بعد تصنيف البنك الدولي «المتفائل» .. هل يحول العراق الوفرة المالية إلى اقتصاد مستدام؟

يجني العراق من ارتفاع أسعار النفط أموالا تُقدّر بمليارات الدولارات، لكن رغم الوفرة المالية التي تعد بـ «فرصة تاريخية» لتحسين وضعه الاقتصادي العام، لا يزال يعاني في مختلف المجالات، ودون استغلالها في تحريك عجلته الاقتصادية من خلال وضع استراتيجيات وبرامج تنموية.

وحالت الخلافات السياسية في البلاد، وتأخر تشكيل الحكومة، منذ إجراء الانتخابات النيابية في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، دون إقرار موازنة مالية للبلاد، في ظل تدفقات نقدية كبيرة.

في هذا الإطار، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد، إن «وزير المالية علي علاوي، قدّر الوفرة المالية التي ستتحقق بسبب عوائد النفط العالية في نهاية السنة المالية 2022 بـ 26 مليار دولار».

وأضاف محمد، في تصريح  أنه «لو كانت هناك موازنة عامة فإن سد النفقات بكل أشكالها – التشغيلية والاستثمارية – وحتى العجز الافتراضي يُغطى من هذه الوفورات والفائضات، وما يتبقى يذهب إلى صندوق ثروة سيادي أو صندوق سيادي».

وأضاف مستشار الكاظمي، أن ه«على الرغم من عدم وجود موازنة، لكن السياسة المالية الحكومية تبدو واضحة في هذه المسألة، فالفائضات أو الوفورات ستكون على اتجاهين؛ الأول هو التصدي لمشاكل الفقر والبطالة عن طريق دعم البرامج الاجتماعية سواء الرعاية الاجتماعية أو البطاقة التموينية أو دعم المزارعين وغيرها».

أما الاتجاه الثاني – وفق محمد – فهو «البدء بمشاريع كبرى لاسيما المشاريع المدرة للدخل والمشغلة للعمل، لأن هناك توقف كبير لأكثر من 6 آلاف مشروع أقر ولا يزال متلكئاً، وهي مسجلة عند وزارة التخطيط، فمن الممكن أن توضع الأولويات وتستخدم هذه الوفورات بدقة عالية وعقلانية كبيرة دون تبذير، مع التأكيد على أهمية أن تخلو هذه المشاريع من الفساد، لتكون للعراق فرصة في تحقيق قفزة في الوضع الاقتصادي العام».

وصنّف البنك الدولي، العراق ضمن أولى الدول الأعلى نمواً في الناتج المحلي، للعام الحالي.

وفرة تقابلها أزمة

من جهته أكد المختص في إدارة الأزمات الاقتصادية علي جبار الفريجي، أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام عالميا له تأثير ايجابي في مسألة زيادة الوفرة المالية، إلّا أن هناك في المقابل أزمة عالمية كبيرة في الطاقة والأمن الغذائي، فهناك ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، والعراق يعتمد على الاستيراد بنسبة تتجاوز 85%، مما يعني أنه سيدفع فاتورة الارتفاع في معدلات أسعار المواد الغذائية.

وأضاف في تصريح، أن «العراق أمام مشكلة كبيرة جدا في معدلات استيراد الطاقة الكهربائية والغاز والمشتقات النفطية التي تتجاوز فاتورتها 8 مليار دولار سنويا، وهذه سيدفعها العراق من الفائض المالي».

ولفت إلى أن «هناك جانبا غائبا في عملية الإدارة الاقتصادية للدولة العراقية، وهي مسألة إمكانية استثمار الفائض المالي في مشاريع من الممكن أن تدّرُ أرباحاً أو عائداً إضافياً إلى الدولة، منها مصانع المشتقات النفطية التي من ممكن أن تعوّض أو تخفّض فاتورة استيراد المشتقات النفطية من خارج العراق، وأيضا اعتماد العراق على السوق المحلية لإنتاج المشتقات النفطية التي من الممكن تصديرها، وهذا يكون عائدا».

ومع ارتفاع أسعار النفط يحقق العراق مكاسب مالية كبيرة شهريا، فعلى سبيل المثال أعلنت وزارة النفط تحصيل أكثر من 10 مليارات و600 ألف دولار، من بيع 100 مليون برميل، الشهر الماضي.

ويعتمد العراق بنحو 90% على مبيعات النفط الخام لتعضيد الدخل القومي يقابلها غياب شبه تام للصناعات الوطنية والمحلية وتعثر الكثير من المشاريع الاستثمارية التي إذا ما استكملت ستسهم في تخفيف الضغط على اقتصادها الريعي.

صندوق سيادي استراتيجي

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى اكرم، أن العراق أمام فرصة تاريخية باستغلال الوفرة المالية التي تقدر بما لا يقل عن 30 تريليون دينار (أكثر من 20 مليار دولار).

ويوضح حنتوش في تصريح  أن «لدينا ما يقارب من 9 آلاف مشروع في العراق، لكن العمل في 7.5 منها ما زال خجولاً، كميناء الفاو، والبعض الآخر متوقف أو متلكئ، وبهذه الوفرة نستطيع وضعها في صناديق استثمارية سيادية استراتيجية (صندوق سيادي استراتيجي) لدعم المشاريع الاستراتيجية في العراق».

ويتابع «ونستطيع من هذا الصندوق ومن خلال الموازنات المقبلة، استمرار العمل في هذه المشاريع الـ9 آلاف، بينها ألف مستشفى وألف مدرسة وبينها ميناء الفاو، وغيرها من المشاريع الكبيرة، وضمان عدم توقفها كما حصل في السنوات السابقة بسبب عدم توفر الأموال الكافية لإنجازها».

صندوق دعم الاستثمار

ويكمل الخبير الاقتصادي، أن «العراق بحاجة إلى جزء من الوفرة المالية، تذهب إلى صندوق دعم الاستثمار، فإن المستثمر في العراق يعاني، فلا يوجد طريق صناعي أو تجاري ولا مدينة صناعية أو تجارية والبنية التحتية صفر، فضلا عن عدم توفر محطة كهربائية مدعومة، فهيئة الاستثمار لا تملك صندوقا، لذا من الضروري إنشاء صندوق استثماري لدعم الاستثمار في العراق وتفعليه».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here