الإنتحار بين الإذكاء والذكاء!!

الإنتحار بين الإذكاء والذكاء!!
أذكى: أوقد , أشعل , أضرم.
الذكاء: سرعة الفهم , النباهة.
ينتحر في العالم أكثر من (800000) شخص سنويا , وفي بعض المجتمعات (60%) منهم بسبب إطلاق النار , وذلك لسهولة الحصول على السلاح بأنواعه.
والقرن الحالي ذو متغيرات غير مسبوقة , في مقدمتها وسائل التواصل , وإنصباب العالم في شاشة صغيرة تخبرك بما يحصل فيه فورا , وتطلعك على أحوال الدنيا في بقاعها المترامية , مما تتسبب بإذكاء مشاعر متباينة بين الناس , وأكثرها ذات حنق وعدوانية وسلبية توحي بالإستلابية والقهرية والمظلومية.
وعندما لا يجد البشر مخرجا مما هو فيه , وتتراكم عليه المصدات والمعوقات , يميل للإنقضاض على نفسه ومحقها , وبعضهم يرى أن عليه أن يقضي على الآخرين معه , وبتوفر السلاح الفتاك يمكنه تحقيق هذه الرغبة المسعورة.
ولهذا فأن جرائم القتل الجماعي الإنتحاري ستتعاظم مع الأيام , خصوصا في الوقت الذي يتحقق فيه التأليب والتأجيج وإثارة العدوانية والإستثمار بالشرور بإندفاعبة مرعبة.
المتعارف عليه أن الإنتحار له أسبابه النفسية , ولا يمكن إقناع أي شخص بغير ذلك , بينما كافة الجهود والتحوطات لم تفلح بتقليل نسبته في الدنيا , والقول سببه الكآبة وغيرها من الأمراض النفسية والعقلية ققط , لم يساهم بالحد منه , وإنما النسبة تزداد مع زيادة أعداد البشر.
والإنتحار سلوك قائم منذ الأزل , ولا يُعرف متى كانت أول حالة إنتحار , لكن مقتل هابيل ربما يُعد سلوكا إنتحاريا لأنه وردَ وكأنه إستسلام للموت دون مقاومة.
والإنتحار سلوك ذكي , فمن يريد الإنتحار يدرس بدقة ما سيقوم به ويعد العدة , التي تخفى على أيقظ النابهين والحذرين , ويتميز بالمراوغة ومهارة التدبير , ويُقال الإنتحار إندفاعي كما يُراد الترويج وتضللنا به الأبحاث , التي لو صدقت لأوجدت التدابير الكفيلة بمنعه أو خفضه بدرجات واضحة.
والمشكلة التي تواجه بعض المجتمعات سهولة الحصول على السلاح , مما يمنح المنتحر الوسيلة الكفيلة بتحقيق ما يريد , كما يرسمه ويخطط له , ويلعب الإعلام دوره للترويج وإشتهار الشخص وفقا لبشاعة جريمته , وبإزدياد وحشية الجريمة تكون الشهرة ويدخل صاحبها التأريخ.
أي أن الفعل الإنتحاري المترافق بجرائم ضد الأبرياء , يجد المحفزات والمعززات الكفيلة بتكراره وتطويره , حيث بدأنا نرى جرائم ضحاياها بالعشرات , وربما سيأتي اليوم الذي ستكون الضحايا بالمئات.
فالشهرة والإحساس بالقوة والتأثير , من العواطف البشرية الكامنة والفاعلة في البشر , وإن لم تظهر إلا كرأس جبل الثلج الغاطس في الماء.
إن أخطر عوامل تكرار الإجرام الشنيع توفير السلاح المتطور للناس , وإعتبار القتل سلوك إعتيادي من المألوفات التي علينا أن نتعايش معها ونقبلها , وهذه طامة تسعى إليها البشرية بإرادتها العمياء.
فهل من صحوة وعلاج جذري لا تسويغ وترقيع؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here