“مواصلة القتال أو التراجع”.. أوكرانيا تواجه معضلة في سيفيرودونتسك

احتدام المعارك في مدينة سيفيرودونتسك شرق أوكرانيا

في ظل احتدام المعارك في مدينة سيفيرودونتسك شرق أوكرانيا، تواجه كييف قرارا استراتيجيا رئيسيا، فإما الانسحاب من المدينة، أو البقاء والمخاطرة بأن يتم محاصرة قواتها من قبل الجيش الروسي.

وتكتسب سيفيرودونتسك، أهمية استراتيجية فهي آخر مدينة رئيسية في منطقة لوهانسك الانفصالية التي لم يستول عليها الروس، في ظل سعيهم للسيطرة على شرق أوكرانيا بشكل كامل، وفقا لتقرير صحيفة “نيويورك تايمز“.

وكان موقف أوكرانيا طوال الحرب أنها تعتزم التمسك بأراضيها السيادية، وعدم التنازل عنها لموسكو، ولذلك يعتبر الرئيس الأوكراني، أن الانسحاب من المدينة ثم العودة لاستعادتها لاحقاً، سيكلف أكثر بكثير من الصمود والاستمرار في القتال.

وفي تصريحات مساء الاثنين، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن قواته لا تتخلى عن مواقع في مدينة سيفيرودونيتسك، التي تدور فيها بعض أكبر المعارك البرية في الحرب.

وأضاف: “أبطالنا لا يتخلون عن مواقع في سيفيرودونتسك، القتال العنيف مستمر في شوارع المدينة”، وفقا لـ”رويترز”.

وأشار زيلينسكي إلى سيفيرودونتسك وجارتها ليسيتشانسك، ووصفهما بأنهما “مدن ميتة” دمرتها الهجمات الروسية وخالية من المدنيين تقريبا.

في المقابل، قال حاكم منطقة لوغانسك إن الجيش الأوكراني قد يضطر إلى التراجع لمواقع أقوى في مدينة سيفيرودونيتسك المحاصرة في شرق البلاد، وأشار إلى اندلاع قتال عنيف هناك الأربعاء.

وأضاف الحاكم سيرغي غايداي في كلمة بثها التلفزيون أن أوكرانيا تتوقع من روسيا تصعيد قصفها لسيفيرودونيتسك وشن هجوم ضخم حيث تركز موسكو كل جهودها على المنطقة.

وقال غايداي: “القتال ما زال مستمرا ولن يتخلى أحد عن المدينة حتى لو كان على جيشنا أن يتراجع إلى مواقع أقوى. هذا ليس معناه أن هناك من يتخلى عن المدينة.. لن يتخلى أحد عن أي شيء. لكن من الممكن أن يضطر (الجيش) للتراجع”.

وفي حال السيطرة على هاتين المدينتين سيتم إزالة آخر عقبة نحو مدينة سلوفيانسك الرمزية ونحو كراماتورسك عاصمة منطقة دونيتسك الخاضعة لسيطرة أوكرانيا، وفقا لـ”فرانس برس”.

قرار استراتيجي

قال زيلينسكي: “ستكون العودة مكلفة للغاية، من حيث عدد القتلى وعدد الخسائر”، وهو ما يمثل قرارا استراتيجيا خلال الحرب، حسب وصف “نيويورك تايمز”.

وقد يؤثر التراجع أو الانسحاب على معنويات القوات الأوكرانية، حيث نقلت الصحيفة الأميركية عن بعض الجنود الأوكرانيين قولهم إن استمرار القتال سيلحق المزيد من الخسائر بالقوات الروسية “المنهكة بالفعل”.

وفي مقابلة مع “نيويورك تايمز”، قال جندي أوكراني طلب عدم الكشف عن هويته “إنهم (الروس) يقتلون الكثير من رجالنا”.

وتابع: “دعهم يتقدمون قليلاً، دعهم يعتقدون أنهم استولوا على المدينة”، وأضاف ساخراً “بعد ذلك سنلتقي بهم بشكل جميل”.

وفي وقت سابق من الحرب، تم محاصرة الجنود الأوكرانيون في مدينة ماريوبول حيث قاتلوا القوات الروسية لأسابيع، ثم تراجعوا في نهاية المطاف للاحتفاظ بجيب صغير بمصنع الصلب في آزوفستال.

قبل أن يأمر زيلينسكي الجنود بالاستسلام بدلاً من القتل، لكن هذه المرة قرر قادة كييف تجنب نسخة أصغر من ذلك الحصار، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

جسر حيوي

وسيفيرودونيتسك وليسيتشانسك اللتان يفصل بينهما نهر هما آخر مدينتين ما زالتا تحت السيطرة الأوكرانية في منطقة لوغانسك. وسيفتح سقوطهما الطريق للروس إلى مدينة كراماتورسك  الكبيرة في منطقة دونيتسك.

وفي محاولة لاحتجاز القوات الأوكرانية في المدينة، كانت القوات الروسية تطلق نيران المدفعية على الطريق الوحيد المتبقي عبر النهر، وهو جسر تعرض للقصف بشكل متكرر.

ويعد الجسر محوريا للسيطرة على سيفيرودونتسك، وتعرض للقصف بشكل متكرر، وأظهر مقطع فيديو سجله مراسلو “راديو أوروبا الحرة”، الأسبوع الماضي، حجم الدمار الذي لحق بالجسر.

وقال مسؤولون أوكرانيون إن القوات انسحبت، الاثنين، وفجرت الجسر واتخذت مواقع دفاعية على ضفة النهر العالية، وتم تدمير جسرين آخرين في المدينة في وقت سابق من مايو.

معركة معنوية

ووفقا لموقع “نيو فويس أو أوكرين“، فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يحتاج إلى فوز دعائي، وبالتالي فهو يريد من جيشه أن يستولي على ليسيتشانسك وسيفيرودونتسك في أسرع وقت ممكن.

وحسب الموقع، فقد ألقت روسيا بكل قواتها في هجوم على سيفيرودونتسك، لكن تبين أن الجيش الأوكراني نصبا فخا لنظيره الروسي في المدينة.

ويقول الموقع الأوكراني إن قوات كييف استعدت لحصار سيفيرودونتسك لفترة طويلة جدا، وزرعت الغاما ونصبت الكمائن للجيش الروسي، حيث تم السماح لقواته بالدخول “ثم تم إبادتهم”، بحسب تعبيره.

من جانبه وصف حاكم مدينة لوغانسك، جهود أوكرانيا في الدفاع عن المدينة بأنها “مسألة مقاومة رمزية”، وقال في وقت سابق “من الناحية الإستراتيجية، مدينة سيفيرودونتسك ليست ذات أهمية كبيرة”، حسب “نيويورك تايمز”.

وأضاف أن “ضفة النهر المقابلة لها أهمية عسكرية أكبر لكن من الناحية السياسية  فإن تحرير المدينة سيؤدي إلى رفع معنوياتنا بشكل كبير وإحباط معنويات الروس”.

ومع ذلك، قال الرئيس الأوكراني، إنه منفتح على إعادة النظر في قراره بناء على التطورات التي تشهدها المدينة.

وأضاف: “الصمود في الأرض أو التراجع، له جوانب سلبية محتملة، في الخيار الأول هناك مخاطرة، وفي الخيار الثاني هناك مخاطرة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, , ,
Read our Privacy Policy by clicking here