جدل بشأن انضمام فنلندا الى حلف الناتو!

جدل بشأن انضمام فنلندا الى حلف الناتو!

يوسف أبو الفوز

عن طريق الشعب البغدادية عدد يوم10 آيار 2022
يجمع الكثير من المراقبين على ان اعلان فنلندا، لطلبها الانضمام الى حلف الناتو أصبح وشيكا وأمرا واقعا، وانه يخضع للمسات الأخيرة، فالجميع في البلاد يتحدث الان عن التغيير الكبير في البيئة الأمنية في أوروبا واستطلاعات الراي تعكس ميل الشارع الفنلندي لطلب الانضمام. والمتابع يلاحظ كيف راحت الدبلوماسية الفنلندية تنشط، سواء عن طريق وزير خارجيتها بيكا هافستو(الخضر) أو رئيسة الوزراء سانا مارين (الاشتراكي الديمقراطي)، لإجراء اللقاءات مع قادة دول العالم للحصول على ضمانات امنية دولية للفترة الحرجة، من تاريخ تقديم الطلب المتوقع في مؤتمر الحلف في مدريد نهاية حزيران القادم، حتى نيل العضوية، والتي عادة تستغرق ثلاث شهور حتى 12 شهرا، وذلك تحسبا من إجراءات انتقامية ما من الجانب الروسي، سواء بالهجوم العسكري المباشر، او هجوم اليكتروني، او اعمال تخريبية.
النقاشات في مجلس النواب الفنلندي، مستعرة، من يوم بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وزادت حدتها، بعد تقديم وزارة الخارجية الفنلندية، كتابها الأبيض، الذي احتوى تقييم الوضع الأمني واحتمالات الانضمام لحلف الناتو. وحسمت غالبية الاحزاب الفنلندية، في الحكومة والمعارضة موقفها في اعلان دعمها طلب عضوية الناتو لو تم تقديمه رسميا. واعلن ساولي نينستو رئيس الجمهورية (الاتحاد الوطني الفنلندي)، بانه سيعلن موقفه قريبا، وينتظر المراقبون الأيام القادمة اعلان موقف حزب اتحاد اليسار ورئيسة الوزراء سانا مارين وحزبها الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار)، وسبق لحزب الائتلاف الوطني المعارض (يمين تقليدي) ان دعا للانضمام إلى الناتو منذ عام 2006 ، وفي نيسان أعلن حزب الفنلنديين الحقيقيين المعارض ( يمين متطرف) دعمه لطلب الانضمام إلى الناتو، وقالت رئيسة الحزب الفنلنديين ريكا بيرا إن مجلس حزبها صوت بـ 61 مقابل 3 لصالح العضوية.وفي الشهر الماضي أيضًا ، اعلن حزب الوسط (وسط)، الذي عرف عنه دعمه لسياسة عدم الانحياز العسكري ، إنه سيدعم انضمام فنلندا إلى حلف الناتو، كذلك حزب الخضر(يسار) ، وأيضا التحق بركب المؤيدين اصغر أحزاب المعارضة ، حزب الديمقراطيين المسيحيين (يمين الوسط )، إذ اعلن مجلس الحزب تأييده بأغلبية ساحقة.
ورغم ان حزب اتحاد اليسار يعتبر تقليديًا من أكثر الأحزاب الفنلندية المناهضة لحلف الناتو داخل مجلس النواب، وهو أساسا انضم إلى الحكومة الائتلافية بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل ثلاث سنوات بشرط ألا يقود البلاد نحو أي تحالف عسكري، الا ان الحزب يخوض الان صراعا فكريا شديدا بين صفوف قيادته، فقد أعلن فقط تسعة من أصل 16 نائبا من نوابه معارضتهم انضمام فنلندا إلى حلف الناتو.
وتبدو الأمور مقلقة جدا، لان المتوقع انسحاب حزب اتحاد اليسار من الحكومة الائتلافية، فيما إذا قرر مجلس الحزب معارضة الانضمام الى حلف الناتو، فهذا سيدخل البلاد في ازمة وزارية، * خصوصا ان الحكومة الائتلافية الحالية (حكومة يسار ـ الوسط) تواجه الان حركة إضرابات مستعرة ومستمرة، من قبل العاملين في الصحة والتعليم، وبمساندة العديد من النقابات تطالب برفع الاجور وتحسين ظروف العمل.
وواصل الحزب الشيوعي الفنلندي، وهو خارج مجلس النواب، حملته المضادة للانضمام الى حلف الناتو، متعاونا مع مجموعة منظمات يسارية أخرى، منها جمعيات فنانين وكتاب تنخرط فيما بينها بمجلس تنسيقي، وتدير محاضرات وندوات واشتركت بتظاهرات الأول من أيار تحت شعارات معارضة لحلف الناتو.
من جانبه قال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إنه إذا قررت فنلندا الانضمام إلى التحالف العسكري، فإن عملية الانضمام ستكون (سلسة وسريعة)، فوفقا لتصريحاته بمجرد أن يتم الاتفاق على بروتوكول الانضمام، ستشارك فنلندا فعليًا في اجتماعات وأنشطة الناتو على جميع المستويات، بصفة (المدعو)، بعدها تكون مرحلة التصديق في 30 برلمانًا في 30 دولة من أعضاء الحلف، وأشار الى ان هناك إشارات ورسائل من جميع الحلفاء تشير الى انهم سيحاولون القيام بذلك في أسرع وقت ممكن.
من جانبها واصلت الصين، الحليف القوي لروسيا، خلال هذه الازمة، تحذيراتها من قرارات توسع الناتو نحو الشرق، وقال مؤخرا نائب وزير الخارجية الصيني لو يو تشنغ، إن ذلك سيكون خطأ آخر سيؤدي إلى كارثة. واضاف بإن (استغلال النزاع الروسي الأوكراني لإثبات ضرورة توسع حلف الناتو تجاه الشرق هو مثال على تبديل الأماكن بين السبب والعواقب). وفي الوقت الذي تتواصل به المعارك العسكرية بين الجانب الروسي والأوكراني على الأرض وتبادل الاتهامات الاعلامية، يكرر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن أي اتفاق سلام مع روسيا يجب أن يكون قائما على عودة القوات الروسية إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل بدء غزو بلاده في فبراير/شباط الماضي، وتواصل الماكنة الإعلامية الروسية التأكيد بأن (العملية الخاصة) لروسيا في أوكرانيا ليست عدوانا عسكرياً، ولكنها صراع لاستئصال النازية .
هلسنكي ـ 7 أيار 2022

* يوم 8 أيار، أعلن حزب اتحاد اليسار عن استمرار بقاءه في الحكومة بمعزل عن الموقف من انضمام فنلندا لحلف الناتو.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here