رسالة ماجستير

رسالة ماجستير

 سعد تركي
فزّ شرهان لؤي متأخراً عن موعد صحوته، فقد أشرقت الشمس والديك لم يصح إيذاناً ببدء الصباح. مرّة أخرى يغشه بائع الدجاج الذي أقسم له أن هذا الديك أدق من ساعة “بگ بن” وأنه يبيعه إياه بأقل من سعره، كيف لا وهو سيرفع اسم العشيرة بعد أن يحوز الماجستير بعد أيام والدكتوراه لاحقاً.
في عام 2026 أضاف المسؤولون منهاجاً دراسياً يدرس فيه الطالب والتلميذ بدءاً من الصف الثالث الابتدائي وصولاً إلى السادس الإعدادي كل ما يتعلق بشؤون العشائر وتقسيماتها وفروعها وطرق التعامل بين أفرادها فضلاً عن سننها، على اعتبار أنها “تشـكّـل جزءاً مهماً من التـراث الشعبي العـراقي ومنظومة من المعارف الثقافية والمفاهيم المعرفية، مستندة في تراكمها ونشوئها إلى عمقٍ تاريخي – حضاري، تمتـد جذوره إلى العهـد السومري، مروراً بالعصور البابلية والأكـديـة والآشورية ، والإسلامية – العبّـاسية، وصولاً إلى المرحلة المعاصرة”.
لحسن حظ شرهان أن المنهج قُرر وهو في الثاني الابتدائي، فدرسه وتفوق فيه طيلة سني الدراسة، وحال تخرجه من الإعدادية أنشئت على عجالة كلية “العشيرة الجامعة”، فكان الأول على دفعته، بما فتح أمامه السبل إلى أن يكون أول من يحصل، بعد البكالوريوس، على شهادة الماجستير عن رسالته الموسومة “سايكلوجية العطوة وأثرها في تخفيف تداعيات الدگة”.
طيلة السنتين التحضيريتين للماجستير، حوّل شرهان بيت والده إلى مضيف، وحرص ـ بصفته باحثاً مجداً ـ على حضور الگعدات العشائرية بصنوفها المختلفة، مستمعاً ومدوناً كلّ حديث. لم يكن الفشل يمرّ على خاطره مطلقاً، فقد تحدى والده لؤي أن علامة الامتياز ستكون نصيبه.
دخل جلسة المناقشة متأخراً عن موعدها، وإذ لم يكن هناك أساتذة متخصصون لمناقشة الرسالة، لجأت عمادة الكلية إلى الاستعانة بشيوخ عشائر طالبوه بدفع ديّة عن تأخره، ولم تنفعه حجته بإلقاء اللوم على ديك تكاسل عن الصياح.
حين عاد منكسراً وفاشلاً، وجد البيت مليئاً كالمنخل بثقوب الرصاص، وعلى حيطانه انتشرت عبارات “مطلوب عشائرين” بألوان وخطوط مختلفة.. لقد أهان بتأخره خمس عشائر دفعة واحدة.. معضلته أنه لن يجد أحداً يأخذ له العطوة.
الصباح
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here