من الأولاد يتكلم مع أمه بمشروعه ويخبرها بموافقة القيادة عليه , ليرن صوته مسامع أخته نوال فتتساقط دموعها كزخات المطر ,لتكون الشاهد الثاني ويودعهما صباحا ويرحل بسيارة أخيه إلى جنات النعيم ,ثم تتعرض المنطقة والمقاومون وأسرة أبو زينب لبطش الاحتلال الاسرائيلي وعملائه واعتقال أخيه رياض بحثا عن منفذ العملية أبو زينب , عشرات السنين شقيقه عادل يعود من السفر مع زوجته ويحذره سائق التكسي من الحديث عن أبو زينب ويبقى لا يعلم من هو أبو زينب !

الشهيد أبو زينب هيمن على قلوب اللبنانيين والمقاومين فدخل القلوب قبل المنازل , كيف ربته والدته المقاومة السيدة (أنصاف حسن العاشور)؟

كيف أخفت عمليته الاستشهادية ؟

ما هي معاناتها وهي تحاول الحصول على أذن لرؤية ولدها رياض المعتقل في سجون الاحتلال؟

ماذا أجابت شقيقات الشهيد عند سؤالهن عن سفر شقيقهن عامر إلى الكويت ؟

أم تعلم بفراق ولدها وزفرات الألم تقطع نياط قلبها لتجيب أخيه عادل بأن عامر في الكويت بخير .

تمض الأيام ويلتحق عادل توفيق كلاكش بصفوف المقاومة وينفذ عملية ,ليشن الاحتلال عملياته التعسفية ضد الأهالي وتعتقل نوال وتتعرض للتحقيق وبمجرد اطلاق سراحها ووصولها للبيت سقطت أمام والدتها وفارقت الحياة .

وهنا نلاحظ حبكة القصة فكان سماع نوال لمشروع أخيها أبو زينب مع والدته دور وانتهاء دورها بالشهادة وتركت الروائية للقارئ أن يتخيل كيف أجري التحقيق معها .

إن الروائية استخدمت في سردها أسلوب السهل الممتنع في كتابتها وبعبارات أدبية ملؤها الاحساس وجمال اللغة .

وجعلت من الأحداث دراما فنية حقيقية فحتوت روايتها على الزرع والسوق وسائل الحياة ومقومات العيش , فكانت عالم يقاوم ويستشهد لتعيش الأجيال بكرامة .ودعمت روايتها بالوثائق الخاصة بالشهيد أبو زينب الذي أعلن عن أسمه (عامر توفيق كلاكش ) بعد خمسة عشر عاما .

لقد ذكرنا أساليب الخصوم في مقدمة القراءة ,فهؤلاء لا يمكن لهم في يوم من الأيام أن ينالوا شرف الشهادة لهذا محاولاتهم مستمرة لتقليل من أهمية البطولة , وكتابة هكذا روايات مهمة جدا لتدوين تأريخ المقاومة والشهداء والمرأة التي ربة وهيأت الشهداء , وكما قال السيد حسن نصر الله : (نحن محتاجون لآن تعرف أجيالنا الكثير من نماذج الأمهات وزوجات الشهداء والأسيرات اللواتي هن قدوة ونعمة فيما بيننا … إننا أن لم نؤرخ لهؤلاء الأبطال فسوف يحولهم الكتبة المزورون مع مرور الزمن إلى قطاع طرق).

علما أن هذه الرواية تجسدت أحداثها في الفلم اللبناني ( السر المدفون ) بطولة كارمن لبس ,سيناريو وحوار رضا اسكندر ومحمود غلامي ,فريق الإخراج مهدي فخر الدين وعلا حيدر .

كل التوفيق والسداد إلى أختنا الفاضلة الأستاذة الأديبة الكبيرة ولاء إبراهيم حمود على هذا النتاج الأكثر من الرائع وننتظر روايتها الجديدة بشغف عن قمرها الشهيد البطل حسين رحمه الله وجعله شفيعها وتوفيقها في الدارين إنه سميع مجيب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here