الله تعالى قاصم ظهر الجبارين بمناسبة ذكرى نهاية طاغية العراق صدام (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف
الطاغية يحول أرض بلده الى خراب ودار بوار نتيجة الاعتداءات والفساد والحروب قال الله جلت قدرته “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ” (ابراهيم 28).
ويمتاز الطاغية بفرض رأيه على الاخرين قال الله عز وعلا “قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ” (غافر 29).
البلاء يأتي من حاشية الطاغية الذين يشوهون صورة الاتقياء والمصلحين امامه مثل الطاغية فرعون والمصلح موسى عليه السلام كما قال الله تبارك وتعالى “وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك” (الأعراف 127).
جاء في الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية و الاستراتيجية حول انهيار الوحدة الوطنية في ظل حكم صدام حسين:  وعلى هذا فنستطيع أن نصل إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي، من خلال سيطرته على السلطة السياسية في العراق لم يستطيع تحقيق المحدد الأول من محددات الدراسة، وهو احترام ووحدة البلاد ولغتها الرسمية وثقافتها الوطنية، كونه لم يستطع حل القضية الكردية، حيث استفادت الأحزاب الكردية المعارضة له من الوضع الدولي الجديد، لتكوين حكومة خاصة بها، مرتبطة اسمياً بسلطة بغداد، كما فشل النظام في تعامله مع الشعب العراقي في الجنوب، فرغم استخدامه الرموز الدينية لتوطيد سلطته ؛ لكنه كان يتخوف من العامل الديني لدى الشيعة ومراجعها، وهذا ما ورطه بأخطاء كبيرة معها، أما بالنسبة للأقليات الأخرى في شمال العراق فقد أصبحت تستغل الوضع في الشمال أيضاً للمناداة بضرورة التعبير عن ثقافتها ضمن مجتمع ديمقراطي يهتم بحقوق الأقليات، وقد استغلت بعض الدول المجاورة مثل تركيا بعض الأقليات التي تواليها للتدخل في شؤون العراق، وكذلك إيران التي لها مصالح عند الشيعة في الجنوب، والتركمان الشيعة في الشمال ولذلك كانت تغذي عدم الاستقرار في العراق، رغم تأكيد الكثير من المسيحيين العراقيين أن نظام البعث لم يضطهدهم،  وكانت معاملته لهم جيدة، وكانوا هم بالمقابل يؤيدون الحكم البعثي العلماني ؛ لأن الحكم الديني ينقصهم الكثير من حريتهم وحقوقهم، كما فشل النظام في استقطاب الأحزاب المعارضة لصالحه، ولم يبق معه إلا الجبهة الوطنية القومية التي يسيُّرها الحزب القائد وهو حزب البعث، والتي ليس لها تأثير يذكر على الحياة السياسية في العراق، أما العشائرية فقد ازدادت قوتها في هذه المرحلة، وهذا ما أدى لضعف الولاء تجاه الدولة، مقابل ازدياد قوة الولاء للعشيرة، أو للطائفة أو للإثنية أو للاقليم كما أن اصطباغ السلطة السياسية بطابع النظام وبرموزه، إضافة لتسخير الفن لصالحه، على حساب ثقافة المجتمع الأصيلة، وثقافة ولغة فئاته المختلف، مما أضعف الولاء للنظام، لأن الإجبار على الولاء لثقافة معينة لن يولد الإيمان بها، فظهرت ولاءات قليلة المصداقية للدولة، مقابل بعض الأموال والمصالح، فضعف الولاء للوطن أمام الولاء للمصالح الشخصية.
وعادة المتكبر لا يؤمن بيوم الحساب فيحاسبه الله تعالى في الدنيا والاخرة “عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ” (غافر 27).
ان الكرد الفيليين يشكلون النسبة الأكثر من كرد الوسط والجنوب في العراق وهم موزعون على الخارطة العراقية، وتختلف كثافتهم السكانية من محافظة إلى أخرى. ويضيف الأركوازي أن عمليات التهجير التي طالت الفيليين بدأت في وقت مبكر، ولكنها بشكل متقطع تبعا لنوعية العلاقات العراقية الإيرانية حتى وصلت أوجها عام 1980 عندما أقدمت سلطات بغداد آنذاك على تهجير حوالي نصف مليون كردي فيلي وحجز وتغييب أكثر من 22 ألف شاب من الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية. وعن أسباب التهجير يبين الأركوازي أن السبب المعلن وفق قرار التسفيرات هو تسفير كل من تثبت خيانته وعدم ولائه للعراق في وقت لم تثبت خيانة وعدم ولاء الفيليين بقرار من أية محكمة أو جهة قانونية، بل كان جميع شبابهم يؤدون الخدمة العسكرية في جميع صنوف الجيش العراقي، مضيفا “واستشهد العديد منهم في المعارك الوطنية والقومية”. ويعتقد الأركوازي وجود جوانب سياسية واقتصادية تقف وراء الأسباب الحقيقية لتهجير هذه الشريحة المنكوبة. ويتحدث عن المآسي الإنسانية التي تخللت عمليات تهجير الفيليين وتمت بأساليب بعيدة كل البعد عن لوائح حقوق الإنسان التي أقرتها المنظمات الدولية، فهي لم تكن وفق آلية معينة أو وفقا لأوامر قضائية، بل كانت أشبه بعاصفة هوجاء لم يسلم منها أحد، فقد تم وفق مزاج الدوائر الأمنية والمسؤولين عنها، ففي بعض العائلات تم تسفير جميع أفرادها و استثنوا الشباب الذين تم حجزهم، وعائلات أخرى تم تسفير رب الأسرة فقط وترك العائلة في العراق. ويضيف أن العديد من العائلات الفيلية اضطرت لمغادرة إيران إلى أميركا والدول الأوربية حيث يشكل الفيليون جالية كبيرة في السويد وبعض الدول الأخرى، كما لم تعترف الحكومة الإيرانية بالكرد الفيليين الذين لم تثبت أسماؤهم في السجلات الإيرانية.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here