بيرقدار كابوس لطهران.. التقارب التركي – السعودي: العراق يتأثر وإيران قلقة

1
قدم موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قراءة في التقارب الحاصل بين السعودية وتركيا، معتبرا أن له انعكاساته على العراق، ولكنه يثير قلقا في ايران التي يمكن أن يتأثر نفوذها الإقليمي بسبب المصالحة السعودية-التركية، متسائلا عما اذا كانت هذه المصالحة بين انقرة والرياض ستصمد.

ولفت التقرير البريطاني إلى أنه بعد عام من الجهود المكثفة من أجل التطبيع بينهما، تحسنت العلاقات السعودية-التركية بعد الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى الرياض في 28 نيسان/أبريل الماضي، حيث تصافح مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتعانقا.

وبرغم أن العوامل الاقتصادية جذبت اهتمام المحللين ووسائل الإعلام بشكل مبالغ فيه، إلا أن التقرير البريطاني أشار إلى العوامل الامنية الجيوسياسية والاقليمية، هي الأساس في تشكيل العلاقات بين الرياض وانقرة، مضيفا ان السياسات الاقليمية لكل من ايران والولايات المتحدة تحتل مكانة مهمة في هذه الديناميكيات.

ولفت التقرير الى وجود شعور عام في ايران معارض للمصالحة بين تركيا والسعودية، موضحا أنه من المنظور الإيراني فإن المصالحة بين هاتين القوتين الإقليميتين، قد يكون لها تأثير سلبي على نفوذ طهران، خاصة في العراق وسوريا واليمن، كما أن هذه المصالحة قد تساهم في تقوية موقف السعودية في مفاوضاتها مع ايران حول القضايا الاقليمية، وبالتالي يضعف موقف طهران في محاولتها إجبار الرياض على تقديم تنازلات.

وتابع التقرير ان بعض المحللين الايرانيين يعتبرون ان المصالحات تمثل جانبا من جهود واشنطن من أجل إحداث تقارب بين حلفائها، وان الهدف الأخير من هذه اللعبة هي تعزيز حلفاء الولايات المتحدة في مواجهة إيران وروسيا والصين، في ظل الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكية من المنطقة.

واقتبس التقرير البريطاني من مقال على موقع “جافانون لاين” المقرب من الحرس الثوري الايراني، ينتقد اردوغان لانه “يؤجر السياسة الخارجية لتركيا للسعودية والإمارات”، ويهاجم كاتب المقال زيارة أردوغان الى السعودية مبرزا الدور التركي في كل من العراق وسوريا.

وأشار التقرير البريطاني إلى أنه بخلاف ما يظهر من أجواء تهدئة بين السعودية وإيران ، فإن التوترات تزايدت مؤخرا على خلفية دور الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني في كل من العراق وسوريا.

ورجح التقرير ان يؤدي التقارب بين الرياض وانقرة إلى تعزيز نفوذهما في السياسة العراقية، في حال وجدت تركيا والسعودية الوسائل لاستيعاب مصالح كل منهما والحفاظ على درجة من التنسيق بينهما.

واستعرض التقرير امثلة عن القلق الايراني، مشيرا الى ان السفير الايراني (السابق) في بغداد ايرج مسجدي عبر في شباط/فبراير الماضي عن مخاوف إيرانية من النفوذ التركي في العراق، داعيا الى انسحاب القوات التركية من الاراضي العراقية، في حين ان ميليشيات عراقية موالية لايران، من الحشد الشعبي العراقي، قامت باستهداف القوات التركية المتمركزة في قواعد في شمال العراق بشكل متزايد، وأن طائرات تركية مسيرة استهدفت وحدات للحشد داخل الاراضي العراقية.

ولم يستبعد التقرير أن تتطور الديناميكيات الحالية للتنافس التركي – الإيراني إلى صراع بالوكالة داخل العراق.

وذكر التقرير البريطاني أن الإيرانيين يشعرون بالقلق من أن تؤدي المصالحة التركية السعودية إلى جذب دول إضافية الى اجندة اقليمية موحدة، مضيفا أن بعض الإيرانيين يعتقدون ان بامكان انقرة دمج اسرائيل في هذه الجهود، وهو ما سيجعل إيران هدفا اساسيا.

ولفت التقرير إلى أن سوريا تشكل مسرحا اضافيا حيث ان المصالحة بين تركيا والسعودية قد يكون تأثيرها خطرا على موقف إيران ونفوذها، خاصة في ظل “المستنقع الروسي” في أوكرانيا، مذكرا بان تقاربا ضمنيا جرى بين المصالح التركية والإسرائيلية خلال السنوات الماضية، فيما يتعلق بمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، وان اسرائيل شنت اكثر من الف غارة على اهداف ايرانية في سوريا، وانقرة لم تنتقد هذه الهجمات نهائيا.

وكشف أردوغان الأسبوع الماضي عن خطة لبناء مشاريع جديدة داخل المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا من شأنها أن تسمح بعودة نحو مليون لاجئ سوري. ويعتقد أن دول الخليج العربي ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ، قد يكون لها دور تلعبه هنا.

الى ذلك، اعتبر التقرير أن تجفيف الموارد المالية لوحدات حماية الشعب وحزب العمال الكوردستاني في العراق وسوريا، من شأنه ان يعزز قوة انقرة في سوريا ويحرم ايران من “قوة بالوكالة”.

وفيما وصفها التقرير بأنها “خطوة قوية بشكل ملاحظ”، فان تركيا، من خلال وكالة أنباء شبه رسمية تابعة لها بنسختها الفارسية، شبهت الميليشيات الموالية لإيران في سوريا بأنهم “إرهابيون موالون لإيران”.

واضاف ان علاقات الرياض وطهران شهدت صراعا طاحنا، خاصة فيما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في العام 2016، حيث اتخذ الطرفان مواقف متعارضة في كل النزاعات الإقليمية تقريبا، مضيفا ان “الجبهة الاولى في الصراع الإقليمي بين الدولتين هي اليمن”.

ولفت التقرير إلى أن تركيا انتقدت بشكل دائم هجمات الحوثيين على السعودية، وانه بعدما شن التحالف العربي بقيادة السعودية عملية “عاصفة الحزم” في اليمن في آذار/مارس العام 2015، قامت انقرة بتزويد السعودية بدعم استخباراتي ودفاعي مهم، الا ان الخلاف التركي-السعودي في ظل أزمة الخليج العام 2017، تسبب في اضعاف اهتمام انقرة بالقضية اليمنية، وبرغم ذلك استمر دور تركيا الإنساني وواصلت انتقاداتها لهجمات الحوثيين ضد الرياض.

وخلص التقرير الى القول ان فكرة تطور المصالحة السعودية التركية الى تعاون على المستوى العسكري هي بمثابة “كابوس لإيران”، مشيرا بشكل خاص الى الطائرات المسيرة التركية من طراز “بيرقدار-2” التي يمكن أن تحصل عليها الرياض.

كما لفت التقرير إلى أن توسع عملية المصالحة لتطال التعاون العسكري بين تركيا والسعودية سيخلق المزيد من القلق بين صناع السياسة في إيران.

كما خلص التقرير الى القول ان تماسك المصالحة بين تركيا والسعودية رهن بالعديد من العوامل، بما في ذلك تلك المتعلقة بإيران، مشيرا في هذا السياق الى المفاوضات المتزامنة سواء تلك الجارية بين الرياض وطهران لتطبيع العلاقات بينهما، أو تلك المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني في فيينا، معتبرا ان ايجاد التطبيع السعودي-الإيراني في المنطقة، يثير احتمال الاعتدال في تنافسهما ويخفف من مخاوف طهران بشأن تقدم العلاقات التركية -السعودية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here