أتباع التيار يطلقون «اعتصاماً مفتوحاً» في البرلمان.. «التنسيقي» فشل عشية الاقتحام الثاني لـ «الخضراء» في إقناع الصدر

بغداد/ تميم الحسن

في اقل من ساعتين استطاع أنصار التيار الصدري اقتحام البرلمان للمرة الثانية في اقل من اسبوع، فيما أشارت جهات صحية إلى تسجيل العشرات من الاصابات.

وفي عشية الاحتجاجات الاخيرة حاول «اطاريون» التواصل مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لتجنب التصعيد لكن يبدو انهم لم يحصلوا على رد.

وعقب دقائق من دخول مجلس النواب أعلن ابراهيم الجابري مدير مكتب الصدر عن «اعتصام مفتوح».

وقال الجابري في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي: «الشعب يختار الاعتصام المفتوح داخل البرلمان…» في اشارة الى المتظاهرين الذي اقتحموا المجلس.

واثناء دخول البرلمان اقترح متظاهرون– بحسب بعض المحتجين الذين تواصلت معهم (المدى)-الذهاب الى مجلس القضاء القريب من البرلمان.

واستخدم متظاهرون مصطلحات عسكرية، في تقسيم الادوار حيث تبقى مجموعة «تمسك الارض» في البرلمان والاخرى تزحف نحو «القضاء».

بالمقابل فهمت تغريدة لما يعرف بـ «وزير القائد» وهو مقرب من زعيم التيار مقتدى الصدر، بانه داعم لفكرة ذهاب المحتجين الى مجلس القضاء، لكن بشروط.

وقال «الوزير» وهو صالح محمد العراقي على «تويتر» موجها كلامه للمحتجين: «ان شئتم ايصال اصواتكم (للقضاء العراقي) فلا نرضى بالتعدي عليهم…».

وفي وقت لاحق انسحب المتظاهرون من محيط مجلس القضاء الأعلى بعد تغريدة لصالح محمد العراقي منع فيها التعدي على مقرات القضاء، ودعا فيها المتظاهرين إلى العودة إلى مجلس النواب بوصفه رمز الشعب.

وبدأت في ذلك الوقت اعداد الملتحقين الى محيط الخضراء بالتصاعد مع انتشار خبر اقتحام المنطقة الخضراء مجددا، ووصل بعد ساعة من دخول البرلمان بعض المتظاهرين الى محيط مجلس القضاء.

وشوهدت «شفلات» تسير بين جموع المتظاهرين لهدم ما تبقى من الكتل الكونكريتية التي استمرت القوات الامنية ليلة كاملة في وضعها على الجسور وامام بوابات الخضراء.

تصاعد الغضب

وبدأ المشهد يتصاعد من نهار يوم الجمعة، حين وصلت سيارات نقل الى منطقة الباب الشرقي، وسط بغداد، وبدأت بنصب خيم أطلق عليها «الدعم اللوجستي».

ووضع الصدريون الاكل والشراب ومستلزمات الاستراحة في تلك الخيم القريبة من جسر الجمهورية، فيما كان في ذلك الوقت يستعد أنصار تيار الحكمة بالمقابل للتظاهر في مكان قريب.

وبحسب مراقبين، فان عمار الحكيم زعيم الحكمة قد استفز الصدريين بإخراج مؤيديه في نفس التوقيت بذريعة الاحتفال بالعام الهجري الجديد.

لكن الحكيم لم تفته تلك المناسبة ليعرج على الازمة السياسية والاقتحام الاول للبرلمان الذي حدث مساء الاربعاء.

وقال رئيس تيار الحكمة إنه لن يقف مكتوف الأيدي أمام أصوات الفتنة وزج الشباب في الفوضى، معلنا عن تمسكه بترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

واعتُبر ما تحدث به الحكيم بمثابة اعلان مغادرته لأول مرة المنطقة الرمادية التي يحسن الوقوف فيها منذ سنوات.

وأوضح الحكيم في خطاب أمام أنصاره في ساحة الخلاني وسط العاصمة «لقد شهدنا خلال الأسابيع الماضية محاولات عديدة لزرع الفتنة والتناحر بين مكونات الشعب من جهة وفي داخل المكون الاجتماعي الأكبر من جهة أخرى وهي مساع خبيثة لا تريد بالعراق وشعبه إلا شرا (…) ولن تتوقف حتى توقع بين الإخوة وأبناء البيت الواحد».

وأضاف «لن نقف مكتوفي الأيدي أمام محاولات البغضاء وأصوات الفتن وزج شبابنا في الصراعات والفوضى، فالوحدة العراقية خط أحمر ولن نتهاون في ذلك مطلقا، ولن نسمح لأصابع الحرب الناعمة أن تنال من شعبنا أو تؤجج الخلافات والتحديات والظروف الحساسة التي نمر بها في تحقيق مآربها الخبيثة».

وكان الحكيم على رأس اللجنة الخاصة التي شكلها «الإطار التنسيقي» الاسبوع الماضي، لاختيار رئيس الوزراء الجديد والمكونة من 4 قيادات.

واثار كلام الحكيم الاخير، غضب الصدريين الذين توافدوا على مقرات زعيم الحكمة في بغداد وعدد من المحافظات لإغلاقها ردا على ما تحدث به.

وخلال الساعات التي سبقت تظاهرات السبت، افادت مصادر مطلعة لـ(المدى) ان «أطرافا في الإطار التنسيقي حاولت مساء الجمعة الاتصال بزعيم التيار الصدري لوقف الاحتجاجات».

واكدت تلك المصادر ان «التيار تجاهل تلك الاتصالات ولم يرد بشكل شاف على مطالب التدخل»، كما رجحت بان «يمتنع الصدر هذه المرة من التدخل لإخراج المتظاهرين كما حدث الاربعاء».

وفي بيان نشره على موقع تويتر، قال الصدر إن «ثورة محرم الحرام» وهو الاسم الذي أطلقه على التظاهرة، هي «ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد»، وقال إن «الرسالة وصلت» ودعا المتظاهرين للعودة.

بالمقابل وبعد وقت قصير من انسحاب المتظاهرين خرج نوري المالكي زعيم دولة القانون، وهو يرتدي ملابس عسكرية (بدون قيافة) في صورتين يحمل مرة سلاحا روسيا والثانية امريكيا، متجولا داخل الخضراء.

بالمقابل رد الإطار التنسيقي على الاقتحام الاول للمنطقة المحصنة متهما الحكومة بتسهيل مرور المحتجين الى البرلمان.

وبعد ذلك بساعات أعلن «التنسيقي» تشكيل وفد تفاوضي مع القوى السياسية لإكمال الحكومة، داعيا الى اختيار رئيس الجمهورية في جلسة أمس السبت.

وكان من المفترض ان تنطلق أمس، اول جلسات الفصل التشريعي الجديد، فيما لم تتفاعل اغلب القوى السياسية (خارج الإطار) مع الدعوة لانتخابات رئيس الجمهورية.

عبور الأطواق الخرسانية

ومنعا لانعقاد الجلسة تجمع الصدريين مساء الجمعة فيما كانت القوات الامنية تحصن البوابات والطرق المؤدية الى الخضراء بالقواطع الكونكريتية.

واثناء ما كانت هناك معلومات عن اصابات بين صفوف المحتجين الذين اجتازوا سريعا عدة اطواق الكونكريت على جسر الجمهورية، حذر «وزير القائد» من استهداف المتظاهرين.

وحمل «الوزير»، وهو صالح محمد العراقي، الكتل السياسية مسؤولية استهداف المحتجين، بعد تسلقهم الجدران واسقاط عدد منها.

وقال العراقي على «تويتر» ان «الكتل السياسية تتحمل أي اعتداء على المتظاهرين السلميين، فالقوات الأمنية مع الإصلاح والإصلاح معها».

واظهرت بعض المنصات الالكترونية ومحطات تلفزيونية التي نقلت احداث اقتحام «الخضراء» مباشرة، لقطات لمسلحين داخل الخضراء يرتدون الزي الاسود واقنعة سوداء، في مشاهد ذكرت بايام تظاهرات تشرين في 2019.

واعلنت وزارة الصحة بعد منتصف نهار أمس، تسجيل العشرات من الإصابات أغلبها متوسطة وخفيفة، مع عدد من الإصابات الخطيرة.

بالمقابل كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دعا قبل دقائق من اقتحام البرلمان للمرة الثانية، القوات الأمنية لحماية المتظاهرين، والمتظاهرين للالتزام بالسلمية في حراكهم.

وقال رئيس الوزراء الكاظمي في بيان له إن: «استمرار التصعيد السياسي يزيد من التوتر في الشارع، بما لا يخدم المصالح العامة».

وتابع البيان «القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية، وأكد على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لحفظ النظام».

بالمقابل دعا المتظاهرين: «للالتزام بالسلمية في حراكهم»، طالباً منهم «عدم التصعيد والالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي تهدف لحمايتهم وحماية المؤسسات الرسمية».

الكاظمي وفي كلمة لاحقة، حذر من استمرار التشنج السياسي، مضيفاً أن «المعضلة سياسية وحلها سياسي والحل ممكن عبر الحوار وتقديم التنازلات من أجل العراق».

وعاد الحكيم ليصدر بياناً يدعو التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي إلى الدخول في حوار مفتوح ومباشر، أما زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي فقد دعا إلى الحكمة والاتزان ودرء الفتنة.

وأصدر صالح محمد العراقي، بياناً لاحقاً طالب فيه الأمم المتحدة بدعم الشعب العراقي من أجل انهاء معاناته من الفساد، فيما حمل القيادي البارز في التيار الصدري حازم الاعرجي الإطار التنسيقي مسؤولية الدماء التي سالت خلال التظاهرات.

وعلى الجانب الآخر، نصح زعيم تحالف الفتح هادي العامري الإطار التنسيقي والتيار الصدري بـ «اعتماد نهج التهدئة وضبط النفس والتأني وترجيح أسلوب الحوار».

ولم يبتعد زعيم تحالف النصر كثيراً عما ذهب إليه باقي القادة السياسيين، بدعوته إلى التهدئة «والحوار والاتفاق على أن يكون العراق وأمنه ومصالح أبنائه هو الكلمة السواء التي يجب أن نتفانى في سبيلها».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here