أشياء من هذا القبيل : عندما التقيتُ مع حب شارد !

بقلم مهدي قاسم
التقيت مع الحب وهو هارب شاردا بعيدا في أقصى بقاع العالم ، و كأنه يروم التخفي النهائي تبرما و ضيقا من شيء ما ..
فسألته : ماذا تفعل هنا .. في هذا المكان القصي والمجهول المنسي أيها الحب اللطيف والرقيق الشفاف الجليل ؟.. فأنت مكانك المناسب والملائم هو قائمة مقيمة دائمة مثل ازدهار براعم ربيع بين حقول قلوب ولهانة .. وليس في مكان مجهول و قصي ومعزول .. فهل من خطب أو تهديد خطير ؟ ..
أجابني بنبرة أسى و حسرة :
ــ لقد شردت هاربا !.. نعم شردت من إلحاح بعض الناس الذين يتشدقون باسمي صبحا وعشيا .. حب، حب ، حب.. كمن يطلق نفاخات أو فقاعات في الهواء كأنها مباريات مهووسة ..دون أن يدركوا ماهية كنهي أو يحسوا بجوهر كينونتي .. حتى أن بعضا منهم لم يتذوق قطرة من نبيذ حنيني وحنيتي أو من مذاق عسلي اللذيذ ..
و أضاف بنبرة تندر وطرافة :
فتصوّر بعضهم يلهج باسمي مرددا ، ليلا و نهارا : حب حب حب .. فأكاد أن اشعر بتخمة غثيان تتكسد في حلقي .. و فوق ذلك .. دون أن يحب يوما..بل أن الحب محرم أصلا ومعيب حسب عاداته و قناعته المتوارثة ..
علقتُ أنا معترضا :
ــ مهلا أيها الحب الجميل مهلا ..فمن أين تعرف أن فلانة تحب أو فلانا لا يحب مثلا ؟.. فمن الصعب للمتفرج أن يشعر بدواخل الآخرين وبأحاسيسهم الخفية ..
فرد مستغربا سؤالي :
ــ من أين لي أن لا أعرف ؟.. أنا رادار شعور أصيل ومجبسات إحساس حقيقي و جميل .. بل أنا آلهة عشق و إمبراطورة حب كبرى !.. فكيف لا أعرف عندما كل ذبذبات الحب تمر عبري ومن خلال مرايا أعماقي ؟..لا أيها الأخ لا.. فهؤلاء غالبا ما يخلطون بين جنس و حب .. و ذلك بسبب كبت مزمن ومترسب عميق رافقهم منذ بدايات مراحل أولى لسن مراهقة و التي بقيت ملجومة ومقموعة ….
فاعترضتُ مجددا ، مدافعا وموضحا قدر الإمكان :
ــ لا أيها الحب الجميل لا !..فلا تكن قاسيا مع هؤلاء البعض ومتعسفا بهذه الأحكام القاسية ..فربما عليك أن تفرح وتبهج لكون مجرد أسمك قد يخطر على بالهم.. فهذا بحد ذاته ، يجب أن تعده أمرا مهما و تقدما عظيما !..
نظر لي بدهشة بعض الشيء ، ثم اطلق قهقهة قصيرة و اختفى مجددا كغيمة متلاشية أو نيزكا مسرعا متواريا بلمحة عين ولحظة برق مذهلة ..
**************************************
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here