اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة النساء (ح 45)

الدكتور فاضل حسن شريف
في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: انني ذكرت ان هناك جملة من الادلة المبسطة على وجود الله وحكمته وحسن تدبيره. فالان استمر بنفس الموضوع وقد سبق ان قلت في ذلك ان العقل الانساني اقل من ان يدرك الواقعيات وان يدرك التشريع العادل الحقيقي. وذلك ينتج ان التشريع الحقيقي بيد الله سبحانه وتعالى، لانه كما يعبرون وهو المطلب كذلك اشفق علي وعلى أي فرد من الام والاب واعلم بواقعي وواقع مصالحي ومفاسدي من الام والاب. فمن هذه الناحية من الفخر ومن الاعتزاز ومن الراحة ومن اللطف أن يتمحض التشريع بيد الله سبحانه وتعالى، ليس بيد عبده الذي هو ليس معروف من هو وما هو لا اقول اكثر من ذلك. المهم ان هذا التشريع حينما نعرفه موجودا ومستمرا من عصر الإسلام إلى يوم القيامة، الا نعلم ان حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة. حينئذ انا اقول وانشاء الله توافقوني ان استمرار التشريع بهذا الشكل وبهذه المدة المطولة جدا التي قد تصل إلى مليون سنة او ملايين السنين الله العالم نحن الآن ألف واربعمائة سنة على الإسلام ربما تأتي اجيال تجدنا كأننا قريبين من عصر الاسلام لانه مثلا نصف مليون فاصل، مليون فاصل، مليونين فاصل. الف واربعمائة سنة ماهي قيمتها. نحن قريبين ذاك اليوم كان النبي مبعوث صلى الله عليه واله.  محل الشاهد أن تشريعا يبقى بهذه السعة في الطول الزماني وفي السعة المكانية ويعالج كل النفوس والعقول وكل المشكلات الاجتماعية وكل المشكلات الاقتصادية وكل المجتمعات على اختلاف لغاتها وارتكازاتها وعاداتها. يأتي احد من جزيرة العرب يدعي انه انا كفيل العدل عندكم جميعا والى يوم القيامة. كيف يصح ذلك انما هي معجزة رب العالمين. لاحظوا قاعدة واحدة وكل قواعد الدين كذلك، كمثال (إنما احكم بينكم بالبينات والايمان) هل تتخلف لا تتخلف الى يوم القيامة. مثلا “إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ” (النساء 29) وهكذا (لا تنقض اليقين بالشك) كل هذا موجود وساري على كل الافراد مسلميهم وكفارهم لان لا اقل المشهور وانا اعتقد ان الكفار مكلفون بالفروع، فاذن القواعد الدينية تسري عليهم رغما عليهم من حيث يعلمون او لا يعلمون ويجب عليهم امتثالها ويعاقبون على تركها.
جاء في محاضرة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن ضعف الإنسان امام الشهوات: واستطيع ان أقول بان غالب أو لعله فوق الـ 95 % من الرجال ضعفاء أمام النساء، لأن كيد النساء اقوى من كيد الشيطان. في الحقيقة كيد الشيطان ضعيف وكيد النساء عظيم, فإذا كنت أنا ضعيف في الحقيقة أمام الضعيف, فكيف لا أكون ضعيفا تجاه العظيم والقوي والشديد. والمكر الذي يمكرنه والأمور الأخرى التي من قبيل ان اغلبهن لا ورع لهن ولا تقوى ولا تفقه, فمن هذه الناحية الرجل يقع بين حدي السكين, مع ذلك هو يحاول أن يتبع هوى نسائه من قبيل زوجته أو بناته أو عماته أو أخواته أو أي شيء من هذا القبيل, مع العلم انه على القاعدة أن الطالب سواء كان ذكرا أو أنثى ان طابق كلامه القواعد نطبق كلامه ونحترمه وان خالف كلامه القواعد نعصيه، فالرجل إذا اتبع هوى المرأة يكون عبد عبده لماذا؟ لأنه بحسب الأصل “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء” (النساء 34) بهذا المعنى ان المرأة يملكها الرجل ملكاً جنسيا واقتصاديا واجتماعيا, لكنه هي تملكه فيكون عبدا لعبده لماذا لا، ليس هذا عيباً لأنه ينبغي ان نتكلم بصراحة.
جاء في كتاب اضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ان التمني للمكن امر ممكن . فإذا عرفنا ان (المعّية) المعنوية مع اصحاب الحسين عليه السلام امر ممكن في اي مكان وزمان، لأنها تعبر عن المعية القلبية والفكرية، وهي المعّية الاهم والالزم. فإذا كانت ممكنة كان تمنيها ممكناً. ويمكن ان يقصدها الفرد حين يقول: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً. والحق أن المعية المعنوية توجب الفوز العظيم بلا اشكال. ولكننا يحس ان نلتفت إلى أن هذا التعبير وارد في القرآن عن قول فرد فاسق أو متدني الايمان وقليل اليقين . لأنه سبحانه يقول: “وان منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي اذ لم أكن معهم شهيداً * ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيما” (النساء 72-73) إذن فتكرار هذا المضمون من قبل الفرد لا يكاد يكون معقولاً وأنه سيعتبر نفسه متدني الإيمان أو قليل اليقين .وهذا لا يكون الا مع الغفلة عن المضمون الحقيقي للعبارة كما هو الاغلب، او لأجل كسر النفس والوقيعة فيها، كما هو شأن الزهاد والسالكين. كما ينبغي أن نلتفت إلى أمر اهم حول الآية الكريمة هو : انه سبحانه يقول : “ولئن اصابكم فضل من الله ليقولن” (النساء 73). وهذا يعني بالنسبة إلى الأفراد الاعتياديين ، بغض النظر عن المعاني التي اسلفناها أمرين: الأمر الأول : أن الحسين عليه السلام اصابه فضل من الله بالشهادة ، والفرد يتمنى أن ينال من هذا الفضل. وقد سبق ان قلنا : ان هذا الفضل من دواعي الاستبشار لا من دواعي البكاء. مع العلم انهم يجعلونه مقدمة للبكاء كما هو المعهود اكيدا . ومعه فلا يكون وضعه في هذا الموضع مناسباً. الأمر الثاني: ان الفضل الذي ناله الحسين واصحابه من الله سبحانه ليس مجانياً ولا يمكن أن يكون كذلك. ولذا ورد: لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة. فقد دفع الحسين عليه السلام تحمله لانواع البلاء الدنيوي بما فيه نفسه ونفوس أهل بيته وأصحابه فداءً لذلك الفضل العظيم . فهل سيكون الفرد على استعداد أن يشاركه في جزائه ام يتمنى الفرد ان يحصل على ثواب الحسين عليه السلام مجاناً مع ان الحسين عليه السلام نفسه وهو المعصوم لم يحصل عليه الا بالثمن الغالي. ان هذا من سخف القول حقاً.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here