مصر تودّع سمير صبري… صاحب مدرسة المواهب المتعددة

السبت – 20 شوال 1443 هـ – 21 مايو 2022 م

تميز سمير صبري بتعدد المواهب والثقافة الواسعة والتعليم الراقي
القاهرة : إنتصار دردير

تشيع ظهر اليوم جنازة الفنان الراحل سمير صبري الذي غيبه الموت أمس عن عمر يناهز 86 عاماً إثر أزمة قلبية خلال وجوده بأحد فنادق القاهرة، وبعد حياة فنية حافلة على مدى أكثر من نصف قرن قدم خلالها مائة وأربعين فيلماً وعشرات المسلسلات وعدداً من البرامج التلفزيونية التي أثارت جدلاً كبيراً.

وتعرض الفنان الراحل فبراير (شباط) الماضي لأزمة صحية دخل على أثرها المستشفى، بعد أن تضاعفت متاعب القلب لديه، وصدر قرار رئاسي بعلاجه على نفقة الدولة ليبقى بالمستشفى ثلاثة أشهر التي غادرها مؤخراً بعدما تحسنت صحته، وظل الفنان الراحل يعمل حتى آخر وقت حيث قام بتسجيل برنامجه الإذاعي الذي بثته محطة الأغاني طوال شهر رمضان خلال خضوعه للعلاج بالمستشفى.

ونعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة الفنان الراحل مؤكدة أنه من عظماء الإبداع وتميز بتعدد المواهب والثقافة الواسعة، وكان من ركائز نجاح الأعمال الفنية المتنوعة التي شارك بها. كما أصدر مهرجان القاهرة السينمائي بياناً ذكر فيه أن صبري كان له دور بارز في تأسيس ودعم المهرجان منذ عام 1976 حيث قام بتقديم فعاليات الدورة الأولى بخلاف مشاركته وحضوره المتميز حتى الدورة الأخيرة، كما أعلن مهرجان الإسكندرية السينمائي عن الاحتفاء به خلال دورته القادمة حيث ظل الفنان الراحل أحد نجوم المهرجان على مدى سنوات طويلة. ونعى عدد كبير من الفنانين صبري الذي كان يتمتع بإنسانية عالية ويحتفظ بعلاقات طيبة مع جميع الفنانين من مختلف الأجيال، وعرف بسؤاله الدائم عنهم، ومشاركته لهم في أفراحهم وأحزانهم، خصوصاً أن وفاته تزامنت مع الذكرى الأولى لوفاة الفنان سمير غانم ما جدد أحزان الجميع.

وكتب المخرج السوري أنور القوادري: «برحيل سمير صبري نطوي صفحة من صفحات الفن الأصيل»، ونعته الفنانة المعتزلة شهيرة قائلة: «وداعاً يا طيب يا شهم، يا جدع وقت الشدة والفرح وفي كل مواقفك الإنسانية أنت الأول»، وذكرت الفنانة منى زكي: «(مش بس فنان عظيم، كان رجلاً خدوماً وطيب وجدع، ترك بصمة في حياة كل واحد عرفه، بجد هتوحشنا)».

سمير صبري في احد افلامه مع عادل إمام

ولد الفنان سمير صبري بمحافظة الإسكندرية في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1936 التي أحبها وتغنى بها وأوصى بأن يدفن بها، وقضى سنواته الأولى بها حيث درس بكلية فيكتوريا، وقد نشأ في عائلة فنية كانت تصطحبه إلى دور السينما والمسرح وحفلات الموسيقى وعرف منذ صغره بتقليد الفنانين، ثم انتقل مع والده إلى القاهرة حيث أقام في نفس البناية التي كان يقيم بها المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، وروى سمير في مذكراته قصة مقلب تعرض له عبد الحليم حافظ على يديه وهو طفل حيث ادعى أن اسمه بيتر وأنه ليس مصرياً وكان يتحدث الإنجليزية بطلاقة، وطلب من عبد الحليم أن يأخذه معه إلى الاستوديو حيث كان يصور فيلم «حكاية حب» الذي ظهر في أحد مشاهده، وقدمه فيما بعد للفنانة لبنى عبد العزيز حيث شاركها في تقديم أحد برامجها بالبرنامج الأوروبي بالإذاعة، واختاره عبد الحليم ليشاركه بطولة فيلم «أبي فوق الشجرة».

وجمع صبري بنجاح بين أعماله السينمائية كممثل وبين تقديمه للبرامج التلفزيونية الناجحة من بينها «النادي الدولي» الذي قدمه خلال فترة السبعينات من القرن الماضي وكان أول برنامج توك شو عربي واستضاف خلاله كبار النجوم والشخصيات العامة.

وشارك الفنان الراحل في بطولة نحو 140 فيلماً أمام كبار النجوم والمخرجين على مدى سبعة عقود، وقدم أفلاماً عديدة تنوعت بين الكوميديا والاستعراض والميلودراما، من بينها: الراهبة، اللص والكلاب، قصر الشوق، حكايتي مع الزمان، البحث عن فضيحة أمام عادل إمام، الذي التقاه أيضاً في فيلم المحفظة معايا 1978، شفاه لا تعرف الكذب، أهلاً يا كابتن، بتوقيت القاهرة، وبالوالدين إحساناً، وكان فيلم «2 طلعت حرب» آخر الأفلام التي شارك بها في العام الماضي من إخراج مجدي أحمد علي.

ووفقاً للناقدة خيرية البشلاوي فإن سمير صبري تمتع بموهبة بلا حدود ومن الصعب أن نجد نظيره لأسباب كثيرة مهمة من بينها تكوينه الفني والإنساني فهو ابن الإسكندرية الذي تلقى تعليماً راقياً أعطاه خلفية ثقافية واسعة للفن، ولديه مواهب متعددة وشغف غير محدود بالفن، ووعي وإدراك بقيمته، كما تمتع بوسامة جعلته نجماً سينمائياً، وأنتج أفلاماً شغفاً بالفن، كما أنه تمتع بإنسانية عالية جداً ما جعل الجميع يحبونه وهو يمثل توليفة لفنان لا يتكرر، وقدم أداءً جيداً كمقدم برامج تلفزيوني.

وبرع الفنان الراحل في أدوار تلفزيونية عديدة قدمها على مدى رحلته الفنية من بينها: هارب من الأيام، عادات وتقاليد، قضية رأي عام، كاريوكا، أم كلثوم، فلانتينو الذي كان آخر عمل جمعه بالفنان عادل إمام.

وكان سمير صبري قد أصدر قبل عامين مذكراته الخاصة التي جاءت بعنوان «حكاية العمر كله» كشف فيها أسرار نصف قرن من الفن والسياسة عبر أحداث عاشها وكان شاهداً عليها من بينها زواج أم كلثوم، وغيرة عبد الحليم حافظ على سعاد حسني والتي أكد فيها أن سعاد لم تنتحر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here