حرب لا غالب فيها و لا مغلوب

حرب لا غالب فيها و لا مغلوب

على الرغم من تقدمه في العمر الا ان ذهنه المتقد و أستنتاجاته العديدة اثبتت صحتها و دقتها و كان تصريحه ألأخير عن الحرب في ( اوكرانيا ) حيث أكد الوزير و المستشار السابق ( هنري كيسنجر ) على ان تتنازل ( اوكرانيا ) عن جزء من أراضيها الى ( روسيا ) مقابل وقف الحرب و أنهاء القتال و هو تحليل دقيق و واقعي و يحفظ ( ماء الوجه ) لكل من روسيا و أمريكا حيث من غير المقبول هزيمة روسيا ( النووية ) و بالتالي تتحول ( روسيا ) الدولة العظمى الى دولة ضعيفة من دول العالم الثالث و هذا ألأمر لا يمكن ان يتحقق و سوف لن تقف الدول المساندة الى ( روسيا ) متفرجة كالصين مثلآ و كذلك ألأمر في هزيمة ( أمريكا ) في ( اوكرانيا ) و هي وان لم تكن ضربة قاضية للدول ألأوربية و أمريكا فأنها و بالتأكيد ضربة قاصمة لا يمكن لأمريكا و دول أوربا المتحالفة معها من تقبلها بسهولة و دون رد قوي .

قد يبدو التباطئ في التقدم العسكري الروسي نتيجة المقاومة الشرسة للقوات ألأوكرانية و قد يكون هناك جانبآ من الحقيقة في ذلك لكن القوات الروسية و بحسب التوقعات كان بأمكانها أجتياح العاصمة ( كييف ) مقر القرار السياسي ألأوكراني لكنها لم تفعل و ربما ليس عجزآ او تقاعسآ لكنها قد أفسحت ( مجالآ ) للمباحثات القادمة و ترتيب الخارطة الجديدة من دون مسح و ألغاء الدولة ألأوكرانية كاملة من الخارطة الجغرافية و السياسية للمنطقة و بما ان القيادة الروسية تعلم جيدآ ان هذا ألأمر من المستحيل ان يتحقق ليس عسكريآ انما سياسيآ و هو بمثابة حربآ عالمية كارثية ثالثة .

اصبحت هذه الحرب عبئآ ثقيلآ على العالم بأسره و ليس دول القارة ألأوربية فقط فمع ألأرتفاع غير المسبوق في أسعار النفط و الغاز و تباطؤ النمو ألأقتصادي في العالم قاطبة أضافة الى التلويح ألأمريكي بنفاذ المخزون العالمي من القمح و المواد الغذائية ألأخرى و وقوف العالم على شفا المجاعة و كذلك فأن الحرب هذه تدفع ( روسيا ) ثمنها الباهض من مواردها ألأقتصادية و التي تدعم الآلة العسكرية الروسية و ان أطالة أمد هذه الحرب و التي تقف القيادة ألأوكرانية موقفآ متعنتآ و رافضآ لأيقافها مستندة على الدعم الغربي و ألأمريكي الغير محدود و الغير معهود أيضآ .

قد يكون المأزق السياسي و ألأقتصادي في هذه الحرب قد أقترب كثيرآ و حينها سوف تضطر كل ألأطراف المشاركة في تلك الحرب الى ألأختيار بين أمرين لا ثالث لهما و هو اما المضي قدمآ في تلك الحرب و بما تحمله من كوارث أنسانية و أقتصادية مدمرة و بالأخص على نطاق الدول ألأوربية المتضرر ألأول من تلك المواجهة او ألأحتكام الى لغة العقل و الحكمة و ان كان متأخرآ و أجبار القيادة ألأوكرانية على الرضوخ و الجلوس الى طاولة المفاوضات و بأستطاعة أمريكا و الدول ألأوربية الحليفة و بأشارة تلميحية من أفهام القيادة ألأوكرانية من ان المفاوضات و المباحثات هي الطريق ألأسلم في حل هذا النزاع و قد آن اوانها و لابد منها .

كان أمداد و ضخ ألأسلحة المتطورة الى الحكومة ألأوكرانية ليس الهدف منه تعزيز القدرات الدفاعية ألأوكرانية بقدر ما هو تأجيج للحرب و القتال الدائر في ذلك البلد ( اوكرانيا ) فبدلآ عن الدعوة الى الحوار و المباحثات و النقاشات و الطاولة المستديرة التي يجتمع حولها الخصوم في محاولة لأيجاد الحلول للمشاكل و ألأزمات التي أدت الى أندلاع هذه الحرب و تأثيرها السلبي على الدول ألأوربية و حتى باقي دول العالم كان العكس تمامآ حين غابت لغة العقل و المنطق و سادت لغة العنف و القتال بضخ المزيد من السلاح الحديث و العتاد و كأن الحرب هناك تحتاج الى المزيد من الحطب و الوقود .

العقلانية و النظرة ألأسترتيجية الدقيقة هو ما تميز به الوزير و المستشار السابق ( هنري كيسنجر ) و هذا الخبير السياسي المحنك حينما يدلي برأيه في مسألة ما يكون لرأيه أهمية و مصداقية كبيرة نظرآ في ( تنبوأته ) الكثيرة و التي كانت على جانب كبير من المصداقية و الواقعية و تجنبآ للحرب العالمية الثالثة فيما اذا تطورت الحرب في ( اوكرانيا ) و حاولت أمريكا و بريطانيا و من خلفهما الدول ألأوربية من كسر شوكة الجيش الروسي و ألحاق الهزيمة به ما ينذر بمواجهة عسكرية تكون اكثر شمولية و قد تكون في بداياتها في هجوم الجيش الروسي على دول اوربية اخرى مجاورة و تكون حينها ( أمريكا ) مجبرة على التدخل العسكري المباشر و سوف تكون هناك مواجهة بين القوات الروسية و القوات ألأمريكية و من هذا السيناريو المحتمل و الخطير طالب ( كيسنجر ) بأنهاء و أيقاف هذه الحرب بالحوار و التفاوض و ان تخرج جميع ألأطراف المتقاتلة ( لا غالب و لا مغلوب ) و كفى الله المؤمنين شر القتال .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here