المشاريع الإصلاحية العراقية

المشاريع الإصلاحية العراقية، نعيم الهاشمي الخفاجي

اعتدنا بالعراق نسمع إطلاق مبادرة اصلاحية بين فترة وفترة لإنقاذ الوضع السياسي والخدمي والمعيشي للشعب العراقي، غالبية المبادرات يطلقها ساسة وبعض المبادراة تم تخصيص مبالغ ضخمة لها من ميزانية الدولة العراقية وتم تشكيل هيئة في اسم المصالحة، وعقدت مئات الاجتماعات العشائرية لتوقيع ميثاق شرف، تم توقيع الميثاق مع ناس يفتقرون للشرف، لم يجف حبر توقيع الميثاق وبعد مضي شهرين تم الغدر في أبناءنا من طلاب القوة الجوية وأفراد من القوات الامنية في تكريت ومن قبل شيوخ وأفراد عشائر عربية وقعت على مثاق الشرف، يتم قتل الضباط والجنود والطلاب الشيعة وإطلاق سراح الضباط والجنود السنة، في قضية جريمة سبايكر، تصوروا اعطوا الضحايا عهد شرف لإيصالهم إلى بغداد لكنهم لم يوفوا بعهدهم.

تم إطلاق مبادرات من ساسة المكون الشيعي العراقي مثل حكومة الوحدة الوطنية وحوار الطاولة المستديرة، وحكومة الاغلبية الوطنية وبعدها الاغلبية السياسية، وحكومة الاستحقاق الانتخابي، مبادرة انبارنا الصامدة ….الخ.

كل هذه المبادرات لم تأتي بنتيجة فعليه في إيجاد تفاهم سني شيعي كوردي إلى إنهاء الصراعات والكف عن الاستقواء بالمحيط البدوي الطائفي وبالقوة الكبرى من خلال الرشاوي السعودية والخليجية والعربية والتركية التي تستهدف المكون الشيعي العراقي، رحم الله المواطن الأمريكي هنري فوستر كتب اطروحة دكتوراة أسماها في نشأة العراق الحديث وفي عام ١٩٣٢ اي بعد ولادة العراق الحديث في ١١ سنة فقط حدد وأشار إلى تقصد بريطانيا وفرنسا في دمج السنة والشيعة والاكراد بالعراق بدون عمل دستور ينظم ويضمن مشاركة المكونات الثلاث في الحكم ليبقى العراق يعاني من صراع قومي مذهبي ليبقى دولة فاشلة يمكن السيطرة عليها من قبل المستعمر.

شيء عظيم تجد مواطن أمريكي وبعد ولادة الدولة العراقية الحديثة في ١١ سنة فقط يعلمنا ويخبرنا تقصد بريطانيا وفرنسا دمج المكونات الثلاث ليبقى العراق دولة فاشلة يسهل السيطرة عليها، ومن العار تجد الغالبية الساحقة من أبناء المكون الشيعي العراقي لايعرفون حقيقة وجود الصراع القومي والمذهبي رغم قتل الملايين وتهجير الملايين وعمليات الاضطهاد من ابناء المكون الشيعي العراقي، بيئتنا الشيعية العراقية تعرضت للظلم والاضطهاد طيلة قرون من الزمان لذلك نشأت عندهم طبقات سياسية لاتفرق بين الصديق والعدو، بل والكثير منهم يشعر بعقدة العبودية والدونية، هذه العقدة السيئة سببها اضطهاد فترات زمنية طويلة للأسف.

أنا شخصيا متضرر من نظام صدام الجرذ ومتضرر من رفاق دربي من ساسة مكوننا الشيعي الذين حكموا البلد بعد سقوط نظام البعث بسبب سذاجة وجهل الكثير منهم في كيفية إدارة الدولة والتصدي للقوى البعثية الوهابية الإرهابية، رغم كوني متضرر لكنني اتابع مايحدث في بلدي وواصلت الكتابة وحذرنا وكشفنا نشاط جهات سياسية متورطة مع العصابات الإرهابية، لايوجد شيء اسمه قاعدة وداعش وفيلق عمر وثوار العشائر ….الخ من المسميات وهم في الحقيقة كل هذه المجاميع الإرهابية واجهة لدولة البعث الساقطة ولابناء المكون البعثي السني دون غيرهم، كل الارهاب وقع ضمن مناطق حواضن فلول البعث، كل الانتحارين وقادة المجاميع الإرهابية هم من ابناء المكون البعثي السني، كل مناطق السنة كانت مكان لمعامل تفخيح العبوات الناسفة وصناعة الاحزمة وبها مضافات تستقبل الانتحاريين القادمين من خارج العراق وداخله، لايمكن وقف الإرهاب واعادة هيبة الدولة بدون إيجاد حل داىمي ينهي الصراع القومي المذهبي وبعدها يتم بناء مؤسسات الدولة والشروع في الأعمار.

خلال متابعاتي لما يكتب من طرح افكار، احد الاخوة كان يعمل بحكم قرابة مع ساسة العراق الحاليين يعمل مستشار في رئاسة الحكومة، الرجل يتبنى مشروع إصلاحي ونحن نبارك كل شخص يطالب في الإصلاح ولا يعني أننا معه ابدا، في كل مايطرحه هو او غيره، لأن غالبية أصحاب المبادرات الإصلاحية مبادراتهم لاتوفي الغرض وإنما حلول ترقيعية وليست حلول دائمة تنهي اصل الصراعات، كتب هذا الأخ بصفحته مايلي( ‏من أهم عيوبنا كثرة الانتقاد والتذمر وبث الطاقة السلبية بحيث أصبحت منشوراتنا في أغلبها تثير اليأس والقنوط، برأيكم ما سبب ذلك

هل لأننا كأفراد لم نتلق التربية الأسرية والمدرسية الصحيحة، أم لأننا كمجتمع دخلنا في أزمات وحروب دورية وإرهاب، أم أن الدين والعرف له أثر كبير في توجيه حياتنا).

انتهى

أقول أن الانتقاد حالة ايجابية، إذا وجدت ناس او جماعة تنتقد نظام فهذا دليل على وجود هامش من الحرية، العراق ساحة للصراعات الدولية بأدوات عراقية لذلك ليس كل من انتقد هدفه الإصلاح ابدا، مضاف لذلك ‏‎مانراه ونسمعه من الأمور التي يتحدث بها المغردين او ما نسمعه من اقوال القنوات الفضائية والصحف في المجتمع العراقي، فمايتم كتابته ليس من عالم اسطوري وردي غير موجود، إن كل ما يكتب وماينشر هو انعكاس للواقع، بلد يعاني من صراع قومي ومذهبي وغني بالموارد والثروات اكيد توجد بها الكثير من الازمات، بين الأطراف المتصارعة، التي لها دور اساسي في محاربة كل طرف للطرف الآخر.

لاعلاقة بالتربية الإسلامية بل من اساسيات القواعد الاخلاقية الاسلاميه زرع روح الأمل والتفائل بالخير وليس زرع روح اليأس والاحباط، الازمات التي تقع بالعراق هي حلقات من سلسلة طويلة تدار من قبل جهات دولية كبرى، وتدار من ناس متخصصين باثارة الازمات فالتفائل معدوم او اشبة بالمعدوم بالعراق، بل بيوم سقوط نظام صدام الجرذ الهالك تم منع ضحايا صدام الجرذ من الفرح والاحتفال بزوال هذا العتل الزنيم، مانراه بالعراق صراعات دولية بايادي عراقية مذهبية وبعثية طائفية وقومية،

الكثير ممن ‏‎ينتقدون لكن دون التفكير في العمل على التصحيح حتى لو فقط بابداء الاقتراح للتعديل، النقد هو تقبيح كل حسن وتجميل كل قبيح بما بها تحسين حقبة حكم صدام الجرذ الهالك، الأمور التي ذكرها الأخ الاصلاحي

‏‎كلها مجتمعة، وربما هو يخجل من قول كلمة الحق اضيف له ان الفسيفساء المجتمعية القومية والمذهبية باتت نقمة وليست نعمة بالوضع العراقي أسوة بالنقمة الأخرى في اغلب المجتمعات في الدول العربية التي تتكون من خليط عرقي وديني غير مستقرة مثل ماحدث في السودان ورغم الحروب الطويلة وانفصل الجنوب لازالت مكونات أخرى تطالب بالاستقلال، لننظر للوضع السوري تم حرمان المواطن الكوردي من حق تملك جنسية سورية طوال مائة عام، لذلك عندما حاول بشار الأسد إصلاح ذلك ومنحهم جناسي لم تعد لها فائدة بظل قدوم قوات اطلسية احتلت مناطق من سوريا بل أصبح الكثير منهم ينفذون مشاريع الدول الاطلسية، لولا الخلاف القومي والمذهبي بالعراق وسوريا والسودان واليمن لما سالت كل هذه الدماء.

‏‎(الانتقاد والتذمر والطاقة السلبية واليأس والقنوط ) وأضف لها الجهل وحملات التجهيل والفقر والمرض والقائمة تطول لان الاحزاب الفاشلة والعصابات البعثية الوهابية وبدعم دولي واقليمي جعلت المواطن العراقي يعيش حالة ضياع وظلم وقهر، سوء الإدارة وغلبة لغة الرشوة والمحسوبية جعلت الوضع بائس ……الخ

‏سئل الفيلسوف العظيم الامام علي (ع) ما يفسد القوم يا أمير المؤمنين قال، ثلاثة وثلاثة (وضع الصغير مكان الكبير، وضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة،فويل لأمة مالها عند بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها ولائها).

بعد مضي أكثر من ١٩سنة على سقوط نظام صدام الجرذ الهالك ورغم وقوع كل هذه الكوارث، وثبت استحالة بناء تواليت صحية صالحة للاستعمال مع ساسة فلول البعث، لكن لازال غالبية ساسة المكون الشيعي يعيشون في غفلة ولازالوا يعتقدون انهم يسيرون في الاتجاه الصحيح رغم فقدانهم لغالبية حاضنتهم الجماهيرية، ‏السبب الرئيسي لفشل ساسة المكون الشيعي العراقي في الحُكم ليس فقط فقدانهم برنامج واقعي للسلطة مع شركاء الوطن، لأنهم للأسف قبلوا بتشكيل حكومات محاصصاتية مع شركاء لايؤمنون بعراق يحكم من خلال الصندوق الانتخابي، وخاصة الاراذل من ساسة المكون البعثي الطائفي، البزاز كان صريحا عندما أبلغ محمد الحلبوسي نشارك بالحكومة لاسقاط هيبتها وشل عملها، ومن المؤسف ان ساسة الأحزاب الشيعية التي كانت موجودة قبل إسقاط نظام صدام الجرذ يبحثون دائما عن (دور الضحية) ليعيشوه حتى بعد صعودهم للمُلك ولقيادة البلد، تصوروا من يملك السلطة التنفيذية وقائد عام للقوات المسلحة لايستطيع الطلب من الشعب مساعدته في المطالبة في إعدام الذباحين، ولايستطيع تاديب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش مثل عامر الهاشمي الذي كان يغتال الضباط الشيعة العاملين بوزارة الدفاع ومن ضحاياه اللواء الركن الشهيد صباح الازيرجاوي، الذي يترأس رئاسة الوزراء وقائد عام للقوات المسلحة من العار لايستطيع فتح ملفات الساسة البعثيين المرتبطين بالارهاب، مهمة رئيس الوزراء تأديب المتآمرين وليس جمع ملفات فساد وملفات ارهاب، من المؤسف كان أحدهم يتوقع انه من خلال الانتخابات بمرور الزمن يستطيع محاسبة المتورطين بالارهاب ولم يحسب بحساباته يتم عمل مؤامرة داعش وتسليم المناطق السنية لداعش الواجهة الحقيقية لفلول البعث ومساعدة زعيم حزبي قومي….، داعش كانت انقلاب لكن المرجعية الشيعية افشلت محاولة الانقلاب، لكن هل اتعظ هؤلاء من ماحدث بجريمة تسليم الموصل من قبل شركاء الوطن، بالتأكيد لا، انا شخصيا عندما أكرر ذكر حقيقة ماحدث واسمي الأسماء في مسمياتها عندي يقين ساسة احزابنا الشيعية يكنون لي الحقد والعداء اكثر من عداء فلول البعث وهابي لي، من المؤسف دائما ساسة المكون الشيعي يندبون حظهم العاثر ويلعبون دور الضحية العبد الذليل، اقول لهؤلاء الفاشلين، الناس تتعاطف مع الضحية في أي وقت لكن الناس لن تتعاطف مع هؤلاء الساسة إذا اصبحوا هم من يقودون البلد، يا اخوان كفوا عن لعب دور الضحية من فصيلة العبيد وكونوا شجعان لديكم جماهير مليونية مضحية مستعدة لسحق رؤوس فلول البعث.

‏دور الضحية يتم لعبه بزمن تكون معارض لنظام قمعي لكن هذا الدور لايصلح، لكنه لا يصلح وانت في الحُكم، لعب دور الضحية مفيد للحشد الجماهيري وكسب تعاطف غالبية الناس من ابناء المكون الذين يحسنون الظن بهذا السياسي الذي يلعب دور الضحية، لكن تلعب دور الضحية وانت حاكم وخانع أمام رؤوس فلول البعث هذا الخنوع يمس مصالح البسطاء بشكل مباشر ويجعلهم مشاريع للقتل والحرمان، وفي نهاية المطاف لعب دور الضحية مع الجماهير وأنت حاكم وتملك كل مقومات القوة والسلطة تنقلب بشكل عكسي على هذا الحاكم وتبريراته لا تقنعهم بل يؤدي لاحتقار الناس لهذا السياسي الحاكم، وكراهيتهم له وينظرون له نظرة انسان غبي وجبان وديوث، الذي يملك جماهير مليونية قدوتها الإمام الحسين ع ولايستطيع الاستفادة من هذه الجماهير المليونية فهو مغفل وفاشل لايستحق ان يكون فراش وليس حاكم وزعيم، فحل التوت هيبة لكن لا فائدة منه، كشخة ونفخة فقط.

اول خطوة نحو الإصلاح لنعترف بوجود خلاف مذهبي قومي يعاني منه الشعب العراقي، إذا اعترفنا بوجود الصراع تسهل عملية إيجاد حلول دائمة تنهي الصراع المذهبي والقومي إلى الأبد وتبدأ بعدها مراحل بناء الدولة والاستقرار ومشاركة الجميع في إدارة البلد بدون تهميش وإقصاء.

في الختام ‏تسخيف نظرية المؤامرة هو أكبر مؤامرة، التسخيف والاستهزاء بنظرية المؤامرة هدفه نشر الجهل بين الناس حتى لا يعرفوا عدوهم الحقيقي الذي يتآمر ضدهم، بأختصار لكي يبقوا مغفلين وسذج، نحن كمكون شيعي عراقي نتعرض لكل صنوف وأنواع الحروب الناعمة تقوم بها أجهزة مخابرات دولية وإقليمية ورصدت لها أموال بالمليارات من دول الخليج، قبل عدة أيام دخلت إلى صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي في اسم المرجع العربي، دخلت واذا بها إلى الصرخي وجدت أمراء خليجيين وأميرة سعودية تدفع جوائز سيارات فارهة لمن ينضم إلى مجموعة الصرخي.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

1/5/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here