أوساط الصدريين بعد ليلة البيانات: «الصقور» حاولوا تصعيد الأزمة مع الإطار التنسيقي

بغداد/ تميم الحسن

أخفق «الصقور» في تحويل مساء البيانات والخطابات المضادة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي جرى أول من أمس، إلى صراع مسلح كما رُوّج له في تلك الليلة التي أعقبت قرار المحكمة الاتحادية برفض قانون الأمن الغذائي.

وخرج متظاهرون غاضبون في بعض المدن بعد خطاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي وُصِف بـ»الناري» ضد خصومه في الإطار التنسيقي، واستخدم فيها كلمات قاسية مثل «مشينة» و»وقاحة» في وصف سلوك مَن أسماهم بـ «الثلث المعطل».

بالمقابل، رد «الاطاريون» في اجتماع عقد بعد خطاب زعيم التيار، ليصفوا ما قاله «الصدر» بأنه «خطاب متشنج»، كما استغربوا بالمقابل اتهامهم بأنهم من يقومون بتعطيل تشكيل الحكومة، مشيدين بقرار المحكمة حول «الأمن الغذائي».

وأفاد مقربون من أوساط الصدريين لـ (المدى) بان «التيار لن يتورط أبدا في صراع مسلح أو يكون سببا في إهدار دم العراقيين»، واصفين ما جرى مساء الاثنين بأنه «سوء تقدير للمواقف ومحاولة من بعض الصقور والتابعين لدول إقليمية لتأزيم الأوضاع».

وكانت صور قد تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي- لم يتسن لـ (المدى) التأكد من تاريخ نشرها- قد أظهرت عددا من قيادات سرايا السلام التابعة للتيار، قيل إنها التقطت عقب اجتماع للفصيل بوقت قصير من انتهاء خطاب «الصدر».

وبعد ذلك، نشر المسؤول العام لسرايا السلام المعروف باسم «أبو مصطفى الحميداوي» في تغريدة عبر تويتر، قال فيها عبارة مقتضبة: «جاهزون فانتظرونا».

وتزامن إعلان «جاهزية السرايا»، برد من الإطار التنسيقي حول خطاب «الصدر» و»الأمن الغذائي» الذي فجر أزمة جديدة بين الطرفين وتحميل القضاء جزءا مما حدث.

واعتبر الإطار التنسيقي في بيان صدر مساء الاثنين، خطاب زعيم التيار الصدري بأنه ضمن «موجة من الخطابات المضللة» التي تستهدف التكتل الشيعي.

وقال البيان الذي صدر عقب لقاء في منزل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «ما يثار من اتهامات للإطار بتعطيل تشكيل الحكومة يثير الاستغراب كونه يصدر من قوى تدعي بأنها الفائزة وتمثل الأغلبية»، في إشارة إلى التيار الصدري.

وأضاف البيان: «لكن يبدو أنها فشلت في مشروعها الاستحواذي وتحاول تضليل الرأي العام الذي يتابع المبادرات والمقترحات المستمرة من الإطار التنسيقي منذ بدء الأزمة السياسية».

وأكد بأنه ملتزم بحماية العراقيين «ومنع إثارة الفتنة»، فيما أشار إلى أن «الخطابات الانفعالية المتشنجة لا يمكن أن تكون حلا للمشاكل التي تعصف بالبلد ولا تقدم خدمة للمواطنين».

وأشاد بيان «التنسيقي» بـ «القرارات المهنية والشجاعة للمحكمة الاتحادية»، والتي قال بأنها «تأتي ضمن نطاق الدستور والقوانين النافذة والمحافظة على النظام السياسي».

واعتبر البيان أن المساس بالقضاء «يمثل تهديدا حقيقيا للدولة واستقرارها وأن التشكيك والطعن بقرارة المحكمة الاتحادية يمثل تطورا خطيرا يؤسس للفوضى وعدم الاستقرار».

وكان الصدر في خطابه المتلفز الأخير، قد هاجم القضاء على خلفية قانون الأمن الغذائي، وقال إنه يتعجب من «مسايرة القضاء أفعال الثلث المعطل المشينة من حيث يعلم أو لا يعلم».

واعتبر الصدر مواقف «التنسيقي» بأنها تهدف إلى «تجويع» و «تركيع العراقيين»، معتبرا أن تعطيل القوانين التي تنفع الشعب «وقاحة».

وخرجت عقب ذلك تظاهرات كربلاء والنجف حيث مقر إقامة زعيم التيار، وردد المتواجدون هتافات ببذل «الدم» دفاعا عن «الصدر».

ورد بالمقابل المتحدث باسم كتائب حزب الله، أحد تشكيلات الحشد الشعبي- مستعيرا بعض الأوصاف التي وردت في خطاب زعيم التيار- على الجهات التي دعمت قانون الأمن الغذائي الذي رده القضاء.

وقدم المتحدث بشكل الفصيل المسلح المعروف باسم «أبو علي العسكري» في تدوينة على موقع «تليغرام»، شكره إلى المحكمة الاتحادية «لإجهاضها قانون الأمن الغذائي – الفرهود الغذائي-».

واعتبر العسكري أنه لو أقر هذا المشروع «لكانت أكبر سرقة منظمة في تاريخ العراق (بكل وقاحة)…».

وتلا ذلك بيان آخر مما يعرف بـ «تنسيقية المقاومة العراقية»، التي حذرت من «الفتنة العمياء» التي لن يسلم منها أحد.

وطالبت المجموعة في البيان جميع الفرقاء السياسيين بـ «الاحتكام إلى لغة العقل والقانون وتغليب المصلحة العامة على المصالح الأخرى، وإبداء المرونة في التعاطي مع المشكلات السياسية».

وأضاف البيان: «نهيب بهم جميعاً عدم الانجرار إلى التشنج الذي قد يُهلك الحرث والنسل، ويقود البلد إلى فتنة عمياء لن يَسْلَم منها أحد، وعندها لن ينفع النادمون ندمهم».

ضد الاتحادية

بالمقابل تواصل انتقاد المحكمة الاتحادية على خلفية قرارها الأخير بشأن الأمن الغذائي، وكشفت إحدى النائبات في التيار الصدري، عن سعيها لتعديل قانون المحكمة.

وقالت النائبة مها الدوري في منشور على «فيسبوك» «سنعمل على تعديل وإعادة النظر بمقترح التعديل الأول لقانون المحكمة الاتحادية العليا»، مشيرة إلى أنه «ولن نسمح بعودة مهازل أيام الدكتاتور».

ودائما ما تثير تصريحات الدوري الجدل في الأوساط السياسية، حيث كانت قد منعت من حزبها «التيار الصدري» العالم الماضي، من الظهور الإعلامي، على إثر استضافتها في لقاء تلفزيوني.

بالمقابل صوبت سروة عبد الواحد، عضو تحالف من أجل الشعب، ضد الاتحادية، معتبرة إلغاء قانون الأمن الغذائي خطرا كبيرا.

وقالت عبد الواحد في لقاء تلفزيوني عن المحكمة الاتحادية إنه «نحمل المحكمة الاتحادية مسؤولية جوع المواطنين المتوقع خلال الأشهر القليلة المقبلة»، مبينةً أن «إلغاء مشروع قانون الأمن الغذائي خطر كبير، حيث أن إيران تهدد بقطع الغاز في حال عدم تسديد الديون المترتبة على العراق، كما أن وزارة التجارة لا تملك خزينا للمواد الغذائية».

وأشارت النائبة إلى أنه «في حال استمرار الانسداد السياسي، فسنحاول خلال الأيام المقبلة جمع تواقيع لحل البرلمان».

كما انضم الى مجموعة المنتقدين لقرار الاتحادية مشعان الجبوري، الذي الغت الاتحادية مؤخرا، عضويته من البرلمان على خلفية شكوى قدمها النائب قتيبة الجبوري، بتهمة عدم امتلاك الاول شهادة دراسية.

وقال الجبوري في تغريدة على «تويتر» «مازلت أؤمن بخطورة التشكيك بالقضاء لأنه ملاذ الجميع عندما يتعرضون للظلم، وإن فقدنا الثقة فيه سيعود العراق الى عهد الشقاوات وخان جغان».

وأضاف، «كما اني لم اشك يوماً بوجود قضاة يحكمون بالعدل وإن تعرضوا للتهديد والضغوط، ولكن هذا لا ينفي وجود حاجة ملحة لإعادة النظر بقانون المحكمة الاتحادية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here