الزعيم عبد الكريم قاسم بين الشعبية المدهشة والخصومة العنيدة

فارس حامد عبد الكريم

صرح محمد فاضل الجمالي وهو من اركان العهد الملكي المخضرمين – وزير خارجية ورئيس وزراء – في مقابلة صحفية في تونس اجراها معه رجل المعارضة المخضرم فائق الشيخ علي انه (يحترم وطنية عبد الكريم قاسم) رغم انه، أي الجمالي، كان يتساءل حتى قرب وفاته بإستغراب كل عراقي يقابله عن السبب في اسقاطنا – يقصد اسقاط العهد الملكي بقسوة بالغة- بما فيهم من اجرى المقابلة الصحفية

و أَرَى انا شخصياً إن عبد الكريم قاسم كان زعيماً شعبياً ذو كاريزما خاصة كسب حب الملايين لأول مرة في تاريخ العراق الحديث والقديم – وربما يكون اول زعيم عراقي خالص يحكم وادي الرافدين – العراق – بعد سقوط الدولة البابلية – 539 قبل الميلاد-

تمتع يتأييد مطلق من كافة ابناء الشعب مثقفين وادباء وكبار الشعراء ورجال دين فضلاً عن عامة الشعب الذين تخيلوا انهم رَأَوْا صورة الزعيم مطبوعة على وجه القمر!!!

تم استكمال مشاريع مجلس الإعمار الملكي وكان يشرف عليها بنفسه

ولكنه بسبب خلفيته العسكرية ومحيطه العائلي والعشائري لم يكن يتمتع بالحنكة السياسية مطلقاً معتمداً في ادارة العراق على ولاء الشعب وعواطفه وخطبه السياسية التي خف الحماس لها تدريجياً بسبب الاعلام المصري ومعاداة الشركات الإحتكارية الأجنبية له حيث تشير الوثائق التي كشفت عنها السرية بشكل واضح الى ان الرئيس الامريكي كندي قد طلب من المخابرات الامريكية تصفية عبد الكريم قاسم بعد الخطوة التي قام وضربت شركات النفط بقوة بقانون عندما أُصدرقانون رقم 80 لسنة 1961 الذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط وانتزع بموجبه 99.5 منالأراضي الممنوحة للشركات الأجنبية، بقوله “اي كندي” -تخلصوا منه-

قانون الاحوال الشخصية اغضب الكثيرين من رجال الدين فضلاً عما تركه قانون الإصلاح الزراعي من خصومات مخفية لدى ملاك الأراضي

احزنت طريقة قتل وسحل العائلة المالكة الهاشمية الطبقة البرجوازية في العراق لذلك لم ينظروا بود لهذا الزعيم الشعبي.

فقد ترك قاسم خصومه يسرحون ويمرحون بعد ان حاولوا إغتياله – بعبارة عفا الله عما سلف- ولم يكن استخدامها ملائماً او مناسباً في تلك الظروف العدائية المحيطة والظاهر انه تركهم حتى دون أية رقابة استخبارية….

وحسب عبد السلام عارف – الذي كان قد استفاد بعفو من قاسم من حكم بالإعدام الذي أصدرته محكمةالمهداوي اثر محاولته اغتيال قاسم بشكل مباشر وبيده في مقر وزارة الدفاع- انه كان يتأمر على عبد الكريم قاسم بكل حرية مستغلاً صلاة الفجر للقاء اعوانه ووضع الخطط لمحاصرة قاسم وقتله مباشرة دون محاكمة … وذات مرة قال قاسم لحردان التكريتي في جلسة خاصة بوزارة الدفاع انا اعرف انكم تتأمرون عليّ !!!؟؟ حتى اصفر وجه حردان كما يقول الراوي.

في عهده تحول العراق إلى حليف للاتحاد السوفياتي ومعاد للغرب وتم التملص من حلف بغداد.

ويرى بعض المحللين والمؤرخين

(أنه اتضح جليا فيما بعد عدم امتلاك قاسم مشروعا سياسيا واضحا، ولذلك سرعان ما تخبط فيالسياسة الداخلية والخارجية رغم بعض الإصلاحات كإلغاء قانون العشائر وإلغاء الإقطاع وتعثر تطبيق قانون الاصلاح الزواعي وهجرة الفلاحين الكثيفة من الريف الى المدينة دون ضوابط …)

احزنت طريقة قتل وسحل العائلة المالكة الهاشمية الطبقة البرجوازية في العراق لذلك لم ينظروا بود لهذا الزعيم الشعبي.

فقد ترك قاسم خصومه يسرحون ربما لو اسس قاسم حزب سياسي اسوة بما هو موجود في الساحة لكانت تجربته السياسية انجح ومما يمنح له فرصة البقاء في سدة الحكم وكان ذلك ممكناً بل أكثر من ممكن بالنظر لشعبيته التي فاقت الوصف . فينما كان المتأمرون يهمون بقتله في مبنى الاذاعة والتلفزيون كانتالجماهير الغاضبة من المتأمرين تهتف بإسمه وحياته

حيا قاسم الجماهير التي تهتف بأسمه بمجرد نزوله من الدبابة امام مقر الاذاعة فضربه احد جنودالانضباط العسكري على يديه بالعصا فما أكثر الهمج.

حتى اطلقت نيران المتامرين صوبهم وقتلوا عدداً منه – حسب شهود عيان من اقربائي- ومع ذلك لم يتفرقوا!!! يهربون ويعودون للهتاف بحماس أكبر

وبذلك انتهت هذه التجربة السياسة القصيرة بكارثة احزنت الأجيال المعاصرة له واللاحقة بسببعدم الحنكة والخبرة السياسية.

——

عبد الكريم قاسم ــ واسمهُ الكامل عبد الكريم قاسم محمد بكر عثمان الزبيدي ــ هو ضابط عسكري ورئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة العراقية ووزير الدفاع بالوكالة من عام 1958 إلى 1963، ويعدُّ أول حاكم عراقي بعد الحكم المَلكي، وأحد قادة ثورة 14 تموز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here