زراعة الوعي

زراعة الوعي :
كامل سلمان
الوعي والإدراك يتم زراعته داخل العقول بعمر مبكر من حياة الإنسان ، نعم يمكنك ان تزرع ما تشاء من نباتات في الارض لأجل ان تحصد او تنال الثمر فيما بعد ويمكنك ان تزرع المعرفة والعلم لتحصد فيما بعد التطور العلمي والتكنولوجي ويمكنك ان تزرع المتفجرات في الأسواق والعبوات في الطرق لتحصد دماء الأبرياء ويمكنك ان تزرع الخوف في النفوس لتحصد الطاعة ….. كل انواع الزراعة تنطلق من نوعية المفاهيم التي يتم زراعتها في العقول وزراعة الوعي هي الزراعة الوحيدة التي يكون مردودها فيها خير للزارع و للحاصد وللناس اجمعين .
زراعة الوعي لا تتم الا بعد ان تنظف العقول من ادران الماضي و تكلسات المفاهيم البالية ، فهي زراعة تحتاج الى عقول نظيفة وتحتاج الى متابعة وعناية وجهد كبير لأن المكان الذي يزرع فيه مكان حساس وترف والخطأ فيه مكلف ومدمر ، لذلك لا مجال للخطأ .
الإنسان عاش على سطح هذا الكوكب ملايين السنين لم يكن فيه للوعي دور يذكر في حياته الا على المستوى الشخصي ، لذا لم يكن للإنسان انتقالة نوعية واضحة ولكن التحول الكبير في حياة الإنسان بدأ عندما بدأ الإنسان يفكر بزراعة الوعي داخل المجتمع فكانت القرون الاخيرة من حياة البشرية معادلة لملايين السنين من عمر هذا الكائن بملايين المرات ، وهذا يعني ان الوعي هو اعظم من كل الاكتشافات والتغيرات التي طرأت على حياة الإنسان ، بمعنى أخر لا مجال للعاقل ان لا يستقتل من اجل الوعي ، وتخلفه وابتعاده عن الوعي جريمة بحق نفسه وبحق المجتمع والإنسانية جميعا .
فما بالك مع وجود هذه الأهمية العظيمة للوعي في حياة الإنسان وبصمته الواضحة في التأثير حتى لباقي الكائنات يخرج الينا من يحارب الوعي ويقف بالضد منه لمجرد ان مصالحه تتعارض مع الوعي او اعتقادا منه ان الوعي يقف بالضد من معتقده ، ولا أدري اي معتقد هذا الذي يرفضه الوعي ، وهل ستتوفر لهذا المعتقد الفرصة للبقاء بمجرد ان يقف بالضد من الوعي ، هذا كلام لا معنى له ولا قيمة له . الوعي مارد عملاق يسحق بلا رحمة من يعترض سبيله ، فلماذا هذا الوهم ولماذا هذا الإيذاء لبني البشر على امل صد الوعي وردعه .
الحاجة الى الوعي تزداد يوميا مع تعقد سبل العيش والحاجة الى الوعي تقترب من نقطة تكاد تكون حاجة إلزامية ، وعندما يصبح الوعي حاجة ملحة وإلزامية عندها سندرك كيفية الحصول على الوعي ومصدر الحصول على الوعي وهذا لا يوفره الا العلم وهنا ستتساقط الاحجار التي كانت جاثمة على صدور الناس لألاف السنين وستنهار منظومات التخلف والدجل التي كانت راسخة في العقول ، لكن هناك فارق كبير بين ان تسعى انت للوعي او تنتظر اجبارا دخول الوعي الى عقلك وهذا الفارق هو من عمرك ومن عافيتك وعمر وعافية ابناءك وابناء المجتمع .
الإنسان الذي يعرف أهمية وقيمة الوعي يكون مستعد ان يدفع حياته ثمنا من أجل الحصول على هذا المفتاح لأبواب السعادة والخير ، والإنسان الذي يجهل أهمية وقيمة الوعي مستعد أن يدفع حياته ثمنا لأبعاد الوعي عن عقله والفرق إن الإنسان الاول يبحث عن معنى لوجوده ويبحث عن اسرار السعادة ويبحث عن إضافة طعم لحياته بينما الثاني يفتقر لكل هذه الأشياء .
القوى الشريرة هي القوى الوحيدة التي تمنع وصول الوعي الى عقول الناس وهدفها واضح هو أبقاء سبل الشر مفتوحة ومتداولة للأشرار ، لأن قوى الشر أدرى بأن الوعي سيغير طبيعة الإنسان رأسا على عقب ، فالوعي لا يرضى الا بالحرية الكاملة للإنسان ، والوعي يرفض وجود اصحاب العقول الشريرة متعايشة بين الناس ، والوعي تبيان لقيمة وكرامة الإنسان الحقيقية والوعي يعني الشجاعة يعني القرار يعني الإرادة . فمن يحرم نفسه وعياله ومجتمعه من الوعي فلا وعي له .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here