بمساعدة واشنطن.. الاحتلال يستهدف منظمات المجتمع المدني الفلسطينية

رمضان وهدان

منعت إسرائيل اثنين من نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين البارزين من السفر الأسبوع الماضي بينما كانا في طريقهما لحضور المنتدى الاجتماعي العالمي في المكسيك، مما أثار احتجاج النشطاء.

وكانت سحر فرانسيس، وهي مواطنة فلسطينية من إسرائيل، قد حددت موعد صعودها على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأميركية في 30 إبريل/نيسان من تل أبيب إلى ميامي، ثم إلى المكسيك، عندما أبلغها أمن المطار بأنها لا تستطيع ركوب الطائرة بسبب تأشيرة غير صالحة.

ووفقا لفرانسيس، اتصل وكلاء شركة الطيران بالسفارة الأميركية وقيل لهم إن فرانسيس لا تستطيع أن تستقل الطائرة، ولم يسمح لها بدخول الولايات المتحدة.

وقالت فرانسيس لصحيفة ميدل إيست آي: “كان كل ذلك على الرغم من أنني نجحت في اجتياز حاجز الأمن الإسرائيلي دون أي مشاكل، وحصلت على تأشيرة صالحة لدخول الولايات المتحدة، والتي تنتهي في إبريل/نيسان 2023”.

“لم أعلم قط قبل ذلك الوقت أنني منعت من دخول الولايات المتحدة، أو أن تأشيرتي ألغيت”.

وقبل ذلك بيوم واحد، في 29 نيسان/أبريل، كان أًبُي عبودي، الزميل الفلسطيني الأمريكي لفرانسيس، يحاول عبور الحدود البرية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، عندما أعاده المسؤولون الإسرائيليون.

وقال عبودي عبر تويتر إنه على الرغم من محاولاته المتعددة للحصول على تفسير حول سبب منعه من الخروج من البلاد، رفض كبار المسؤولين الإسرائيليين تقديم إجابة له.

وأضاف “بصفتك فلسطينيا، فليس لك أي حقوق في نظر #إسرائيل العنصرية. حتى لو كنت تحمل جنسية أمريكية”.

وتابع: “إن جميع انتهاكات حقوق الإنسان هذه لن تحدث لولا تواطؤ الحكومات والمسؤولين الذين يرفضون محاسبة إسرائيل دولة الفصل العنصري على جرائمها. هذا النفي لن يخيفني وسنواصل العمل”.

تصعيد القمع

وفرانسيس وعبودي هما مديرا مجموعة “الضمير” لحقوق السجناء الفلسطينيين، ومركز بيسان للبحث والتطوير، على التوالي.

هاتان المجموعتان هما من بين ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية أعلنت إسرائيل أنها “منظمات إرهابية” في العام الماضي.

وعلى الرغم من النداءات المتكررة من قبل الجماعتين لتقديم أدلة تدعم مزاعمها، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تقم بذلك حتى الآن.

ومنذ التحرك في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استهدفت إسرائيل عددا من الجماعات وموظفيها، بما في ذلك قرصنة واستهداف عددا من الناشطين العاملين مع المنظمات ببرنامج التجسس بيجاسوس، بمن فيهم عبودي، وحبس رئيسة لجان إتحاد المرأة الفلسطينية، التي حكمت عليها محكمة عسكرية إسرائيلية بالسجن 16 شهرا.

وفي يناير/كانون الثاني، قررت الحكومة الهولندية وقف تمويل “إتحاد لجان العمل الزراعي”، وهي مجموعة أخرى من الجماعات الست التي تستهدفها إسرائيل. وعلقت المفوضية الأوروبية أيضا تمويل مشاريعها في جمعية النساء والأطفال والنزاع المسلح وهي جماعة حقوقية.

ووفقا لفرانسيس، فإن حظر السفر المفروض عليها وعبودي ليس صدفة، وهو جزء من جهود إسرائيلية أوسع لمواصلة قمع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والناس الذين يعملون في القطاع.

وقالت فرانسيس لـ”ميدل إيست آي” “نعتقد أن ذلك يرتبط ارتباطا مباشرا بالمنتدى الاجتماعي العالمي”.

وأضافت “كنا نستعد علنا للغاية لهذا، وكان من المفترض أن نشارك في ورشة عمل بالأمس حول المراقبة، واستخدام البيجاسوس، والهجمات ضد المجتمع المدني من فلسطين في مختلف أنحاء العالم”، “كان هذا هو المحور الرئيسي للوفد: ما نواجهه نحن المجتمع المدني الفلسطيني تحت الاحتلال”.

وأوضحت أن الحكومة الإسرائيلية تسن سياسة “المضايقة المستهدفة” للمدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان، وتحاول أن تخنق المجتمع المدني الفلسطيني ببطء.

وتابعت: “كنا نتوقع أنهم [إسرائيل] سينتظرون حتى تهدأ الأمور بعد التعيين، فيتوقف الناس عن الالتفات إلينا. كنا نتوقع أن يضربونا في حين لم يكن أحد يتوقعه، وأضافت أنها هي وعبودي سافرتا في أواخر مارس دون أي مشاكل”.

وحذرت من أن إسرائيل ستبدأ ببطء، بدءا من “حرمان الناس من السفر، ثم القبض علينا، ومداهمة مكاتبنا، والاستيلاء على ممتلكاتنا، وإغلاقنا تماما”.

وأردفت:”إنهم يريدون أن يعذبونا، ويعتمدون على حقيقة مفادها أن البنوك وغيرها سوف تتخذ في غضون بضعة أشهر تدابير ضدنا. وهذه هي إستراتيجيتهم”، مضيفة ‘نحتاج إلى عمل ملموس، وليس بيانات فارغة’.

أحد الجوانب الأكثر إزعاجا لحظر السفر المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة، وفقا لفرانسيس، هو أنه يبدو أنه يشير إلى أن حكومة الولايات المتحدة ربما تتخذ إجراءات وفقا لتصنيف “الإرهاب” الذي وضعته إسرائيل للجماعات وهو ما أنكره البيت الأبيض بشدة في الماضي.

ومنذ رفض صعودها إلى الطائرة المتجهة إلى ميامي الأسبوع الماضي، قالت فرانسيس إنها وجماعات الدفاع التي تدعمها لم تتلق أي إجابات من الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بتعقيدات تأشيرتها المزعومة.

وقالت فرانسيس”في المؤتمر الصحفي الأسبوعي لوزارة الخارجية يوم الأحد، سأل صحافي عن قضيتي وأوباي، وكان الرد الذي قدمه المسؤول غامضا للغاية – وادعوا أنه مسألة تأشيرة فردية وأنهم لا يستطيعون التحدث عنها علنا،”.

وفي وقت الإعلان في أكتوبر/تشرين الأول، أفادت بعض التقارير أن الحكومة الإسرائيلية زودت البيت الأبيض بأدلة مزعومة لهذه التسميات، على الرغم من أن إدارة بايدن رفضت إقرار أو إدانة القرار علنا، لكنها تؤكد أنها لم تتخذ أي إجراء ضد هذه الجماعات.

الآن، فرانسيس تخشى أن ذلك ليس صحيحا.

وأكملت: “قالوا إنهم لم يتخذوا أي تدابير ضد المنظمات الست، ولكن من قرر حظري ولماذا؟ لا أعرف الإجابة بعد، لكنني أعتقد أنها مرتبطة بالتسمية”.

وواصلت: “لا أستطيع أن أرى أي سبب آخر لحظرها من الولايات المتحدة، وخاصة لأنني سافرت عدة مرات إلى الولايات المتحدة، وكانت المرة الأخيرة في أواخر عام 2018”.

وحثت فرانسيس الولايات المتحدة على اتخاذ موقف أوضح بشأن تسمية إسرائيل للمجموعات الست، قائلة إن البيانات الغامضة والفارغة لن تشكل سوى المزيد من المخاطر على المنظمات والعاملين فيها.

وأشارت إلى “أن عدم ممارسة ضغوط جادة وذات مغزى على إسرائيل لحملها على إلغاء قرارها، سوف يشكل خطرا كبيرا علينا”، ثم أضافت أن الدول الأوروبية لابد وأن “تظهر علنا دعمها لجماعاتنا، وأن تتعهد بالاستمرار في تمويلنا.

واختتمت “ولهذا السبب يتعين على الدول أن تتعامل بجدية مع هذه التحركات، فليس من الكافي أن تكتفي بإصدار بيانات فارغة”.

 

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here