أوساط الصدر: اعتزال زعيم التيار نزول من قارب العملية السياسية قبل الغرق

بغداد/ تميم الحسن

ما زال الجميع تحت صدمة اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العملية السياسية، فيما بدأت مبكرا الخلافات داخل الإطار التنسيقي.

وشاعت انباء عن تحضيرات أولية لتظاهرات بتنظيم مختلف هذه المرة تحت إشراف الخط الاول من التيار الصدري.

لكن مراقبين يعتقدون ان الذهاب الى خيار الشارع من جهة الصدريين هو «قرار مؤجل» الان، رغم وجود اشارات عن تظاهرات شعبية قريبة، شبيهة بانتفاضة تشرين.

وتتسرب معلومات منذ ليلة الثلاثاء الماضية، عن دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نوابه المستقلين وقيادات التيار الى اجتماع في النجف.

ومن المفترض ان الصدر اجتمع اليوم (أمس)، مع فريقه السياسي لكن لم تخرج اية معلومات حتى الان، ولم تؤكد صحة الاجتماع.

ومنذ «زلزال الصدر» الذي أحدثه في العملية السياسية، وهناك كم هائل من الانباء غير المؤكدة عن خطوات تصعيدية سيلجأ لها التيار.

ومن تلك الانباء هو ما نشر في مواقع اخبارية والكترونية عن بدء «جهات غير معروفة» بنصب الخيم في ساحة التحرير، رغم ان الساحة فيها اعمال ترميم منذ نحو شهر.

كذلك ضمن حملة الانباء غير المؤكدة، هو الحديث عن العثور على منشورات غامضة في شوارع بغداد مساء الثلاثاء الماضي.

وكتب على تلك الاوراق التي قيل انها وزعت في بعض مناطق العاصمة، «ساعة الصفر» و»العاصفة قادمة».

وفي نفس تلك اللية (مساء الثلاثاء) والتي شهدت اجتماعا موسعا للإطار التنسيقي مع حلفائه في العاصمة، تسربت معلومات عن تدخل «المكتب الخاص» لزعيم التيار لتنظيم احتجاجات قريبة.

وان صدقت تلك الروايات ام لم تصدق، فان اوساط الصدريين الذين تحدثوا لـ(المدى)، اشاروا الى ان «الغضب الشعبي»، هو مسألة وقت.

تلك الأوساط التي تتحدث شريطة عدم ذكر هويتها بسبب تعليمات مشددة داخل التيار بعدم التصريح، تقول ان «مقتدى الصدر قفز مبكرا من قارب النظام السياسي الذي على وشك الغرق».

وتبين تلك الاوساط ان الصدر كان متأكداً في حال فشل اية حكومة في تصحيح الاخطاء التي خرجت من اجلها تظاهرات تشرين فان «هناك احتجاجات قادمة وستكون حاسمة هذه المرة».

وكانت (المدى) قد حصلت على معلومات، افادت ان زعيم التيار قرر اثناء خوضه الانتخابات الاخيرة بانها ستكون «تجربته الاخيرة».

وبينت تلك المعلومات ان الصدر كان يشير الى ان فشل هذه التجربة (حكومة اغلبية سياسية) تعني «ذهابه مرة اخرى الى ساحات التظاهر».

ودخل الصدريون بعد نحو شهر من انطلاق احتجاجات تشرين في 2019، فيما اتهموا بعد ذلك بإطفاء التظاهرات بداية 2020 وتشكيل حكومة جديدة في نحو منتصف ذلك العام.

وأربكت حركة زعيم التيار الصدري الذي كان من المفترض ان تنتهي (اليوم) أمس، مهلة الشهر الاخيرة التي منحها لخصومه، جميع القوى السياسية حتى داخل التيار نفسه، مثل ما يقول رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي.

وقال علاوي في لقاء متلفز انه «لم اتواصل مع مقتدى الصدر بعد الاعتزال، لكني اتصلت مع حاكم الزاملي وكان مبعثر التفكير ويشعر بالانزعاج».

واعتبر علاوي اثناء المقابلة على محطة فضائية محلية، ان الصدر شعر بـ «الاحراج» لعدم قدرته على تشكيل الحكومة لذلك قرر المقاطعة.

وكان رئيس المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري، احمد المطيري، قد وصف قرار الصدر بالانسحاب من العملية السياسية، بـ «قربان للعراق».

وقال المطيري في اليوم التالي لقرار الانسحاب: «هكذا هي مواقف العظماء عندما يضحون بالغالي والنفيس من أجل المصلحة العظمى…».

المالكي مرة اخرى!

وعلى الضفة الاخرى، فان الإطار التنسيقي يحاول هذه المرة التخلص من الحبل الذي حاول لفه على رقبة التحالف الثلاثي الذي انفرط عقده الان بحسب تصريحات بعض اطرافه.

وتقول مصادر من داخل التنسيقي لـ(المدى) ان الاخير «يحاول الان اقناع القوى السياسية بالتحرك تجاه تشكيل حكومة جديدة لكنه يخشى وجود ثلث معطل جديد واعادة انتاج عقدة اختيار رئيس الجمهورية».

ومنذ استقالة الصدريين المفاجئة، ظهر أكثر من مسار لـ «الاطاريين» في التعامل مع الموقف، عكست حالة التخبط داخل المجموعة الشيعية، من بينها تهديد شركاء الصدر.

ويوم الثلاثاء الماضي، كان هناك اجتماع لكل أطراف «التنسيقي» مع حلفائه من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف عزم و»بابليون» المسيحية.

وبحسب تلك المصادر: «رغم مرور 4 ايام على قرار انسحاب الصدريين، لكن القوى السياسية ليست مطمئنة حتى الان وتعتقد بان ما يجري هو (تكتيك) او ان (الصدر) سيتراجع».

وفي ظل ترقب الجميع لمفاجآت قادمة، برز سريعاً خلاف داخل «التنسيقي» على شخصية رئيس الوزراء المقبل.

وعاد نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون ليطرح نفسه للمنصب، فيما طالبت جهات اخرى باختيار حيدر العبادي.

وباستثناء ائتلاف دولة القانون الذي نفى مكتب المالكي تلك الانباء، صمتت باقي أطراف الإطار التنسيقي عن انباء الانشقاق.

بدوره يعتقد غالب الدعمي وهو استاذ الصحافة في الجامعة العراقية، بان ما فعل الصدريون كان «مكافأة للإطار التنسيقي».

الدعمي أكد في حديث مع (المدى) ان «التيار الصدري قدم البرلمان والحكومة على طبق من ذهب الى الاطاريين».

ويرجح الدعمي ان يتمكن الإطار التنسيقي من الحصول على «نصف زائد واحد» في البرلمان، بعد احتلال مقاعد الصدريين المستقلين، ويمرر كل القوانين التي كان يرفضها التيار.

كذلك يشير الدعمي الى «امكانية تفاهم الإطار مع القوى السياسية وتشكيل الحكومة حتى لو بمقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مشيرا الى ان تحول الصدريين الى التظاهرات «مؤجل الان وقد يكون بعد تشكيل حكومة من الإطار».

وكانت تصريحات محمد الحلبوسي رئيس البرلمان خلال زيارته الاخيرة للأردن، تشير الى استعداد الاخير للتفاوض مع «التنسيقي».

وقال الحلبوسي عقب استقالة الصدريين، بان «الانسداد السياسي لن يستمر»، نافيا طرح خيار «حل البرلمان».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here