روزا الكوردية.. من طفولة شاقة تحت حكم صدام الى حلم الفوز بلقب “ملكة جمال انكلترا”

عندما كانت روزا كوردو بعمر الأربع سنوات فقط، شهدت حياتها مجازفة هي وعائلتها بالعبور عبر أوروبا برا وبحرا، للهروب من وحشية نظام صدام حسين، لكنها الآن تريد أن تتوج بلقب ملكة جمال انكلترا.

وذكرت صحيفة “ميرور” البريطانية في تقرير ان روزا فرت من جرائم الابادة الجماعية التي طالت كوردستان، سعيا وراء حياة أفضل في بريطانيا، واصبحت الان في الـ25 من عمرها، وتعمل حاليا كممرضة.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن روزا مستاءة حاليا من التطورات السياسية مشيرة وحثت السلطات البريطانية على ان تكون اكثر ترحيبا بهؤلاء اللاجئين الهاربين من الاضطهاد، مثلما كان حالها من قبل، واصفة خطط الحكومة البريطانية الأخيرة بإبعاد لاجئين من رواندا، بأنها “مرعبة”.

وبدأت رحلة اللجوء بالنسبة إلى روزا في العام 2001، أي قبل عامين من بداية حرب الاطاحة بنظام صدام حسين، وهي تحدثت عن بدايات حملات الابادة التي بدأت بما عرف بحملة الانفال العام 1988، عندما قتلت قوات صدام حسين عشرات الآلاف من الكورد في شمال العراق.

والتقى والدا روزا سابقا في مخيم للاجئين على الاراضي الايرانية بعدما اضطر الى الهروب وهما بعمر المراهقة، وبرغم الأهوال التي عاشها اللاجئون، إلا انهما وقعا في غرام بعضهما البعض.

وقالت روزا “شعبي، ووالدي، عانوا كثيرا خلال ذلك الوقت بهروبهم من نظام صدام”.

ونقلت “ميرور” عن روزا قولها في المقابلة انه “حتى عندما انتهت أسوأ مراحل العنف والنزاع، فإن البلد كان محطما، والاطفال يموتون من الجوع، والاقتصاد مدمر والناس يتعرضون للاختفاء”.

وكان والدها فر من العراق في العام 1997 عندما كانت روزا لا تزال طفلة، وهي قالت في المقابلة أنها ووالدتها لحقتا بوالدها بعدها بأربع سنوات، وجاءتا إلى بريطانيا، عبر البحر وركوب الشاحنات العابرة. وأصبحت روزا مواطنة بريطانية واقامت عائلتها في بلايموث طوال 18 سنة، رغم أن روزا اضطرت للانتقال إلى ايلفورد، في غرب لندن، من أجل العمل.

وتذكرت روزا بعض جوانب هروبها حيث كادت أن تموت بينما كانت تعبر من كوردستان الى تركيا، حيث وقع حادث للشاحنة التي كانت على متنها، وانقلبت الشاحنة خمس مرات، إذ كان السائق يحتفل بنجاحه بالتمكن من الإفلات من السلطات الجمركية وصار ثملا، ما تسبب بمقتل عدد كبير من الاشخاص، وفقد آخرون وعيهم وانتشرت الدماء في كل مكان، لكن روزا ظلت حية.

وكانت روزا وامها تختبئان في جزء مخفي يقع بين مكان السائق وبين البضائع، وما لم يكن الوضع كذلك، لربما قتلتا في الحادث. وتحدثت كيف فر الناجون نحو الغابات المجاورة قبل وصول الشرطة.

وبلغ الناجون محطة للوقود يملكها كوردي من تركيا، وكان الشائع وقتها بالنسبة الى الكورد مساعدة الآخرين الهاربين من العراق الى تركيا، وهو ساعدهم باستضافتهم وتسهيل وصولهم الى انقرة.

وبعدها اضطرت روزا الى خوض تجربة عبور البحر المتوسط من تركيا الى اليونان، حيث كادت تغرق، قائلة “لن انسى الرعب الذي عشناه”.

وروت كيف أن رجلا حمل طفلته فوق رأسه وهو يصيح على الشرطة متوسلا ألا يطلقوا النار على الزورق وهو يقول “ارجوكم لا تطلقوا النار، هنا اطفال، ارجوكم لا تطلقوا النار”.

وتقول روزا انها “تكره ما اضطرت الى مواجهته، لكنه جزء من مما انا عليه. أنا الشخص الذي انا عليه الان بسبب ما مررت به”.

وبعد عبور أوروبا، فإن العائلة وصلت اخيرا الى الجزء الاخير من رحلتها الى بريطانيا، وهم يختبئون في شاحنة. وتحدثت كيف أن والديها لم يكن لديهما معرفة باللغة الانجليزية ومعاناتهما من أجل التواصل مع الآخرين.

وقالت روزا إن أكثر ما كانت تخشاه هو أن يتم وضعهم في مركز احتجاز وان يتم اعادتهم الى العراق حيث كانت “ستعيش في خوف دائم”.

وتابعت مشيرة إلى اللاجئين، “جئنا الى هنا ولا نملك شيئا، والان نحن متخرجون بالقانون وعاملون في القطاع الصحي ورجال أعمال”.

وقالت روزا؛ ان كل ما قمنا به هو نعطي هذا البلد مقابل ترحيبه بنا، وحبنا للثقافة البريطانية، واعتقد ان الحكومة سترتكب خطأ بإبعاد هؤلاء الناس الشجعان الذين جاءوا الى هنا هربا من الموت والاضطهاد، إذ “يجب أن يتم استقبالهم بهذا البلد المحب، وأن يتم منحهم الفرصة”.

وأشارت إلى كيفية دعوتها إلى التحدث في البرلمان في العام 2018، حول معاناة الكورد وحقوقهم التي تم تجاهلها طوال التاريخ الحديث، قائلة “انا فخورة بجذوري الكوردية، وفخورة بأننا نعيش في بريطانيا”.

وحول دخولها لمسابقة ملكة جمال انكلترا، قالت روزا “انني ادخل ليس فقط من اجل ان تتم مشاهدتي، وانما ايضا لكي يتم الاستماع الي. اود ان استغل هذه المنصة لأسلط الضوء على المآسي التي وقعت على الشعب الكوردي”.

ونقل التقرير عن مديرة مسابقة ملكة جمال انكلترا أنجي بيسلي انها ترحب بحرارة من القلب بروزا وكل من هو مثلها، عانى أكثر بكثير من المصاعب مقارنة بالانسان العادي، ونأمل ان تستمتع بوقتها هنا في المسابقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here