مجرد رأي عن مقاطع كي إن جي السومرية التي تُرجمة تَرجمة حَرفية وليست تَرجمة احترافية، معنوية؟ 1/5

محمد مندلاوي

مِن المعروف للعالم أجمع من أقصاه إلى أقصاه، أن الحضارة الغربية هي الحضارة السائدة وسيدة العالم في عصرنا الراهن، لأن 9،99% إذا لا نقول 100% من الاختراعات والاكتشافات والابتكارات في العصر الحديث تمت وتتم على أيديهم. قد يقول قائل: هناك الصين واليابان وغيرهما. صدقني عزيزي القائل الافتراضي، أن ما تجده في تلك البلدان ما هي إلا اقتباسات من التكنولوجية الغربية تقوم بها الآن، أو اقتبستها بعد حرب العالمية الثانية، أو صدرت لها من العالم الغربي بما فيه دولة أمريكا. لا تستغرب مما أقول، ألم تكن إلى زمن قريب الصين واليابان دولتان متخلفتان ومعهما كوريا الجنوبية أيضا؟ لكن الدعم الغربي لهم في جميع المجالات هو الذي جعلتهم ما هم فيه الآن من التطور والتقدم ورغد العيش؟.

على أية حال. دعونا نبدأ مما نحن بصدده الآن، مما لا شك فيه أن قارة آسيا هي أقدم قارة على كوكب الأرض، وهي التي بدأت منها اللبنة الأولى للحضارة ومن ثم انتشرت في أصقاع العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوبا. لكن مفردات هذه الحضارة القديمة ومنجزاتها بحكم عوامل الزمن صارت تحت الأرض، لكن في القرون القريبة التي مضت جاء الغربيون وأخرجوا أشياءً كثيرة من هذه الحضارة المندثرة من تحت الأرض، أو فكوا رموز تلك الكتابة التي تصور أهل المنطقة بأنها نقوش، كالكتابة الهيروغليفية في مصر، ورموز الكتابة المسمارية في كل من عراق وكوردستان وتحديداً في شرقها في مدينة كرمنشاه (كرماشان). ليس هذا فقط، بل أن مياه الشرب التي كانت القبائل العربية على مدى تاريخها تقاتل بعضها بعضاً عليها وإذا بها تستقر على بعد متر أو عدة أمتار تحت أقدامهم ولا يعلمون بها؟ حتى جاء الغربيون الـ(كفار) واستخرجوها لهم، ومن ثم استخرجوا لهم النفط والمعادن إلخ. من المعروف للجميع، أن هؤلاء الغربيين الذي اكتشفوا هذه النصوص الكتابية أن لغاتهم تكتب من اليسار إلى اليمين، بخلاف اللغات العربية والفارسية الحديثة التي تكتب من اليمين إلى اليسار؟ لكن الكوردية تكتب بطريقتين حين يدونون بالأبجدية التي بعضها آرامية يدونون من اليمين إلى اليسار، وعندما يدونون بالأبجدية اللاتينية يدونون من اليسار إلى اليمين.على سبيل المثال وليس الحصر، أن الجملة الغربية الـ(أوروبية) بخلاف الجملة العربية. مثلاً إذا نقول: مطار بغداد الدولي. لو نقولها باللغة الإنجليزية وهي لغة هندية أوروبية نقول: Baghdad International Airport لاحظ انقلبت الجملة رأساً على عقب. مثال آخر وهو الجملة المشهورة عربيا: ضرب زيد عمرو. بالإنجليزية: Zaid Amr hit إلخ. فعليه، عندما فكوا رموز الكتابة المسمارية وترجموها إلى لغاتهم وفق قواعد ومفردات لغاتهم الغربية التي هي أقرب للغات المكتشفة من اللغات السامية ومنها العربية وخاصة تلك المكتشفات القديمة في كل من العراق وكوردستان وإيران

وسوريا ولبنان وما تسمى اليوم بجمهورية تركيا، لكن موضوعنا لهذا اليوم سيختصر على العراق وعن الكتابة السومرية، أولئك الذين يقال عنهم أن الأكديين هم من أطلقوا عليهم اسم السومريين وعلى بلادهم اسم سومر؟. إن هؤلاء الأكديين الذين اقتبسوا غالبية حضارة سومر أسسوا بعد أفول نجم السومريين إمبراطورية باسم الإمبراطورية الأكدية – The Akkadian Empire. وفي العصر الحديث يقولون أن السومريين قالوا عن أنفسهم: كي- إن- جي = ki- en- gi وترجم هكذا: أرض سيد القصب، أو كما أرى أنا هي هكذا: ملاك القصب والمكان، أو أسياد القصب والمكان. بهذا الصدد يقول الدكتور المؤرخ جبار عبد الله الجويبراوي: قيل في المعنى الحرفي لبلاد السومريين أنها تعني (أرض سيد القصب). عزيزي القارئ الكريم، أن المعنى الحرفي أو الترجمة الحرفية، الذي ذكره المؤرخ الجويبراوي، يقول المختصون عن هذه الترجمة، أعني الترجمة الحرفية، إنها لا تهتم بالنص وألفاظه، ولا تكترث بالمعنى العام في مضمونه، تترجم كل كلمة على حدة. بغض النظر عن السياق التي وردت فيه، وعن ماذا كانت هذه الترجمة موافقة لذاك أم لا؟. بينما الترجمة الاحترافية، الترجمة المعنوية كما يقول المختصون أيضاً: تهتم في ذاتها بالمعنى العام للنص والتعبير عنه بأدق الألفاظ المنتقاة وهي الأقرب مماثلة لما ورد في النص الأصلي. للعلم أنا راجعت القاموس السومري- الإنجليزي الموجود على النت وهذا عنوانه :Sumerian Lexicon – المعجم السومري، إعداد: John A. Halloran. وجدت في هذا القاموس السومري أن مقطع كي – Ki أو كلمة كي- Ki جاءت 88 مرة في مقدمة كلمات أو مقاطع أخرى، وعرفت بهذه الصيغة: Ki- en-gi ثم عرف هذا الاسم المقطعي المذكور هكذا: سومر (“مكان”) + “اللوردات” + نبيل؛ أصلي”). ومقطع “إن-en” جاء 7 مرات، و12 مرة جاء حرف الـ”e” بالرسم الفرنسي هكذا:”é “. إما مقطع “gi- جي” جاء 37 مرة تُرجم هكذا: طوف (اريد + ماء+ مكان للراحة) وترجم إلى معاني أخرى عديدة. بهذه الطريقة وغيرها فُك رموز المقاطع أو الكلمات السومرية إلى اللغات الأوروبية ومن ثم اقتبستها لغات أخرى ومنها العربية التي استعارت وتستعير الكلمات من اللغات الأخرى وتحورها كيفما تريد حتى تتماشى مع اللفظ والقواعد والإملاء العربي؟. أثناء بحثي وجدت في القاموس الإنجليزي المشار إله أعلاه أن اسم “كور- Kur” السومري يطلق على الجبل والأرض؟. في اللغة الكوردية اليوم تحول حرف الـ”كاف” إلى گ- G ويقول الكورد للأرض المسطحة، للميدان، للساحة “گۆڕ ەپان- Gorapan. إن كلمة “گۆڕ- Gor ” تعني ميدان، ساحة، قبر، و”پان- Pan” تعني مسطح. لكي يعرف القارئ الكريم، حقيقة ما قاله المترجمون عن هذه الملحمة أن كل واحد منهم ترجم المقطع السومري كما يحلوا له، بعضهم أفلح في جوانب منها، والبعض الآخر فشل في ترجمته لتلك المقاطع. للأسف حتى أن بعض الأكاديميين الكورد من السوران كتبوا عن سومر والسومريين لكنهم لم يكلفوا أنفسهم ويزوروا منطقة كورد الكلهور أو كورد الفيلية كما تسمى ويقارنوا بين لهجتهم ولغة سومر. على سبيل المثال وليس الحصر، جاءت في المصادر أن أحدهم يقول في ترجمته: مثل عزم آنو. وفي ترجمة أخرى الآخر يقول: مثل جند آنو. وثالث يقول: مثل جند السماء، وشهاب السماء، وجوهر آنو. وعن انكيدو، أحدهم يقول: نزل من التلال. وآخر يقول: نزل من الجبال. وعن البيت، هناك من يصفه ببيت الاجتماع. وآخر يقول: بيت الرجال. وثالث يقول: بيت العرائس. بيت الزواج. وعن إحدى الآلهات أحدهم يقول: اسمها “آي”. والآخر يقول: “آية” حتى أن اسم الشخصية المشهورة في الملحمة هناك من يقول أن اسمه: أتونابشتم. وآخر يقول اسمه: اوتو- نبشتم. حتى من الذين شطحوا قليلاً ووقعوا في مطبات الأخطاء المعنوية العلامة المختص بالسومريات (طه باقر) وذلك في ترجمته للملحمة المذكورة في صفحة (107) يقول: جاء على لسان جلجامش لصديقه انكيدو:” يا ((انكيدو)) ان أمك ظبية وأبوك حمار الوحش” انتهى الاقتباس. أولاً، إذا يقصد حمار الوحش المعروف بـ(زبرا – Zebra) لا وجود له لا في كوردستان ولا في سهولها التي سميت في العصور اللاحقة بأرض الرافدين نسبة للنهرين دجلة والفرات اللذان يأتيان من أعالي جبال شمال كوردستان ويجتازان جنوب وغرب كوردستان. ثانياً، كيف يتزاوج جنسان مختلفان من الحيوانات، ظبية وحمار؟؟!!. مما لا شك فيه، إن (طه باقر) قد وجد في

اللوح الذي ترجمه من إحدى اللغات التي ذكرناها أعلاه اسم (الحمار) بإحدى تلك اللغات، لكن يتضح من خلال ترجمته له أنه لم يعرف المعنى الحقيقي للاسم، ثم أدرك أنه من غير الممكن للحمار الأليف أن يلحق بالظبية لكي يتزاوج معها، فلذا شطح بخياله إلى إفريقيا وجاء بحمار الوحش (زبرا – Zebra) فظن أنه هو المذكور في اللوح، لأنه حيوان غير أليف كالظبية وأسرع في الجري من الحمار الأليف أو الحمار البري. عزيزي القارئ الكريم، الذي لم يعرفه (طه باقر) أن الكورد إلى اليوم يقولوا لحيوان العلند” خەرگور- Khargor” لأنه أكبر حيوان في فصيلته. أليس الذي نقوله يقبله العلم والعقل والمنطق، لأن الحيوانات تتزاوج فيما بينها من ذات الجنس، فالظبية تتزاوج مع الظبي. وليس مع حمار الوحش، الذي لم يتواجد في شرق الأوسط. من حيث تركيب الاسم أنه طريقة كوردية يركبون الاسم مع أسماء أخرى لتكوين اسماً محدداً، مثلاً اسم الـ “خەر- کەر” يضيفون له اسم الـ “گوش” فيصبح “خەر گوش- Khargush” أن “خَر- كَر- Khar” قلنا أنه كبير و “گوش- Gush” هي الأذن، فلصقهما معا يعطينا اسم”خەر گوش” أي الأرنب، لأن أذنيه كبيرتان قياساً بجسده. و”خەركار- Kharkar” بمعنى عمل متعب “خەر” قلنا ماذا يعني، و”كار” عمل ولصقهما معاً يصبح “خەرکار” بمعنى العمل المضني إلخ. إن اسم “خەرگور” مركب من “خەر” الذي هو الكبير و” گور” الذي هو العِجل ولد البقرة. أن الكورد سمو العلند بهذا الاسم لضخامة جسمه؟. وكذلك يسميه الفرس. حتى أنهم يسمون الصخرة الكبيرة (خَرسَنگ – Kharseng) وقوس الكبير لرماية السهام (خَركَمان- kharkeman) إلخ. وفي صفحة (126) في كتابه آنف الذكر يقول (طه باقر) في ترجمته عن انكيدو: إنه “طارد حمار الوحش في البرية، واصطاد النمور…”. هذا الكلام يؤكد لنا أيضاً أن حمار الوحش هنا هو (العلند) وليس حمار الوحش (زبرا). ثم أن القصص الشعبية الكوردية والفارسية مليئة باسم حيوا الـ”خەرگور”. سبق وقلنا من يكتب بدافع غير نبيل ولا يفحص الكلم بعد اقتباسه من المصادر اللغوية والتاريخية والجغرافية يقع في شراك الأخطاء (اللغوية) والتاريخية والجغرافية والمعنوية. الآن دعونا نتوسع في معاني المقاطع الثلاثة لاسم سومر التي قيل إنها وضعت على لسان السومريين أنفسهم كما نقل لنا في بواطن الكتب القديمة والحديثة. لا تنسى عزيزي القارئ، أني قلت في سياق الحديث أن هناك اختلافاً بين اللغات الأوروبية واللغة العربية، لأن الجملة الأوروبية ومعها الكوردية جملة اسمية بينما العربية غالبيتها جمل فعلية كما رأينا هذا في جملة ضرب زيد عمرو، لو نحاولها إلى الكوردية يجب أن نقول: زەید لە عەمری دا- Zayd la Amri da. انتقلت الجملة من جملة عربية فعلية إلى جملة كوردية اسمية. الشيء الآخر الذي لم يخدم تلك المكتشفات، أن اللغة العربية تفتقد إلى بعض الحروف السومرية – الكوردية، مثل گ – G، چ- Ch، ژ- J، پ- P، ڤ- V. إن هذه الحروف جميعها موجودة إلى اليوم في اللغة الكوردية. رغم إننا سبق وتحدثنا في مقالات سابقة عن اللغة السومرية التي هي لغة إلصاقية امتزاجية كما هي اللغة الكوردية حيث إنها تبتكر من عدة كلمات كلمة واحدة. بينما اللغة العربية بعكس السومرية والكوردية لغة اشتقاقية تشتق من جذر الكلمة الواحدة كلمات أخرى.

يتبع..

06062022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here