لأن الثقة والمصداقية معدومة

لأن الثقة والمصداقية معدومة
منى سالم الجبوري
ليس هناك مايدعو الى إعتبار الاخذ والرد غير الواضح بين واشنطن وطهران فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني في سياق الاتصالات السرية الجارية بين الطرفين ضمن محادثات فيينا، بأنها بمثابة مسار إيجابي من شأنه أن يفضي الى نتيجة مثمرة، وإنما هو أشبه مايکون بحالة ضبابية وحتى بمثابة حوار الطرشان!
التعارض والتناقض بين المطالب والتوجهات العامة والخاصة للطرفين في الخط العام لمحادثات فيينا وإزدياد إتساع فجوة الخلافات بينهما مع مرور الوقت أکثر من السابق، يٶکد بأن عامل الثقة يکاد أن يکون معدوما وإن کل طرف يسعى من أجل الإيقاع بالاخر وبشکل خاص النظام الايراني الذي يسعى من خلال إدراکه للسعي الحثيث من أجل التوصل لإحياء الاتفاق النووي، بأن يستغل ذلك مثلما قام بإستغلال الرئيس الامريکي الاسبق أوباما وقام بإبرام إتفاق يميل لصالح طهران في خطه العام.
أکثر مايلفت النظر في الطريقة والاسلوب الذي إتبعه ويتبعه النظام الايراني في محادثات فيينا منذ الجولة الاولى منه ولحد يومنا هذا، هو إنه يسعى لمشاغلة مفاوضيه بأمور ومطالب هي غير تلك المطروحة بصورة رئيسية على طاولة البحث، وهذا الامر قد تم التنويه عنه والاشارة له لمرات عديدة ليس من جانب الولايات المتحدة فقط وإنما حتى من جانب الوفود الاخرى المشارکة في محادثات فيينا، وحتى إنه وبهذا السياق قد تم توجيه الکثير من الانتقادات اللاذعة للنظام الايراني لسعيه من أجل حرف المحادثات عن سياقه الصحيح والاصلي وإشغالها بنقاط وأمور جانبية مستجدة وطارئة فيه نظير إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الارهابية الدولية.
إدارة بايدن التي تجد نفسها في وضع وموقف لايمکن أن تحسد عليه وخصوصا وإنها تعلم جيدا بأن النظام الايراني إضافة الى عدم الثقة به وبنواياه، فإنه وفي عهد هذه الادارة قد أصبح أسوأ بکثير مما کان عليه خلال عهد إدارة أوباما، وليس من السهل أبدا المراهنة على إبرام إتفاق معه مالم يتمکن الاتفاق من حصر هذا النظام في زاوية ضيقة بحيث لايبقي له من مجال سوى الاذعان لتنفيذ إلتزاماته، لکن المشکلة التي يبدو إن إدارة بايدن تتغافل عنها بقصد أو بدون قصد هي إن النظام الايراني من المستحيل أن يتخلى عن طموحاته المحمومة من أجل الحصول على الاسلحة النووية وبشکل خاص خلال هذه الفترة وهو يجد أمامه إدارة أمريکية تسعى بکل الطرق لمغازلته والسعي من أجل إرضائه للتوصل للإتفاق، وإن النظام الايراني المعروف بإستغلاله لنهج مسايرته وإرضائه المتبعة من جانب الغرب، وبعد عهد ترامب الذي أرهقه الى أبعد حد، فإنه سيقوم ومن دون شك بالسعي من أجل ممارسة الضغط”الاقصى” على بايدن والدول الاوربية حتى يخرج من”مولد” محادثات فيينا بحمص أکثر من ذلك الذي خرج به في الاتفاق النووي للعام 2015!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here