في الذكرى 102 لاندلاع ثورة العشرين

featured image

قسم التقارير- سياسة+

يحيي العراقيون – الخميس- ذكرى مرور 102 عام على اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للمطالبة بالاستقلال، والتي أخذت صداها وأصبحت نقطة لافتة في التاريخ الحديث، وتحولت إلى يوم وطني للأجيال اللاحقة يحتفل بذكرها من كل عام بوصفها ذكرى احتجاجية مشتعلة.

ورغم انشغال العراقيين بأحداث شتى أربكت مشهد الحياة، فإنهم لم ينسوا استذكار ثورة العشرين، حيث كتب مدونون ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات وتدوينات كثيرة عن تلك الثورة التي يعتبرونها الأساس الذي انبثقت منه الدولة العراقية الحديثة.

ودخلت ثورة العشرين في الأدب والشعر، وأصبحت درسا للحركات والثورات والاحتجاجات التي حصلت فيما بعد، وتغنى بها الشعراء والأدباء وخلدوها بأبيات كثيرة من الشعر، حتى أن الثورة مع انطلاقها كان قد رافقها أشهر بيت شعري عرفه العراقيون، وهو “الطوب أحسن لو مكواري”، في إشارة للمقارنة بين السلاح الناري والمكوار الذي هو عصا غليظة تستخدم للقتال ويوضع عند أحد أطرافها مادة القير لتكون صلبة وقوية.

أسباب اندلاعها؟

كانت ثورة عام 1920 من أهم الثورات ضد القوات البريطانية في العراق، وكان وراء اندلاعها أسباب متعددة من أبرزها سوء الإدارة البريطانية وتعسفها في إدارة البلاد، فضلا عن الضرائب الثقيلة التي أرهقت كاهل الشعب العراقي، كما يقول أستاذ التاريخ المختص بتاريخ العراق الحديث الدكتور حيدر شهيد في حوار صحفي.

ويتابع شهيد “لقد سبق قيام ثورة العشرين اندلاع ثورة النجف الأشرف عام 1918 التي قمعها البريطانيون بكل قسوة، وأعدموا الكثير من الرموز الوطنية آنذاك، ثم تسارعت وتيرة الأحداث التي دعت إلى قيام ثورة شاملة ضد البريطانيين وإنهاء فكرة إلحاق العراق بمحمية عدن وجعله مستعمرة تابعة لها. على إثر ذلك، كما يتحدث الأكاديمي العراقي، اجتمع بعض من زعماء الفرات الأوسط في بيت الشيخ هادي المكوطر، أحد كبار شيوخ محافظة الديوانية، وكان من الحاضرين الشيخ خيون العبيد، وهو من كبار شيوخ ذي قار، ودار النقاش حول القيام بالثورة، لكن الشيخ خيون اقترح القيام بتوعية الشعب للتحضير لذلك، ولاسيما أن منطقة المنتفق كانت في حالة صراع مع العثمانيين والبريطانيين خلال الفترة 1908-1918. ويضيف شهيد، بعد ذلك خرج الجميع من الاجتماع بفكرة واحدة وهي توعيه الناس وتحشيد الجهود، وتم تشكيل جمعية الرابطة الإسلامية للقيام بذلك.

ومن الأسباب المباشرة لاندلاع الثورة -كما يؤكد شهيد- قيام القوات البريطانية بسجن الشيخ شعلان أبو الجون شيخ عشيرة الظوالم في محافظة المثنى (السماوة) جنوب البلاد يوم 30 يونيو/حزيران 1920، والاستعداد لإرساله عبر القطار إلى مدينة الديوانية. لكن عشيرة الظوالم هاجمت السراي الحكومي وحررت الشيخ من السجن، حيث تعتبر تلك الحادثة من الشرارات الأولى لاندلاع الثورة وانتقالها لباقي المدن العراقية. ويقول عالم الاجتماع العراقي الراحل الدكتور علي الوردي في كتاب اللمحات إن عشائر السماوة والرميثة تقاتل الإنجليز لوحدها لأكثر من أسبوعين من دون مساعدة أي عشيرة وقبل إصدار أي فتوى دينية، وهذا دليل تاريخي على أن العراقيين يضحون من أجل أرضهم ووطنهم بوجود أو عدم وجود فتوى دينية.

ومن الأسباب الأخرى لتفجيرها وتوسع نطاقها، إعلان قبيلة شمر حربها على الإنجليز، ومن أبرز الثوار الشيخ ضاري بن محمود الزوبعي. فقد طلب الحاكم الإنجليزي في حينها العقيد ليتشمان مقابلة الشيخ ضاري، لكن الشيخ رفض في بادئ الأمر المثول أمامه، لعلمه بأنه سوف يطلب منه التعاون مع الإنجليز ضد العراقيين. وعندما تمت المقابلة في منطقة الخان بين بغداد والفلوجة، قام الضابط الإنجليزي بإهانة الشيخ ضاري بكلمات نابية وشديدة، وحاول اعتقاله. فهبّت الحمية بالشيخ وخرج وأحضر ولديه اللذين وجها بنادقهما إلى رأس العقيد ليتشمان وأطلقوا النار عليه فأردوه قتيلا، ثم أجهز عليه الشيخ ضاري بسيفه، وعند محاولة المرافق المقاومة قتلوه أيضا.

الثورة في منطقة كردستان

ساد نوع من الجو المشحون في مدينة أربيل منذ بداية شهر آب من سنة 1920 م وفي يوم 5 أيلول اشتد التوتر في المدينة جراء وصول أنباء عن قرب احتلال المدينة من قبل عشيرتي السورجي والخوشناو. وفي نفس اليوم قام خورشيد آغا وهو أحد رؤساء العشائر الموالية للإنجليز ومعه 3 آلاف مقاتل بالدخول إلى المدينة. وفي اليوم التالي كادت مشكلة بسيطة ما بين أحد مقاتلي خورشيد آغا وأحد أصحاب الدكاكين من اليهود أن تؤدي إلى نشوب الشرارة التي تلهب الوضع في المدينة لولا تدارك الأمر آمر الشرطة. وفي صباح يوم 8 أيلول وصلت إلى مدينة أربيل طائرة تقل الحاكم البريطاني على العراق السير آرنولد ويلسون وقد اجتمع ويلسون أثناء وجوده بأربيل برؤساء العشائر الموالية للإنجليز ومن معهم من القوات الإنجليزية وقد غادر ويلسون في الساعة الثانية من بعد الظهيرة من نفس اليوم عائدا إلى بغداد. في يوم 9 أيلول اجتمع الحاكم السياسي لمدينة أربيل الكابتن هي برؤساء عشائر خوشناو وتم الاتفاق على أن تسحب هذه العشيرة جميع قواتها المنتشرة حول البلدة مقابل إصدار عفو عام عن كل ما صدر منهم في الماضي وإعادة دفع مشاهراتهم التي كانو يقبضونها سابقا. وفي صباح يوم 14 أيلول وصل إلى اربيل رتل عسكري من القوات الإنجليزية قادم من كركوك أعقبه رتل آخر قادم من مدينة الموصل وبذلك عاد الهدوء إلى المدينة.

وعلى الرغم من أن الثورة قد حققت بعض النجاح الأولي، فإن البريطانيين تمكنوا من قمعها نهاية أكتوبر/تشرين الأول 1920. وكانت أهداف الثورة هي: الاستقلال عن الحكم البريطاني، وتأسيس حكومة عراقية مستقلة.

نتائج الثورة

من 6000 إلى 10,000 من العراقيين ونحو 500 من الجنود البريطانيين والهنود لقوا حتفهم خلال الثورة. وبلغت ساعات طيران ال (RAF) إلى 4008 ساعة، وأسقطت 97 طنا من القنابل وأطلقت 183861 طلقة وخسائر الـ (RAF) كانت مقتل تسعة رجال، وأصيب سبعة و 11 طائرة دمرت وراء خطوط الثائرين. وتسببت الثورة بتغيير جذري لنظرة المسؤولين البريطانيين ولإعادة النظر في استراتيجيتهم بالعراق. كلفت الثورة الحكومة البريطانية ما مقداره 40,000,000 باوند، والذي كان ضعف مبلغ الميزانية السنوية المخصصة للعراق، وعاملا كبيرا في إعادة النظر باستراتيجيتهم بالعراق. وكلفت الثورة أكثر من مجمل تكلفة الثورة العربية الكبرى (الممولة من المملكة المتحدة) ضد الدولة العثمانية في 1917م-1918م.

وقرر وزير المستعمرات الجديد، ونستون تشرشل أن هناك حاجة إلى إدارة جديدة في العراق وكذلك في المستعمرات البريطانية بالشرق الأوسط، ونادى لعقد مؤتمر موسع بالقاهرة. في مارس 1921م في مؤتمر القاهرة، ناقش المسؤولون البريطانيون مستقبل العراق. فأراد البريطانيون للسيطرة على العراق من خلال وسائل غير مباشرة، وذلك أساسا عن طريق تثبيت مسؤولين سابقين ذوي علاقة ودية بالحكومة البريطانية. وقرروا في نهاية المطاف إلى تثبيت فيصل بن الحسين ملكا على العراق. وكان فيصل قد عمل مع البريطانيين قبلاً في الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى، وكان يحظى بعلاقات جيدة مع بعض المسؤولين المهمين. واعتقد المسؤولون البريطانيون أيضا أن تنصيب فيصل ملكًا من شأنه أن يمنعه من قتال الفرنسيين في سورية والإضرار بالعلاقات البريطانية- الفرنسية.

وللعراقيين فإن الثورة بمثابة العنصر التأسيسي لروح القومية العراقية، على الرغم من اختلاف العلماء بشأن هذا الموضوع. وأظهرت الثورة تعاوناً غير مسبوق بين المسلمين السنة والشيعة، وعلى الرغم من أن هذا التعاون لم يستمر لفترة أطول بعد نهاية الثورة.

أسباب فشل ثورة 1920

إن فشل الثورة أمر لم يتفق على اسبابه المؤرخون، وفي الوقت الذي اتسع نطاق الثورة فشمل منطقة الفرات الأوسط بأجمعه، وقسم غير قليل من المحافظات الجنوبية والشمالية، بل ان الأضطرابات سرت إلى بغداد وباتت مهددة من الدخل والخارج بالعناصر الوطنية، فسحقت الثورة وفشلت ويمكن تلخيص الظروف والأسباب التي احاطت بهذا الفشل وحصرها بالأسباب التالية:

قلة موارد الثورة.

ندرة العتاد الحربي لدى الثوار.

تفوق الجيش الأنكليزي.

نشاط سلاح الجو البريطاني.

امتداد زمن القتال.

جهل الثوار بأسلوب الحرب النظامية.

جهل الثوار بأسلوب حرب الغور.

حصر الثورة في الفرات الأوسط.

فقدان القيادة العامة.

خيانة بعض البرجوازيين والأقطاعيين.

قدوم برسي كوكس بالأماني.

انقطاع الصلة بالعالم الخارجي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here