الحكومة لا تخاف ثورة الجياع!

الحكومة لا تخاف ثورة الجياع!
علاء كرم الله

بعد 20 عام من الأحتلال الأمريكي الغاشم للعراق ، تدهورت أحوال العراق كثيرا فصار من سيء الى أسوء ، على الرغم من واردات النفط الكبيرة وخاصة الطفرة الكبيرة التي شهدتها أسعار النفط أخيرا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ، والميزانيات الأنفجارية التي يقدر لها الخبراء بأنها تعادل ميزانيات 4 أو 5 من الدول العربية!، مع كل ذلك ، ألا أن المواطن العراقي لم يجن من كل ذلك غير مزيد من التخلف والفقر والحاجة وأزدياد أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل وأستمرار الأزمات وتفاقمها ، فلا تعليم ولا صحة ولا زراعة ولا صناعة ولا ولا ولا ولا … كل الأزمات بقيت على حالها بل في زيادة وتراكم سنة بعد سنة وعام بعد عام! ، حيث يذهب الجزء الأكبر من هذه الواردات الى جيوب الفاسدين وسارقي المال العام ، و جزء منه يخصص لرواتب الموظفين والمتقاعدين (تشغيلية) ، ومن هذه الواردات يخصص جزء كبير كمساعدات الى بعض الدول المجاورة!، وليذهب الشعب الى الجحيم . لذا فالأزمات بقيت على حالها وبلا أية حلول بل تفاقمت الأزمات أكثر من ذي قبل وخاصة أزمة الكهرباء التي هي مشكلة العراق منذ أكثر من 3 عقود والتي (أريد لها وتم الأتفاق)! من قبل قوى الشر والظلام من مستعمري العراق ان تبقى على هذه الصورة ، لأن الكهرباء هي مفتاح لحل كل مشاكل العراق! ، فالكهرباء تعني الحياة وبدون كهرباء منتظمة يعني تعثر الحياة بكل سبلها وأوجهها وتفاصيلها ، ومما زاد من تفاقم الشعور أكثر بأزمة الكهرباء هو قدوم فصل الصيف القاسي جدا وهذه المرة ، رافقته حالة التصحر التي بدأ يعاني منها العراق بشكل واضح ، حيث بدأ التصحر يزحف سريعا تجاه المدن وبدأ يلقي بظلال من الكآبة واليأس والخوف وحتى الأنزعاج النفسي على صورة المشهد العراقي ، وسبب هذا التصحر المقصود! هو سيطرة دول الجوار على منابع نهري دجلة والفرات وروافدهما في محاولة لخنق العراق عن قصد وسبق أصرار! ، بعد أن تم تحويل أكثر من 80 نهر ورافد من العراق الى داخل أراضيهم هذا أضافة الى أقامة السدود دون أخذ راي العراق بذلك! ، بل دون أي أعتبار وأحترام للعراق كدولة متشاطئة! ، حيث تنص القوانين البحرية الدولية على التفاهم ( بين الدول المتشاطئة) ، أي يجب التفاهم مع العراق في أي موضوع يخص المياه المشتركة وأقامة السدود ، بينه وبين أيران وتركيا . حيث يحذر الخبراء والمختصين ومن خلال دراسات علمية منتجة ورصينة بأن العراق مقبل الى حالة كارثية من الجفاف والتصحر في السنوات الخمس المقبلة في حال بقاء أزمة المياه بلا حلول ولا تفاهم مع دول الجوار. وعلى الرغم من كثرة التظاهرات فلا يكاد يمر أسبوع ألا وهناك أعتصام ومظاهرة ومطالبات بالحقوق وما الى ذلك ، ألا أن هذه المظاهرات لم تعد تخيف الحكومة ولا الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة ، فبعد القضاء على أنتفاضة تشرين الوطنية عام 2019 التي كادت لا أن تسقط العملية السياسية الفاشلة في العراق منذ عام 2003 ولحد الآن! فحسب بل أن تفشل حتى المخطط الأمريكي بالعراق! ، مثلما أفشلت أنتفاضة 25/ يناير عام 2013 في مصر المخطط الأمريكي وحسب أعتراف ( هيلاري كلينتون) وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك! ، حيث أستطاعت تلك الأنتفاضة من أسقاط النظام الأسلامي الأخواني لمحمد مرسي! . نعود بالقول ، فلم يعد هناك ما يخيف الحكومة العراقية بعد القضاء على أنتفاضة تشرين! فأية مظاهرات وأعتصامات ومطالبات! هي (بالريش كما يقال)!. هذا طبعا مع أستمرار وتغول الفساد بشكل مرعب وضياع القانون تماما بعد سيطرة الأعراف العشائرية وتسيدها على عموم المشهد العراقي كبديل عن القانون وعن القضاء! ، وأكتملت صورة هذه ( الفوضى الخلاقة التي تريدها أمريكا)! بأنفلات السلاح ومعه أنفلات الأخلاق وأنفلات الامن وأنتشار المخدرات بكل أنواعها وأنتشار الجريمة المنظمة ، فتصور أية صورة مشوهة وسوداء تغطي وجه العراق! . كما صار واضحا بأن صورة العراق والمشهد السياسي فيه ، يتمثل في طبقتين، الطبقة الأولى هي الطبقة السياسية الحاكمة القوية التي تمتلك كل وسائل السيطرة من جيش وشرطة وقيادات وأجهزة أمنية مختلفة ومال وأعلام وفضائيات وطبقة الحكومة هذه متهمة من قبل الشعب ، بأنها غير عادلة وتكره الشعب كره العمى! وتعمل على أذلاله وتفقيره وتجويعه وتخلفه في كل شيء وبكل شيء! وبالتالي هي لا تحظى بأحترامه وثقته ، بعد أن سلبته كل حقوقه المشروعه على مدى 20 سنة من حكمها! ، الطبقة الثانية هي طبقة الشعب المسلوب الأرادة الممزق المهدور الكرامة المتفرق الغارق في دوامة من الأزمات والمشاكل والذي بح صوته من كثرة المطالبة بحقوقه ولكن لا توجد أذان صاغية لهم ولمطالبهم المشروعة ، فهم أصحاب حق ولكنهم متفرقون! . يقول الأمام علي ع (باطل متماسك خير من حق متفرق)!. فالقانون وأن وجد وأريد تطبيقه في العراق فهو يطبق على الفقراء وبسطاء الناس! ، كما لا يوجد صوت للقانون أمام صوت العشيرة العالي.! أن دولة الشر وعنوان الجريمة والتآمر الولايات المتحدة الأمريكية بعد 20 سنة من أحتلالها العراق ، حولته الى مشروع أقتصادي تتقاسم خيراته وتُنهب ثرواته من الفاسدين من أعداء الداخل ، ومن أعداء الخارج ومن أمريكا ومن حلفائها وكل من يتعاون معها ويدور في فلكها ، ومن كل دولة كانت تتربص بالعراق السوء من الدول العربية ومن دول الجوار وتريد له الخراب وتنتظر سقوطه لتصفي حساباتها التاريخية مع العراق بكل ما تحمل نفوسهم من أحقاد وأضغان وغيرة! . المهم والأهم والأكثر أهمية هو ، أن نفط وغاز العراق مستمر بالتصدير! ولم ولن يتوقف أبدا تحت أي ظرف كان! ، وليحترق وليذهب الشعب الى جحيم. فلا حل ولا أصلاح لأية أزمة في العراق وعلى رأسها أزمة الكهرباء حيث مضى عليها 20 سنة وهي بهذا الحال من التردي وستبقى الى عقود وعقود على هذا الحال أن لم تصل الى أسوء من ذلك فلا توجد ألا بعض الحلول الترقيعية لأصلاح منظومة الكهرباء وهذه الحلول نعرفها وتعودنا عليها كل عام!، ناهيك عن أستمرار وتراكم بقية الأزمات وبقائها بلا حل. فثورة الفقر والجوع وثورة الأزمات والحاجة وثورة العاطلين وأزمة العشوائيات التي يتوقع الكثير من المحللين السياسيين ومن المتابعين للشأن العراق أنفجارها في أية لحظة بسبب ما وصلت أليه الأمور من تردي ، أقول : أن كانت ثورة الجوع والفقر والحاجة قد ((أسقطت نظام حسني مبارك في مصر ونظام زين العابدين بن علي في تونس عام 2011)) , ورغم أن ثورة الجياع والمستصعفين والمعدمين تكون قوقية دائما ومخيفة على مستوى العالم! ، ولكنها ومع الأسف غير قادرة على أسقاط الحكومة والطبقة السياسية في العراق! ، لسبب بسيط هو أن المحتل الأمريكي الغاشم هو من يريد الخراب والدمار للعراق ، وهو من يريد أن يكون العراق بهذا الحال! ( نقطة راس سطر كما يقال)! . أن واحدة من أهم سياسة الأحتلال الأمريكي الغاشم للعراق هو زرع الفتنة والفرقة بين الشعب ، ونشر الخوف بكل صوره وأشكاله وخلق الفوضى عن طريق أضعاف القانون وتحويل صورة الحياة ( وكأنها شريعة غابة) القوي يأكل الضعيف ولا هناك سند ولا قانون يحمي الضعيف بل هؤلاء الضعفاء هم أول من يطبق عليهم القانون! ، ومن الجدير أن نذكر هنا أنه وقبل فترة نشر خبر على مواقع التواصل الأجتماعي يقول الخبر: (( أن رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) قال لطليقة أبنه عندما رفعت عليه دعوة في القضاء لحقوق لها على أبنه ، أجابها بأن القانون لا يطبق على الأقوياء!!). أخيرا نقول: أن ما نكتبه هو ليس من باب اليأس والتشاؤم أبدا! ، بل لأن كل الحسابات تقول أن الواقع السياسي المتمثل بالحكومات التي تم ويتم تشكيلها هي من نفس الأحزاب والقيادات السياسية الفاشلة وبأعترافهم أنفسهم!! والتي قادت البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ولحد الآن! ، وهذه الطبقة من الأحزاب السياسية والمسيطرة على زمام الحكم بكل قوة وقسوة وعنف والذي لا تتخلى عنه أبدا! ، تعيش صراعا غير متكافيء مع شعب أعزل كل ما يقوم به هو تظاهرات سلمية ، بعد أن تخلى عن الكثير من مطالبه وحقوقه الأنسانية ، ولم يعد يطالب ويبحث فقط عن رغيف الخبز!. فهل هكذا شعب يمكن أن يخيف حكومة وأحزاب سياسية مسنودة حتى من السماء!!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here