على فِكرة شوارع جورج قرداحي

فارس حامد عبد الكريم
كانت شوارع العراق قُبيل الثمانينيات مأساوية حقاً فقد انشأت معظمها في العهد الملكي حتى تقادمت وحل بها التعب بإقتراب الثمانينيات … وبدأت اعداد ضحايا النقل تزداد سنوياً بشكل ملفت للنظر حتى وصل عدد الضحايا في أحد السنوات الى 16 الف قتيل!!!! بل انها استخدمت للتصفيات الحزبية بشكل واضح.
وعندما نُقل والدي القاضي حامد العجرش من الحلة الى العمارة حاكماً في محاكمها – كما كان يسمى – سنة 1973 وجدنا ان أهل العمارة يطلقون على الطريق الذي يربط العمارة ببغداد اسم طريق الموت وقد أكتشفنا انه كذلك حقاً فد التهم هذا الطريق العشرات من الضحايا بالنظر لضيقه – سايد واحد – وكونه طريق دولي مزدحم حيث يربط دول الخليج العربي بباقي دول المنطقة براً.
ورغم ان المسافة بين العمارة وبغداد لاتتجاوز  360 كم ولكن الوقت الذي تستغرقه الرحلة في سيارات دك النجف وال OM قد تتراوح بين 6-7 ساعات!!!!
ورغم مناشدات اهالي العمارة الكرام للهيئات الحكومية المختصة، بل في احدى الندوات الجماهيرية تقريباً سنة 1977 تم الطلب من النائب صدام التدخل لانشاء طريق حديث فكانت اجابته بالحرف الواحد؛
– اننا لن نعبد طرق قد يستفاد منها الأعداء!!!.
واتذكر حينها ان والدتي رحمها الله التفتت نحو والدي وقالت له؛
– ماذا يقصد بالأعداء، هذا كلام مبطن!!!
اجابها بعد ان نظر الي
– لا يقصد شاه ايران خاف يشن حرب على العراق ، مو صحيح بابا فارس؟ والتفت نحوي.
قلت؛ والله بابا هذا مبين عليه أُلعبان
على أية حال
بعد اشتعال الحرب العراقية الإيرانية، اصبح الزحام على الطرق الجنوبية لايطاق، وبالنظر لحاجة الجيش للمناورة السريعة بين المدن الحدودية شمالاً وجنوباً في اسرع وقت فقد تم الاتفاق مع احدى الشركات اليوغسلافية لتعبيد طرق سريعة وجسور ومعابر  قد غطت معظم مدن العراق وقد انجزت مهمتها في وقت قياسي وبنوعية ممتازة…
فأصبحت الطرق قرداحية فعلاً … قرداحية للغاية.
مع كل الترحيب والمودة للأستاذ جورج قرداحي ضيفاً عزيزاً على شعب العراق وأهله.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here