أفتونا ياساسة العراق… تطبيع أو لاتطبيع ؟

الكاتب/سمير داود حنوش

لم تعد سياسة التجهيل والإستغباء والضحك على الذقون تنفع بين الرئيس والمرؤوس أو الحكومة والشعب.

ولم تعد تُجدي إيجاباً سياسة الكيل بمكيالين أو نظرية الوجوه المتعددة، فالأمور قد بانت وإتضح الخيط الأسود من الأبيض في عالم السياسة خصوصاً مع إقتراب العالم من حرب عالمية ثالثة كما يُهيئون لها، حيث لم يعد النفاق السياسي يُنتج خيراً أو يُصلح حالاً في ظل كل هذا التباين والإرباك الدولي والتشتت في المواقف الإقليمية وحال الشعوب وصَدق من قال أن النجاة في الصِدق.

القرار الأخير الذي إتخذه البرلمان العراقي بتجريم التطبيع مع إسرائيل وصفق له الكثير معتبرين أنه إنجاز تاريخي يوازي تحرير الأقصى من براثن المحتل، وبموازاة ذلك لم يعلن هؤلاء الرافضين للتطبيع قرارهم أو رأيهم في الدول التي تُقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أو تلك الدول التي ترفع العلم الإسرائيلي على أراضيها والتي تحتفظ بعلاقات طيبة مع هذا الكيان، فالزيارة التي قام بها مؤخراً كُلاً من وزير الخارجية المصري سامح الشُكري ونظيره الأردني أيمن الصَفدي إلى العراق في زيارة لم يُكشف عن مضمونها كثيراً، تؤكد مصادر سياسية أن أسباب الزيارة جاءت من أجل حث العراق بالإسراع في الشروع لإنجاز مشروع أنبوب النفط الذي يمتد من العراق وصولاً إلى ميناء العقبة وبعدها إلى مصر، حيث سيوفر مدّ هذا الإنبوب أسعاراً تفضيلية في النفط العراقي تشمل (ناقص 18 دولار لمصر) و ( ناقص 10 دولارات للأردن) مما قد يُتيح لهذه الدول بيع هذا النفط لإسرائيل وبأسعار تفضيلية أيضاً حسب تلك المصادر.

وبهذا فإن العراق سيكون هو الخاسر الوحيد والمتضرر من هذا المشروع الذي يؤسس لنمو وتطور إقتصادي لتلك الدول على حساب العراق وشعبه.

وفي حقيقة الأمر وواقعه لم نعدّ نُدرك أو نستوعب خفايا السياسة العراقية إن كانت مع التطبيع أو ضده خصوصاً مع إدراك الجميع أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات قويّة وإستراتيجية مع حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تملك أكبر سفارة في العراق يقف أمام أبوابها المحصنّة الكثير من السياسيين بإنتظار الموافقات لدخولهم هذا المبنى وتلقّي النُصح والمشورة من قاطنيها، فهل يوجد أكثر من هذا التناقض والإزدواجية في التعامل مع الأحداث؟.

في حدث يُحسب لبلاده فاجئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بقرار (إستعداء) كل من يحاول الوقوف إلى جانب أوكرانيا في حربها مع الروس وإعتبار أي دولة عدوة لبوتين فيما إذا حاولت مساعدة أوكرانيا حتى ولو كانت معنوية، يؤكد للعالم أن المواقف التي تحمل أكثر من لون والإزدواجية للقرارات لم تعدّ تصلح للعمل وليصبح اللون الرمادي مرفوضاً، فالصورة لابد أن تكون بواقعها إما الأبيض أو الأسود مايعني أن المواقف يجب أن تكون بطعم ولون ورائحة واحدة غير قابلة للمناورة والتدليس…فهل يُدرك أو يستوعب أولئك الذين دخلوا إلى عالم السياسة الجُدّد في العراق خطورة النفاق السياسي ويتعلموا الدرس جيداً قبل فوات الأوان؟..نتمنى ذلك فعلاً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here