تقرير صحي ذات طابع كاريكاتوري : كأن حلقي أسطوانة متصدعة و صوتي يبقبق بهمهمة مثل مياه تحت الأعشاب

تقرير صحي ذات طابع كاريكاتوري :

كأن حلقي أسطوانة متصدعة و صوتي يبقبق بهمهمة مثل مياه تحت الأعشاب

بقلم مهدي قاسم

منذ اليومين الماضيين انكمش صوتي على نفسه مثل حلزون متشنج ومذعور ، و بات بعد ذلك متيبسا ، جافا ، مع بحة عريضة متكسرة ذات ارتجافات و أصداء مرتدة على نفسها حائرة خائرة ، كنتُ اسمعه – اعني صوتي – كأنما يأتي من قبة مجوّفة أو من قعر بئر بلا قرار ، و حينا يبقبق مثل مياه مجهدة تحت رمال تسعى للانطلاق نحو الأعالي، وأحيانا أخرى كأنه يأتي من أقصى أطراف الكون ــ هذا كان أقرب إلى تصوري ــ ربما يجيء من داخل مركبة فضائية مجهولة ، و عبر أسلاك متقطعة ومبللة و ذات وشوشة وصفير ..
ربما استغلوا وهني و قاموا بخطفي رجال الفضاء الخارجي ..
و أثناء ذلك كنت أقول لنفسي بين مزاح و جد : علي أن أكون راضيا بوضعي الحالي إذا ما يتفاقم الأمر نحو الأسوأ ، فبالرغم من غرابة صوتي وتحولات حباله المتراخية و المهلهلة ، و لكنها ــ على الأقل ــ أخذت تتحسن بسرعة و بشكل ملحوظ ليكتسب طابعه الإنساني بدلا من الطابع الآلي هذا ،ولكن ماذا لو تحولتُ أنا فجأة بكامل كياني ( و هذا ليس بأمر مستحيل بسبب كثرة مختبرات و تجارب بيولوجية و هندسات جينية و جيناتية تحيطنا من كل حدب و صوب ) من أن أتحول ــ مثلا ــ إلى كائن آخر ، إلى مخلوق خرافي بكل غرابة شكله العجيب : مخلوق فريد لا ينتمي لا لعالم السماء ولا لعالم البر ولا للبحر؟..
كانت تلك اللعبة التخيَّلية في ذهني في احتمال تحولاتي إلى مخلوقات وكائنات خرافية و غريبة عن الأرض تدغدغ شعوري و تشكّل لي وسيلة دفاع من ناحية ، و أسباب عزاء وسلوى من ناحية أخرى ، إذ كنتُ من خلال مثل هكذا مقارنات و احتمالات أبقى محتفظا بقوة إرادتي و طاقتي الإيجابية قدر الإمكان ..
إنها كانت دوما إحدى أبرع وسائل نجاة من كمائن محن متربصة و مصائد قدر مباغتة..
*********

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here