“تمت إزالة ملفك”.. “إجراء” يصدم سوريين ينتظرون الجنسية التركية وتعليق رسمي

سوريون فوجئوا بإزالة ملفاتهم

شارك سوريون في تركيا معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الساعات الماضية تفيد بتعرض ملفات تجنسيهم في البلاد لإجراءات “إزالة وإلغاء”، الأمر الذي أثار جدلا داخل أوساطهم، ودفع الحكومة التركية لإصدار بيانين، الأول من جانب وزارة الداخلية والثاني من قبل “دائرة النفوس”.

وتحدث شابان سوريان (أحدهما طالب جامعي) لموقع “الحرة” أن ملفات تجنيسهما “أزيلت” بعد ظهر الخميس، بعدما تأكدوا من ذلك عبر رابط تتبع مباشر لمراحل الحصول على الجنسية، حيث وصلتهم رسالة مفادها: “تمت إزالة ملفك للحصول على الجنسية التركية بشكل استثنائي”.

ولم يعرف أعداد الأفراد الذين “أزيلت ملفاتهم”، وفي الوقت الذي قالت وسائل إعلام الجمعة، بينها “صحيفة تركيا”، إن العدد يقارب 15 ألف ملف، سرعان ما أصدرت وزارة الداخلية التركية بيانا أوضحت فيه أن الحديث المتعلق بذلك “مفبرك وملفق”.

وقال نائب وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاتاكلي: “الأخبار التي تفيد بإلغاء جنسية 15 ألف طالب لجوء مفبركة”، مضيفا: “يتم أخذ الأمن القومي والنظام العام والارتباط الإرهابي في الاعتبار في كل مرحلة من مراحل إجراءات الجنسية”، وأنه “في حالة إلغاء الجنسية يتم التقييم الفردي ولا يوجد إلغاء جماعي”.

وكذلك الأمر بالنسبة للبيان الذي نشرته “دائرة النفوس التركية”، والذي جاء فيه: “الأنباء التي تفيد بإلغاء جنسية 15 ألف طالب لجوء لا تعكس الحقيقة”.

ما القصة؟

وبدأ الحديث عن القصة بعد ظهر يوم الخميس، حيث اتجه عشرات السوريين لمشاركة “رسائل الإزالة” التي وصلتهم عبر مجموعات خاصة في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، معبّرين عن “خيبة آمالهم”.

وكان غالبية هؤلاء ممن تجاوزا المراحل الأربعة الأولى للحصول على الجنسية، بينما وصلوا إلى مرحلة تعرف باسم “التدقيق الأمني” (دوام، أرشيف)، والتي تمثل المحطة الأساسية لانتقال مقدم الطلب إلى مراحل روتينية سريعة، قبل استلام قرار التجنيس بشكل فوري.

ونشرت صحيفة “تركيا” المقربة من الحكومة تقريرا، الجمعة أشارت فيه إلى أنه “تم إلغاء عملية منح الجنسية لنحو 15 ألف شخص، وخاصة السوريين”.

وأضاف التقرير الذي كتبه الصحفي، يلماز بيلغين: “بينما تم إرسال هذا التحذير (الإزالة) إلى 1400 لاجئ من غازي عنتاب وحدها، فقد علم أن هذا العدد تجاوز 15 ألفاً إلى جانب إسطنبول وأنقرة وإزمير وهاتاي وكيليس وشانلي أورفا وأضنة ومرسين”.

لكن سرعان ما اتجهت وزارة الداخلية ودائرة النفوس لنفي المعلومات التي أوردها تقرير الصحفي بيلغين.

من جهته نفى رئيس دائرة الاندماج في دائرة الهجرة التركية غوكشة أوك “أعداد ملفات الإزالة للجنسية الاستثنائية والتحقيق في ملفات من منح الجنسية، وأنه تبين أنهم يهددون السلم الاجتماعي ويدعمون المنظمات الإرهابية”.

وجاء ذلك بعدما تضمن تقرير الصحيفة التركية تصريحات للمسؤول المذكور، حيث نقل عنه قوله: “الأفراد الذين تم منحهم الجنسية من قبل والذين تبين أنهم يهددون الضمان الاجتماعي أو يدعمون المنظمات الإرهابية من خلال عدد من أحداث التحريض سيخضعون أيضاً للتحقيق في نفس النطاق”. وهو ما نفاه صاحب هذه الكلمات.

“التوقيت لافت”

وما سبق يأتي في الوقت الذي يثار فيه الحديث كثيرا من جانب أحزاب المعارضة التركية، والرافضة للوجود السوري في البلاد، وأنه توجد ضرورة لإعاداتهم إلى سوريا.

ويتصدر زعيم “حزب النصر”، أوميت أوزداغ قائمة الشخصيات في هذه الأحزاب، وهو الذي يكرر كثيرا فكرته في ضرورة إعادة السوريين في المرحلة المقبلة، بزعم أنهم “عبء على البلاد”.

ويرى الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو أن “الجنسية الاستثنائية هي منحة لمن تراه تركيا مؤهلا لذلك”، وأن ما يجري في الوقت الحالي ذو شقين”.

ويوضح حافظ أوغلو في حديث لموقع “الحرة” أن “الشق الأول سياسي، لتخفيف الضغط الذي تقوم به المعارضة على الحكومة من خلال استغلال ورقة السوريين”.

أما الشق الآخر، بحسب الأكاديمي التركي: “يتعلق بإعادة ترتيب موضوع التجنيس”.

ويقول: “من مصلحة تركيا تجنيس ذوي الخبراء والكفاءات ومن سيكونون إضافة للمجتمع التركي. لكن يبدو لي في المرحلة المقبلة سيتم فرض بعض الشروط. ربما أن يكون الشخص متقنا للغة التركية إلى أكثر من النصف كي يستطيع التفاهم مع المجتمع التركي من زاوية، ولكي يكون مطلعا على القوانين وبالتالي ضمان الأمان القانوني”.

“هناك إعادة ترتيب لهذا الملف (الجنسية) من حيث الشروط التي يجب أن توضع. اليوم يتم إعادة ضبط موضوع التجنيس سيما أن الملف أصبح عائدا بشكل مطلق لرئاسة الجمهورية، وبناء عليه هناك تعديل لهذه المواقف والشروط والترتيبات”.

واعتبر حافظ أوغلو: “ضغط المعارضة بورقة اللاجئين يعود إلى عدم امتلاكها أي برامج انتخابية أخرى. هي تذهب نحو ملفات صغيرة وقصيرة”.

“8 مراحل”

وتمنح تركيا “الجنسية الاستثنائية” لسوريين يتم ترشيحهم من قبل وزارة الداخلية، إذ تمر عملية التجنيس بمراحل عددها ثمانية قبل الحصول عليها، في حين لا يوجد فترة زمنية محددة للحصول على الجنسية.

وقبل أيام كان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو قد أعلن أن السوريين الحاصلين على الجنسية بعد استيفائهم المعايير المطلوبة، بلغ 200 ألف و950 شخصا، من بينهم 113 ألفا و654 بالغا، بينهم 60 ألفاً و930 رجلا و52 ألفا و724 امرأة، فيما وصل عدد الأطفال إلى 87 ألفا و296.

وأشار صويلو إلى وجود أجانب من جنسيات أخرى منهم من حصل على الجنسية، ومنهم من حصل على إقامات طويلة الأمد في تركيا.

واعتبر الناشط الحقوقي المهتم بملف السوريين في تركيا، طه الغازي أن التصريحات المتعلقة بعدد ملفات الإزالة ذات شقين أيضا، وهي التي نشرتها صحيفة “تركيا”.

ويوضح حديثه لموقع “الحرة” بالقول: “الشق الأول من تمت إزالة ملفاتهم، والثاني ممن حصل على الجنسية سابقا”.

ويرى الغازي أن “الإزالة تكون ضمن إجراءات أمنية تتبعها الحكومة التركية كحق مشروع لها لمنح الجنسية التركية للاجئ السوري. وهو أمر لا خلاف عليه”.

لكن “توقيت هذا الإجراء الآن في ظل احتقان بعض التيارات والأحزاب السياسية المعارضة للوجود السوري، هو توجيه رسالة للمجتمع التركي من الهجرة، وأنه كل ما يتعلق بالسوري وحتى قضايا الجنسية هي ضمن مسارات أمنية ثابتة”.

ويتابع الغازي: “الشارع كان لديه تخوف ما تم الإشاعه عنه في قسم من الإعلام التركي بأن الحكومة التركية تعطي للاجئ السوري الجنسية دون أي مبالاة وبكل بساطة”، معتبرا: “التصريح بحد ذاتها رسالة للشارع التركي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here