اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة النساء (ح 50)

الدكتور فاضل حسن شريف

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: من الاسرار الالهية التي لا يطلع عليها الا خاصة الخاصة ولكن فهمها ممكن يكون على عدة وجوه منها: اولها : ان كون الحسن والحسين من رسول الله صلى الله عليه واله واضح لانتسابهم بالنسبة الحقيقية وكذلك انتساب الزهراء الى رسول الله صلى الله عليه واله واضح لانتسابها بالنسبة الحقيقية. وأما كون النبي منهم فباعتبارهم سببا لنشر دينه وعلو الإسلام بجهادهم وجهودهم بما فيهم الحسين عليه السلام بتضحياته العظيمة والجليلة في واقعة الطف التي لولاها لمات دين الإسلام وانمسخت شريعة الله فقد أحياها سلام الله عليه بمقتله وشهادته وبهذا صدق إن رسول الله صلى الله عليه واله من الحسين لان استمرار دينه حقيقة بسببه وكذلك الباقون من اصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن عليهم السلام بمشاركاتهم المهمة في نصرة الدين.
ثانيا: انه لا تكون طاعة الا بطاعة الادنى فلا تكون طاعة النبي الا بطاعة الحسين. وكذلك لا تكون طاعة الائمة عليهم السلام الا بطاعة العلماء والحوزة ولا تكون طاعة الحوزة الا بطاعة الوكلاء والمبلغين وهكذا فتكون طاعة الوكلاء هي طاعة الحوزة وطاعة الحوزة هي طاعة المعصومين وطاعة المعصومين هي طاعة رسول الله وطاعة رسول الله هي طاعة الله تعالى. فيكون من ضمن ذلك بل من اهم تطبيقاته ومصاديقه هو ان طاعة رسول الله صلى الله عليه واله بطاعة الحسين عليه السلام او قل ان طاعة الحسين هي طاعة رسول الله ومنه قوله تعالى: “مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ” (النساء 80).
ثالثا : أن هذا الحديث (حسين مني وانا من حسين) مبني على المجاز والمجاز صحيح في اللغة بل هو الاتجاه الاغلب فيها وهو الاتجاه الاجمل فيها والادق تعبيرا والاكثر حسنا ادبيا حين لا يقوم التعبير الحقيقي به وذلك لمدى التقارب والتعاطف الواقعي بين رسول الله صلى الله عليه واله وهؤلاء الاربعة الباقون من اصحاب الكساء عليهم السلام بما فيهم الحسين عليه السلام. ومن مميزاته وصفاته الخاصة سلام الله عليه ما روي فعلا في مصادرنا ومعاش فعلا في اذهاننا ان الله تعالى جعل العلم من ذريته والاستجابة تحت قبته والشفاء في تربته. وكل هذه الامور قطعية ومجربة ما عدا ما خرج بدليل كما يعبرون لوجود المانع الشديد عن تطبيق هذه القاعدة على بعض الافراد بحيث يكون تطبيقها مخالفا للحكمة ولا فمقتضى القاعدة تطبيقها على الجميع من المستحقين من البشر باستجابة الدعاء تحت قبته والشفاء من تربته. وهنا ينبغي الاشارة باختصار إلى انه ليس كل دعاء فهو مستجاب وأن الله تعالى قال : “ادعوني استجب لكم ووعده الحق” إلا أن هذا لا ينطبق حسب الرغبة والشهوة ودعاوى النفس الامارة بالسوء بل لا ينطبق الا عندما يعلم الله سبحانه بصدق الدعاء وصدق النية وصدق التوجه وصدق الانقطاع الى الله سبحانه وعندئذٍ حاشا لله عز وجل أن يخلف وعده بالإجابة فإذا انضم الى ذلك بعض الامور الرئيسية المهمة عند الله عز وجل كما في الدعاء تحت قبة الحسين عليه السلام كان ذلك أولى بالاستجابة وأعظم للأجر واعلى في الدنيا والاخرة. والمعروف ان هذه الامور الثلاثة قد وهبت للحسين عليه السلام من الله سبحانه بازاء شهادته وتضحيته العظيمة التي لا مثيل لها في التاريخ البشري. مضافا الى امور اخرى كثيرة من اهمها درجات الاخرة التي نسمع عنها في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه واله: (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة ). وقد مشى سلام الله عليه في هذا الطريق بهمة وطيبة قلب ولم يقصر طرفة عين.

جاء في كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: يعقوب ويوسف عليهما السلام: قال تعالى على لسان أخوه يوسف عليه السلام: “وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ” (يوسف 9) أي بعد قتله أو طرحه في الارض، وقال تعالى على لسانهم ايضا َ في ردهم على أبيهم يعقوب عليه السلام: “تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ” (يوسف 95). هنا رواية تذكر أن أخوة يوسف عليه السلام كانوا أنبياء ايضا َ والنبي لابد أن يكون معصوما ً. فكيف تنطوي أفكارهم على مثل هذا الفعل القبيح؟ ثم أليس في قولهم لابيهم في هذه اللهجة فيه سوء أدب وكذب صريح؟ الجواب: بسمه تعالى أخوة يوسف مفسرون بالأسباط و الأسباط أنبياء كما قال تعالى: “وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ” (النساء 163) إلا أن هذا التفسير غير مؤكد الصحة وإن كان مظنونا ً. وعلى أي حال فلا بد دليل على كونهم معصومين أساسا ً، ولذا فعلوا في أخيهم ما فعلوا. ثم لو قلنا بانهم أنبياء فلا بد من القول :بأن فعلهم ذلك كان من أجل أمر خاص من الله سبحانه لهم لأجل مصالح عامة يعلمه الله سبحانه في خلقه . وأما قوله : “لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ” ففيه أكثر من جواب: الأول انه يراد به جهة دنيوية وليس جهة أخروية أو دينية . الثاني ان مستوى الادب المتوقع في داخل الاسرة الواحدة ليس هو بنفسه المتوقع بين سائر الناس .فمن الممكن ان لا يكون كلامهم ذلك من سوء الادب , وهم أولاده ومن أسرته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here