اللعب مع الشيطان

اللعب مع الشيطان :
بقلم ( كامل سلمان )
البعض منا تفوق ثقته بنفسه الحد الطبيعي ، وكلما ازدادت الثقة بالنفس كلما ازدادت أحتمالية التعرض للخداع ، فيبدأ اللعب مع الشيطان وهو لا يعرف فلسفة الشيطان باللعب ، الشيطان يلعب مع الإنسان من خلال نقاط الضعف في شخصية الإنسان والتي يعرفها تمام المعرفة ويعرف متى وكيف يوجه ضرباته للإنسان فيكسب المعركة ، الثقة الزائدة تهور وهلاك… الشيطان كالمنشار الآلي يتحرك بإتجاه ثابت لا يأتي إليك وأنت من تذهب إليه عندما يتركز تفكيرك بالثوابت المادية ، وعندما تذهب إليه ، فيجب ان تتعامل مع هذا المنشار الآلي الحاد السريع بحذر وخوف لا بثقة واطمئنان لأن الخطأ يكون مكلف قد يصل الى بتر اليد او احد الاصابع او أكثر ، فالمطلوب الاحترافية والمهنية قبل الاقتراب من هذا المنشار وكذلك الخوف والحذر فهو ضروري جدا في هذا الموضع ومثل هكذا حالة…. إذا الثقة الزائدة أساسا حالة غير صحيحة لمواجهة الشيطان . الحقيقة التي يغفلها معظم الناس ان الشيطان لم يكن بعيدا لتذهب اليه للمواجهة فهو قريب من الإنسان وفي صراع مستمر مع الإنسان ، وجميع المتاعب التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية فيها لمسة شيطانية واضحة ، والثقة الزائدة واحدة من خدع الشيطان للإيقاع بالإنسان في أحدى الحفر الكبيرة .. فهي معركة متكافئة عندما يعرف الإنسان حقيقة الشيطان وهي معركة غير متكافئة عندما يجهل الإنسان حقيقة الشيطان ففي الحالة الاولى تكون المعركة متكافئة ولكن الكفة تميل قليلا لصالح الإنسان إذا خاض المعركة باحترافية لأن الإنسان على دراية وإطلاع لحقيقة الشيطان . وفي الحالة الثانية تكون المعركة مع الشيطان غير متكافئة و الكفة تميل لصالح الشيطان إذا خاض الإنسان هذه المعركة بتخبط لإن الإنسان في هذه الحالة يجهل الشيطان . الشيطان يفضل التعامل مع الناس الذين لا يؤمنون بوجوده فهم الصيد السهل بالنسبة له ومما يساعد على عدم الإيمان بوجود الشيطان هو تطور العلوم الطبية والسايكلوجية والباراسايكلوجية ، هذه العلوم التي استطاعت ان تفسر بعض الظواهر في داخل نفس الإنسان او عقل الإنسان كانت في السابق تنسب للشيطان ولكن العلم اكتشف حقيقتها البايلوجية او السايكولوجية فمنها انطلقت النظريات العلمية بالتعميم على ان الشيطان خرافة قديمة ، والعلم متغير الرأي في حالة التطور . قد يأتي اليوم الذي يكتشف فيه العلم خطأ التعميم ويعود ليعترف بوجود الشيطان ومن ثم يبدأ التعامل معه على الأسس الدينية والأخلاقية فيبدأ العلم حرب من نوع أخر مع الشيطان ومع الظواهر التي افرزتها تطور المجتمعات بسبب الحرية الشخصية وهي بالحقيقة من نتائج عمل الشيطان …. الجميل في الأمر .. المعركة الخاسرة مع الشيطان مهما كانت سلبية النتائج فإن بالإمكان تغيير تلك السلبيات الى إيجابيات بمجرد إدراك ان العدو الحقيقي الذي يخوض المعركة وهو يقف خلف الستار ، هو ذات الشيطان فتتحول المعركة بسرعة لصالح الإنسان عند العودة الى الذات وإعطاء دور للرب وتعاليم الرب في هذه المعركة .. انا شخصيا اؤمن بوجود الشيطان واؤمن بمقدرته المؤذية عندما اكون بعيدا عن ذاتي الايمانية ، وإيماني لم يأتي عن طريق الاعتقاد المتداول بل عن إيمان بالكتاب وعن تجربة عملية ، وعندما أقرأ في القرآن الكريم معاناة أحد الأنبياء مع الشيطان أشعر بقوة الشيطان عندما يقول هذا النبي ( اني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) وأشعر بضعف الشيطان عندما أقرأ في القرآن ( ان كيد الشيطان كان ضعيفا ) ……… عندما يكون الشيطان على وشك تحقيق انتصار على الإنسان تظهر سعادته وفرحته الكبيرة اي الشيطان ، في الوقت الذي يجد فيه الإنسان الضحية نفسه كفريسة عاجزة عن اتخاذ اي قرار للتخلص من مخالب الشيطان ولا يجد لنفسه ناصرا وكأن القدر يخبره عليك ان تواجه مصيرك بنفسك ، الله يتخلى عنه بشكل مؤقت ليريه ان الحاجة الى الرب لا مفر منها في هذا العالم المليء بالشياطين مع العلم ان الشيء الذي يجهله الإنسان دائما هو ان الناس عيال الله واحباءه مهما اختلفت اشكالهم وصورهم ومعتقداتهم وان الله لا يرضى ان يرى احد خلقه وعياله في وضع صعب ، لكن الإنسان يبقى دوما بحاجة الى الدروس والعبر وخاصة الدروس والعبر التي يعيشها بنفسه فإنها تكون اكثر وقعا وتأثيرا على نفسه . . . هذا السيناريو يتكرر بأشكال مختلفة في حياة الإنسان وفي كل مرحلة زمنية تكون له نتائج مختلفة وفي النهاية يكون الإنسان هو المنتصر رغم كل الخسائر التي يمنى بها إذا ما أدرك في كل مرة ان الشيطان هو من يقف وراء الهموم والمشاكل التي يعاني منها .. للذين يودون اللعب مع الشيطان بسبب الثقة الزائدة عليهم ادراك حقيقة مهمة جدا ، هو ان للشيطان اساليب تدريجية او كما يسميها القرآن الكريم خطوات الشيطان ، فإن عملية القبول بالخطوة الاولى تكون صعبة جدا وفيها مقاومة ذاتية من لدن الإنسان ، ولكن في الخطوات التالية فإن الامور تأخذ انسيابية عالية يتورط بها الإنسان مع حبائل الشيطان والعودة الى الذات ليست مستحيلة في مثل هذه الظروف ولكنها اكثر صعوبة من ذي قبل ، إذا هي ليست متعة كما يتخيلها البعض بل هي عذابات وآلام تموت فيها الجماليات التي يعيشها الإنسان مع اول خطوة يسلكها مع الشيطان . . . أنت لا تحتاج الى رؤية الشيطان بالعين المجردة لتؤمن بأفعاله ولكن أفعاله الواضحة هي من تجعلك تؤمن بوجوده ، وان مشاغلة النفس بوجود الشيطان وعدم وجوده هي اعطاء فرصة كبيرة للشيطان لتثبيت وجوده في نفسك . للذين يعتقدون بخرافة وجود الاشياء اقول ليست الخرافة ان تؤمن بوجود الشيء او عدم وجوده ولكن الخرافة ان لا تحرك ساكنا امام الافعال المؤذية لذلك الشيء الموجود او غير الموجود لذا عليك ان تحصن نفسك منه ، وتذكر ان العلم لا يعطيك الحصانة ولكن يعطيك الذهنية الصحيحة لبناء الحصانة التي تحتاجها .. ليس من الحكمة ان تستعين بالناس لمواجهة الشيطان والسبب ان أكثر الناس هم من اتباع الشيطان او من الذين لا يدركون حقيقة الشيطان او لا يؤمنون به قطعا ، فالاستعانة بهم هواء في شبك ، الاستعانة فقط بالله وصيانة النفس ، وعندما تذكر قوله تعالى ( لو أن لي بكم قوة او أوي الى ركن شديد .) في هذه الاية انت توجه الخطاب مباشرة الى الشيطان وتخبره انك مستند على رب كبير وقوي بذلك تحقق انتصار نفسي كبير قبل المواجهة اي ان المعركة حسمت في داخلك . . . بعض الناس تعتقد ان بمقدورها التعامل مع الشيطان وتسخيره ، هذا كلام فارغ ، ويستشهد برأيه بقدرة انبياء الله داود وسليمان فعل ذلك ، داود وسليمان عليهم السلام هم انبياء الله ولم يكن بمقدورهم تسخير الشياطين لخدمتهم ولكن الله سبحانه هو من سخر الشياطين لهم وليسوا هم من فعل ذلك وهذه مغالطة كبيرة ، فأي تعامل او تقارب مع الشيطان هو إرهاق مجاني للنفس لمصلحة الشيطان … هناك رأي قد يكون هذا الرأي غير علمي او غير دقيق ولكني اعتقده يقينا ، وهو ان هناك تركيبة داخل عقل الإنسان تخضع للإيحاءات الشيطانية وهذه التركيبة لا تخضع لسلطة الإنسان ولكن الإنسان يستطيع ان يحجم دورها وحجمها بشكل كبير ، وتنشط هذه التركيبة في الظروف العصيبة او المصائب عندما يوحي الشيطان للإنسان من خلال هذه التركيبة بإنك يا إنسان اعتقادك بالرب لم يكن موفقا ، فكانت النتيجة ان المصائب قد وقعت عليك ، او ان الله يأخذ منك ويعطي لغيرك او اي إيحاء سلبي يترك أثره السيء على نفس الإنسان . هذه الحقائق البسيطة التي ذكرناها اعلاه يمكن ان تساعد الإنسان في فهم ماهية الشيطان وعدم اللعب معه مهما كانت الثقة بالنفس عالية وان التقليل من شأن الشيطان خدعة يبحث عنها الشيطان نفسه ليكون له مدخلا فلا تسمحوا بها ..
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here