(( قراءة تاريخية )) عن اعداد النازحين من (( محافظة الأنبار ))

(( قراءة تاريخية ))
عن اعداد النازحين من (( محافظة الأنبار ))
كتب : د . خالد القره غولي
إطلعتُ على إحصائية قامت بها إحدى المؤسسات المعنية بقضايا ومتابعة أمور النازحين من كافة مدن ( الأنبار ) ورغم وجود بعض الشكوك في دقة وصدق ونوايا الإحصائية لكنها تحمل بين طياتها أرقاماً خطيرةً جداً عن مستقبل هذه العوائل والمتغيرات الجذرية الكبيرة التي ستحدث في أماكن النزوح وأماكن الإستقرار .. وقبل التعرف والتعليق على هذه الأرقام لا بد من الإشارة بأنَّ العراقيين غير مولعين بالتوثيق أو حفظ الأرقام ونادراً ما تجد عراقياً إحتفظ بأوراق طفولته أو ذكرياته .. وهو أمر سيأتي ذكره لاحقاً في مقالات أخرى .. تُقسِّم الإحصائية النازحين منذ 2013/12/31 ولغاية 2015/5/20على جدولين .. الأول الخارجي والثاني الداخلي والمقصود بالخارجي نزوح هذه العوائل إلى دول عربية أو أجنبية .. وتتصدر تركيا العدد بــ ( 2341) عائلة تليها الأردن ( 868) عائلة وتتوزع بقية العوائل بنسب قليلة بين مصر والإمارات وقطر وبعض الدول الأجنبية والملاحظ أنَّ سبب زيادة عدد العوائل النازحة إلى تركيا هو عدم مطالبة السلطات التركية للعراقيين بتأشيرة الدخول إلى أراضيها .. أما النازحين داخل أرض الوطن فلابد لي من التذكير ببعض الأمور قبل التعرف إلى الأرقام .. فهناك فرق كبير بين تواجد هذه العوائل في بيوت ٍ تم تأجيرها أو تواجدهم في الفنادق وبين تواجد عوائل أخرى في مخيمات أو معسكرات غير صالحة للسكن البشري .. الفقرة الأولى ( التأجير أو الفنادق) تتطلب من العائلة النازحة إجراءات صعبة جداً وبعضها يصل إلى حد الفشل ومن ثم الإستعاضة بالذهاب إلى المخيمات ، منها مايحدث في إقليم كردستان للداخلين إلى الإقليم بالطائرات فعليهم البقاء في فندق معين حتى حصول موافقة السلطات الأمنية لتأجير بيت أو شقة .. والإجراءات نفسها بصورة أصعب للنازحين الّذين يرغبون الدخول إلى الإقليم براً .. أما بقية مدن العراق ومنها بغداد فعلى العائلة النازحة توفير كفيل لها للدخول وكفيل لتأجير بيت وكفيل للإستقرار في البيت وهو مالم يحدث في تاريخ البشرية منذ آدم وما لن يحدث حتى يوم القيامة من وحشية هذا التعامل بين أبناء الوطن الواحد .. وما تحدث به بعض مسؤولي المحافظات عن فتح أبوابهم للنازحين فهو غير صحيح لأنَّ المقصود وجود قريب لك تضمن كفالته إذا أردت الدخول إلى أحد مدن عراقنا الواحد الحبيب .. وللتذكير فإنَّ في العراق 18 محافظة ( قبل حلبجة ) منها 3 شكّلت إقليم كردستان هي السليمانية وأربيل ودهوك و5 ملتهبة ومحترقة هي الرُمادي والموصل وتكريت وديالى وكركوك .. والمحافظات المتبقية 10 بضمنها عاصمتنا بغداد 3 منها تُعد محافظات الجنوب وهي البصرة والناصرية والعمارة و6 تتوزع بين الوسط والفرات الأوسط هي السماوة والكوت والنجف الأشرف وكربلاء والحلة والديوانية .. تذكر الإحصائية أنَّ عدد نفوس أهل الرُمادي * حتى عام 2014 بلغ 1987000 مليوناً وتسعمئة وسبعة وثمانين ألف مواطن عراقي على وفق إحصاءات سابقة للأمم المتحدة توزعت نسب تواجدهم بين الأقضية كما يأتي : الرُمادي24% ، الفلوجة 21% ، هيت 14%، القائم 11% ، عنه 9% ، راوه 6,5 % ، حديثة 6% ، الرطبة 4,5% ، الخالدية 4% وتستمر الإحصائية في عرض أعدادها فتذكر أنَّ عدد العوائل التي نزحت في المدة التي ذُكرت سابقاً ( المسجلة فقط) بلغ 162488 مئة وإثنين وستين ألفاً وأربعمئة وثمان ٍ وثمانين عائلة نازحة .. وحصلت أربيل على المرتبة الأولى في عدد العوائل النازحة (52209 ) تلتها السليمانية (46211) فبغداد (30402) ودهوك (14419) ثم كركوك (9519) وبابل (2302) وكربلاء (2010) والبصرة (1140) والكوت (980) والديوانية (691) أما محافظات النجف الأشرف والسماوة وديالى والناصرية والعمارة فتتوزع العوائل النازحة المتبقية بين هذه المحافظات بأعداد ضئيلة .. وتذكر الإحصائية أنَّ العوائل التي لديها معيل أو موظف أو راتب تقاعدي أو معونة إجتماعية بلغ 8904 عوائل فقط أي مانسبته 5% من مجموع العوائل النازحة ! إلى هنا إنتهت أغلب التقارير والأرقام الإحصائية لهذه المنظمة الكبيرة والمهمة جداً .. لكنَّ الإحصاءات تناست أموراً عدة من أهمها عدم التمييز بين النازحين الساكنين على نفقتهم الخاصة في الفنادق أو البيوت أو الشقق المؤجرة والّذين يُنفقون أكثر من ثلث رواتبهم على الدور المؤجرة مع إرتفاع أسعار تأجيرها تزامناً مع موجة النزوح الإجباري .. وبين النازحين الساكنين في المخيمات أو المعسكرات أو المخازن أو حتى في العراء .. كما تغافلت هذه التقارير التي سُتقدم إلى لجان مهمتها النصب والإحتيال .. تغافلت النازحين داخل المحافظة نفسها وهم أكثر من أعداد النازحين خارج المحافظة .. فآلاف العوائل نزحت من الفلوجة ( على سبيل المثال ) وإستقرت في الرُمادي أو هيت أو الرطبة أو من الرُمادي وإستقرت في العامرية أو الخالدية أو هيت.. فضلاً عن عشرات المخيمات التي تأوي النازحين داخل حدود المحافظة وهم يعيشون ظروفاً قاسية جداً .. ولم يذكر التقرير أيضاً آلاف العوائل المنصهرة مع عوائل نازحة أخرى أو أقرباء في أماكن آمنة .. وسلط التقرير الضوء فقط على نزوح الأشخاص ولم يأتِ على ذكر الدوائر والمؤسسات والمعامل والمصالح النازحة .. هذه التقارير وغيرها لايقوم بإعدادها متخصصون في هذا المجال بل عدد من المراهقين المنتفعين من هذه الكارثة أملاً في زيادة سفراتهم إلى خارج العراق والدخول في دورات تثقيفية عن الهجرة والنزوح وزيادة مواردهم المالية .. وإلا ما معنى أن تُقدم هذه الإحصاءات لجهة كبيرة وبإشراف مسؤول ( كبير ) في الدولة وهي لا تحمل رقماً واحداً صحيحاً .. ولله .. الآمر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here