حشودنا لو كانت تمثل مكوننا لقضي الأمر،

 نعيم الهاشمي الخفاجي

اي قائد سياسي يستطيع كسب الجماهير بخطاباته في إمكانه تحقيق مشاريعه السياسية بطريقة سلسة وسهلة، الجماهير اذا عشقت الزعيم تقوم في تأليهه والدفاع عنه لحد الموت وبدون أي مقابل، مشكلتنا الحقيقية في المكون الشيعي العراقي اننا تعرضنا لظلم واضطهاد جائر استمر قرون طويلة من الزمان، وأشد هذه الفترات هي بالعراق الحديث الذي رسم حدوده المستعمر البريطاني والفرنسي عام ١٩٢١ تقصدوا دمج ثلاث مكونات غير متجانسة وبدون تشريع دستور يكون هو الحاكم، وقاموا بتنصيب حاكم من أقلية مذهبية لينتقم من الشيعة بشكل خاص والأكراد، الغاية بقاء العراق دولة فاشلة تعاني من صراعات مذهبية قومية مستدامة، بيئتنا  التي تعرضت لظلم واضطهاد ومسخ الهوية الدينية والمذهبية انتجت لنا مجتمع يعم على غالبيتهم الجهل، وانتج لنا ساسة واتباع يفكرون بالعاطفة والربح الحزبي على حساب الغالبية الساحقة من ابناء المكون الشيعي العراقي.

لدى شيعة العراق مناسبات يجتمع بها الملايين بدون أي مقابل لكن هل ساسة وقادة وزعماء المكون الشيعي استفادوا من هذه التجمعات المليونية في تنظيم أنفسهم وحث الجماهير على أن تكون اليد القوية التي تبطش في فلول البعث وهابي، في مناسبات عاشوراء وزيارة أربعينية الإمام الحسين يجتمع أكثر من عشرة ملايين شيعي عراقي في تجمعات حاشدة لم نشاهد زعيم سياسي شيعي خطب بهذه الجماهير المضحية المليونية وصارحهم بحقيقة التدخلات من قبل الدولة المحتلة وأذنابها من بدو وهابية الخليج بشؤن العراق ودعم الإرهاب لاستهداف المكون الشيعي العراقي بشكل خاص، الكل صم بكم وكأن الله عز وجل لايلهم هؤلاء الساسة المعرفة والعلم، بل الغالبية الساحقة من ساسة مكوننا كالبهائم جلبوا لنا العار والذل والهوان، الذي يملك جماهير مليونية فهو غير محتاج موافقة الطالباني ومعصوم وبرهم في المصادقة على مراسيم إعدام الذباحين والقتلة، الذي يملك الملايين يستطيع اخراس الأراذل من شركاء الوطن في وقف دعمهم للإرهاب والقتل والتفخيخ والتآمر على العملية السياسية البائسة.

رأينا مرات عديدة خروج مظاهرات تندد في تعثر العملية السياسية، بل دخل الثوار إلى الخضراء مرات عديدة وسقط الكثير منهم شهداء والنتيجة يفترض بمن يدخل الخضراء عليه تشكيل حكومة وتعطيل العمل بالدستور مدة ست اشهر، واعتقال الأجنحة السياسية للقوى الإرهابية وتقديمهم للعدالة، تصوروا في مواقع التواصل الاجتماعي شخصيات بعثية سنية عراقية امثال محمد الكبيسي يعلنها انه بعث إلى الإدارة الأمريكية وإلى مجلس الأمن معلومات عن قوات الحشد وضد ساسة المكون الشيعي، بالله عليكم اي مهزلة هذه، نحن في اي بلد لا تستطيع حكومة محاسبة رؤوس الإرهاب وداعميه، هل أصبحت الخيانة والعمالة عبارة عن وجهة نظر أو يعتبرها دفاع عن مكونه المذهبي والقومي.

أمس شاهدنا حشود كثيرة في مدينة الصدر، هذه الحشود ورغم كثافتها، الإعلام السعودي قال تجمع عدة آلاف في مظاهرة في بغداد،انا شخصيا كتبت منشور بسيط بصفحتي على موقع فيس بوك المنشور هذا نصه( هذه الحشود يفترض تقتحم الغبراء وتشكل حكومة، حتى الإمام الخميني رض ما كان يملك هذه الملايين ولو ملك هذه الملايين لأطاح بالشاه بعام ١٩٦٢، للأسف مكوننا الشيعي بأستطاعته إنهاء مآسينا ويتم تشكيل حكومة ويتم تجميد الدستور وتأديب شركائنا بالوطن بالقوة واخراسهم، انا شخصيا ابارك حضور هذه الحشود المليونية رغم حرارة الشمس، والناس تطوعت اختياريا للحضور، وهذا شيء ممتاز، نحتاج رجل مثل الإمام رض يدخل التاريخ من أوسع أبوابه يكنس كل عملاء المحتل والخونة والعملاء، يا جماعة، الشيعة لديهم كل إمكانيات التغيير لكن ابتلينا بخلافات شخصية لدى بعض قادة مكوننا).

انتهى منشوري ابتليت على عمري اول واحد رد علينا شخص من حزب الدعوة قال لي منشور غير موفق تبعته البهائم، قلت لهم نعم  منشوري غير موفق فما هي ارائكم بما حدث، غالبيتهم هربوا ولم يستطيعوا الدخول في حوار، صاحبنا ابو كلمة منشور غير موفق قال لأن المظاهرة هي إلى مقتدى الصدر، تصوروا حجم الكارثة والمأساة عندما يصل التفكير لهذا المستوى المتدني، نعم لا يمكن مقارنة بيئة شيعة العراق مع شيعة إيران الذين حكموا إيران سواء في حكم ملكي شاهنشاهي أو من خلال تجربة الإمام الخميني العظيم الذي أصبح المرجع حاكم ديني وسياسي في آن واحد، نعم الإمام الخميني رض  لم يصعد جكسارات ولم يسكن في منطقه كامله، تعليقات من كتب تكشف البيئة الضحلة التي نشأوا بها، مشكلة هؤلاء أشبه في بهائم قد انتزعت الحكمة والقول الصادق من قلوبهم، نعم لا نختلف أن التيار الصدري شارك بوزراء في الحكومات العراقية المتابعة، تم اشراكهم مثل ما تم إشراك أعداء العملية السياسية، لم يطلب السيد الصدر من الحكومات العراقية وخاصة حكومة عام ٢٠١٠ منهم وزارات ابدا لكن رئيس الحكومة وبقية كتل التحالف الشيعي اعطوا إلى التيار الصدري عدة وزارات، سيد حاكم الزاملي اثبت شجاعته وقوته عندما شغل منصب في عدة وزارات وتمنيت الوكيل الأقدم في وزارة الداخلية العراقية كان السيد حاكم الزاملي لما تجرأ اراذل فلول البعث على العبث في أمننا وتفجير المفخخات….الخ.

انا لايهمني أن فلان شخص داعية مؤمن متدين، الدين له وليس لي، انا محتاج مسؤول كدها يتصدى إلى أراذل فلول البعث وهابي، مشكلة الخلافات ما بين أنصار احزابنا الشيعية جعلت الكثير منهم يتبادلون الاتهامات بالقول على سبيل المثال، الجهة التي تحرك هذه الجموع هي جهة من جهات الفساد بل الفساد بعينه وهي ليست أهلا لقيادة ثورة إصلاحية ضد ما يسمى فساد هم جزء منه، للأسف أصبح الكلام بين أنصار احزابنا كل طرف يتهم الطرف الآخر بالفساد وكان يفترض بدل تبادل الاتهامات وزرع روح اليأس طرح بديل افضل جامع لكل ابناء المكون الشيعي، للأسف، لا يغير الله قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم… هذا أولا وأخيرا…وكما قال الشاعر..نعيب الزمان والعيب فينا، مشكلة قادة أحزاب شيعة العراق وجماهيرهم يتبنون مشاريع إخراج المحتل والواقع يقول الذي يريد طرد المحتل عليه بالقليل يتفق مع ساسة كتل ابناء قومه للاتفاق على مشروع سياسي جامع وشامل، انا شخصيا كنت ولازلت اتكلم عن ابناء مكون ولم ولن اتكلم عن أنصار حزب وفئة  ابدا، المشكلة التي نعاني منها الكثير من السذج والاغبياء وعبدة الاصنام يقدمون أنفسهم انهم مستقلين وهم في الحقيقة لايعرفون الاستقلالية والحرية والكرامة ابدا وإنما عبيد اذلاء، لذلك ‏أسوء  شخصية على الإطلاق في المجتمع الشيعي  العراقي هو من يسمي نفسه بالمستقل، تجده منحني جانبا لايهمه مايحدث، لاينصر مظلوم ولايتبرأ من امعة جاهل غبي، شغله الشاغل تجده  ينتقد الشريف و الكسيف على حد سواء و الكل متساوي عنده و طريقته بالحياة يطبق سنة عبدالله بن عمر بالقول نحن مع من غلب،  يقبل بالذل و المهانة و يدعو الناس لهذا الامر ايضا ،للاسف يشكلون اغلبية الشعب، كنت بالسعودية في احد محتجزاتهم كان معنا بعض الناس حتى لو يضربه العسكر السعودي بالبسطال فهو غير مكترث وتجده يأكل إلى أن يشبع وتجده مرتاح بالذل والهوان، بكل الأحوال شيعة العراق يملكون كل مقومات ونقاط القوة التي تمكنهم من حكم العراق وقطع دابر التدخلات الإقليمية والدولية لكن سبب ماحل بالمكون الشيعي كان نتيجة طبيعية للصراعات البينية والخلافات العقيمة والغير مبررة مابين ساسة الصدفة الذين جلبوا لنا المآسي والكوارث والعار.

اي تجمع شيعي كبير سواء كان صدري أو اطاري فهو يزعج فلول البعث ومحيطهم الطائفي المتخلف النتن، انا عندما انظرإلى  الحشود التي حشدها التيار الصدري نظرة إيجابية هذا لايعني اني أصبحت صدريا قح وإنما نتفائل بكل عمل يثير حفيظة وخوف الأعداء، ابتلينا بساسة عديمي ضمير وانسانية، يفترض بالسياسي الناجح أن يكون خادم للمواطن العادي البسيط، عندما تتجول في مدن الوسط والجنوب وتجد شرائح بالمجتمع مثل شباب يولدون وهم مصابون في أمراض تعيقهم من العمل مثل شريحة أمراض الثلاسيميا الذين يحتاجون تبديل دم من غير المعقول يتم المنية عليهم براتب حماية لا يصل إلى مائة دولار، في الدول المحترمة يتم إعطاء الناس الذين يولدون ولديهم اعاقات تمنعهم من العمل رواتب تقاعدية مبكرة أي يكون راتب الشاب المعاق التقاعدي راتب موظف بالدولة كمعلم أو مدرس حتى يتمكن من الزواج وبناء اسرة، من المؤسف والمخجل تجد آلاف من الشباب المعاقين يتسولون أو يتصدق عليهم أبناء المنطقة والأقارب……الخ.

من المؤسف تجد مواطن تعرض للظلم نتيجة خطأ موظف وسلبت منه حقوقه التقاعدية لا تجد رئيس حكومة أو رئيس سلطة قضائية يقبل منه شكوى أو طلب تظلم إلى إعادة فتح ملف قضيته بحجة أن لجنة شكلها رئيس حكومة سابق اسمها لجنة التحقق أعطته قرار رفض نهائي، أين العدالة، اتذكر بعد وصولي لاجئا للدنمارك بسنتين حدثت لي مشكلة مع موظف حول جمع شمل عائلتي، كتبت رسالة لملكة الدنمارك بخط يدي وبلغني الدنماركية بوقتها الركيكة وبورقة عادية ليست مطبوعة في طابعة، نعم كتبت رسالة عادية وبعثتها إلى عنوان الملكة خلال خمسة أيام جائني الرد بالقول أنا لست صاحبة السلطة التنفيذية وواجبي واجب تشريفي لكنتي اوعدك اتصل بالموظف المسؤول لمساعدتك، بعد اسبوع بعث لي الموظف المسؤول الموافقة وأشار لي أن سكرتير الملكة اتصل به طلب المساعدة في مساعدتك، أين نحن بالعراق من ذلك، تصوروا منذ شهر لم استطيع الدخول لوزارة الدفاع العراقية، لمقابلة أو إيصال طلب تظلم للسيد وزير الدفاع العراقي المحروس، في الختام نحن بالعراق وبشكل خاص ابناء المكون الشيعي نفتقر لوجود قادة يعرفون كيف يكسبون الحشود المليونية في وقف الإرهاب وردع شركاء الوطن وتأديبهم واجبارهم على وقف التآمر والاستقواء بالمحتل والقوى الإقليمية والدولية والصهيونية.

‏‎يقول برنارد شو،إذا قرأ الغبي، الكثير من الكتب الغبية، فإنه سيتحول إلى غبي خطير ومزعج جدًّا لأنه سيصبح غبيًّا واثقًا من نفسه، وهنا تكمن المشكلة، مشكلتنا ساستنا والكثير من اتباعهم لديهم جهل مركب يرفضون لغة التصالح والتسامح فيما بينهم ونبذ الخلافات والصراعات الشخصية على حساب مظلومية مكونهم، روي عن الجنرال جياب بطل الثورة الفيتنامية الذي (انتصر على فرنسا و امريكا معا)  أنّه زار عاصمة عربية توجد فيها فصائل ثورة وهي بيروت، فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل وقارنها بحياته مع ثوار الفيت كونج في الغابات الفيتنامية قال لتلك القيادات،  من الصعب أن تنتصر ثورتكم

سألوه لماذا،  أجابهم،  لأنّ الثورة والثروة لا يلتقيان.

الثورة التي لايقودها الوعي تتحول إلى إرهاب والثورة التي يغدق عليها المال تتحول إلى لصوص ومجرمين.

الخلاصة إذا رأيت واحد يدعي ثورة ومقاومة المحتل ويريد العدالة وخدمة المجتمع وهو  ساكن في قصر وليس في بيت صغير مثل بيت علي بن أبي طالب ع والذي لازال في الكوفة إلى يومنا هذا وتجده  يأكل أشهى الأطباق يعيش في رفاهية فأعلم إنه خبيث منافق من أحقر البشر يعيش على حساب دماء الآخرين من دماء بني جلدته، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعا نحو الكف عن التمسك والتشبث في المصالح الشخصية على حساب رفاهية وحقوق ابناء مكوننا الذي أعيته الحروب والقتل والفقر.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

16/7/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here