في مناسبة العيد الأضحى .. بين زهد و نهم : حكاية من عندياتي

بقلم مهدي قاسم
تفاجئ خروفان نحيفان بعد شرائهما أن صاحبهما الجديد يغدق عليهما تبنا طازجا و شعيرا مكتنزا و شوفانا نضرا ، و بكميات كبيرة ، الأمر الذي جعل أحد الخروفين حذرا وهو يشك في نوايا مالكهما الجديد المتجسدة بكل هذا الكرم المفرط والاهتمام الجارف ، فأخذ يكتفي بأكل قليل وطعام زهيد مع دوران حول نفسه ، نوعا من نشاط حيوي و حركة دائبة ، وهو يحلم مستدعيا تلك البراري الرحبة ومترامية الأطراف حيث كان يسرح ويلعب متقافزا مرحا وسط حقل أخضر طويل و عريض مثل بحر بلا حدود .
بينما الخروف الثاني كان نهما ومفتوح شهية دوما ، فيأكل كثيرا وبنهم مفرط جدا ، مع كسل مزّمن أو نعاس دائم و ثقيل ، متمددا على الأرض و نائما طوال الوقت ، يرافق كل ذلك زيادة مضطردة ونمو دائمين في حجمه الذي أضحى ضخما و لحمه دسما ، يوما بعد يوم.. حتى كاد ينفجر من شدة و ضراوة حجمه المتضخم ..
في أحد الأيام تفاجئ الخروفان بأصوات جذلة و فرحة صادرة عن المالك الجديد و زوجته بصحبة أطفاله .. وهم بملابس جديدة و حلة أنيقة .. فقال الزوج وهو يتحسّس الخروف الضعيف و الهزيل النحيف بنبرة خيبة أمل وحسرة إحباط وانزعاج ..
ــ أعتقد إن هذا الخروف مريض لأنه لم يسمن أبدا ، بالرغم من العلف الطيب و الدسم الذي قدمناه له طوال الوقت ، فأنظروا جيدا و بإمعان ، فليس عليه غير جلد و عظم ، وبالتالي فهو لا يصلح ليكون أضحية للعيد ــ صمت قليلا ثم أشار نحو الخروف الثاني مستطردا ـ أما هذا الخروف .. فيا ما شاء الله و سبحان الله ! .. كأنه قد غدا كتلة جبارة و ضخمة من لحم وشحم !..يلا يا أولاد .. فكوا وثاقه لنقدمه أضحية مناسبة وممتازة في هذا اليوم المبارك ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here