الجماهير العراقية بين القيادة والإنقياد

الجماهير العراقية بين القيادة والإنقياد

يتحتم علينا ان نأخذ وقتاً ليس بقليل للتفكر حول اندفاع الجماهير العراقية خاصة في الفترة التي تلت تظاهرات تشرين، ونطرح تساؤلات حول هذه التجمعات، هل هي تناصر زعماء سياسيين،
ام انها مؤمنة بمنهج احزابها وتحاول الدفاع عنه،
ام هي مدفوعة الثمن.

من الممكن جدا القول ان اغلب جماهير الاحزاب اما تناصر زعيم معين او هي مدفوعة الثمن ونادرا ما نجد جماهير مؤمنة بمناهج الحزب الذي تتبعه بإستثناء جمهور الحزب الشيوعي، وكذلك استثناء جمهور تشرين الذي يعتبر حالة خاصة يختلف في تبعيته السياسية.

وسأحاول هنا ان اقسم الجماهير حسب انتماءاتها ونسنتنج تأثير القيادة والانقياد في سلوكياتها.

الجمهور الصدري
لاشك ان التيار الصدري يمتلك الجمهور الاكبر من بين الاحزاب الشيعية والاشد عناداً واخلاصاً لقائدهم السيد مقتدى الصدر دون غيره، وان هذا الجمهور يعرف تماما حجم مشاركة وتأثير التيار الصدري في الحكومات السابقة الا انه يردد دوما ما يمليه عليه قائده برفع شعار “الاصلاح ” ولا يتساءل لماذا لم يقم تياري بالاصلاح طوال السنوات السابقة؟
والحقيقة ان هذا الجمهور يتأثر بقائده فقط ولاينقاد لغيره او لحالة طارئة ولا يسأل عن سبب التناقضات التي تصدر احيانا في السلوكيات السياسية للتيار ويكتفي اما بالدفاع او الانشقاق، وهنا تكمن احدى مخاطر خسارة التيار الصدري لجمهوره بعد كل مجازفة سياسية والعدول عنها في وقت لاحق، اذ ان الكمية الكبيرة من الاندفاع ومن ثم التراجع تترك طابعا سلبياً في نفوس الجماهير مهما كانت العلاقة قوية بين الجمهور والقائد.

جمهور الاطار التنسيقي
كل من ائتلاف دولة القانون وتحالف قوى الدولة والفتح وبقية الاحزاب المنضوية تحت مسمى الاطار التنسيقي لها جمهورها الخاص، ويعتمد الاطار بمخاطباته لجمهوره الاسلوب الطائفي ونظرية المؤامرة لتخويفهم من خسارة الشيعة للحكم اذا ماخسر الاطار الحكم!.
ان القيادة في كل واحدة من هذه الاحزاب او التيارات هي قيادة هشه مبينة على المصالح ومقدار الاستفادة في العلاقة بين الجمهور والقائد، وبما ان القيادة مبينة على مصالح خاصة يكون الانقياد اليها كذلك، واذا شعر هذا الجمهور بخسارة مكاسبه الخاصة ينفك بسرعة الضوء عن قيادته ليجد مكاناً اكثر أمناً لمكتسباته، لذا يعتبر هذا الجمهور مدفوع الثمن، والجمهور من هذا النوع لايُعول عليه كثيراً وهو أمر التمسناه بعد دعوتهم الاخيرة لجماهيرهم بالخروج في تظاهرة ضد انصار التيار الصدري ففشلت مساعيهم للملمة شتات الجمهور مما دفعهم للاعلان عن تأجيل او الغاء دعواهم.

الجمهور الناعم
لم اجد تسمية افضل من الجمهور الناعم لاطلقها على جمهور الاحزاب السُنية والكوردية فهذه الجماهير سهلة القيادة والانقياد وهي جماهير متقاربة بحكم الاحداث المأساوية التي وقعت عليها كما انها لاتأبه ببرامج احزابها السياسية ويكون انتماءها لجماعاتها ومناطقها الجغرافية، والجماهير الناعمة ان صح هذا التعبير هي جماهير خاطئة في سلوك مسارها السياسي وذلك لخضوعها المطلق لزعاماتها رغبة منها او رغماً عنها كما ان انغلاقها على ذاتها وجغرافيتها هو ما يجعلها في الدرجة الثانية دائما.

جمهور تشرين
يُعتبر هذا الجمهور من اخطر الجماهير الحديثة سياسيا كما انه اصبح الند الاقوى لاعتى التيارات السياسية، واصبح لتشرين جمهور لايخضع لقائد ولا يمكنه ان ينقاد لجهة معينة او توجه ديني او سياسي فشكل مجاميع تحت مسمى تشرين وقد يكون هذا السبب هو احد اسباب تشتت هدف تشرين كثورة وطنية خالصة. ان فكرة الحرية ونبذ التبعية السياسية طغت على شباب تشرين وذلك بسبب حلاوة التخلص من القيود وفرض القرارات، كما ان جمهور تشرين هو الجمهور الوحيد الذي يستطيع وبكامل ارادته ان ينتقد من يقف معه او من يمثله علناً واعطى هذا طابعاً بوجود خلافات تشرينية، لاشك ان النقد عملية بناء ولكن دون اشاعة ذلك. ان الحرية السياسية داخل جسد الحزب السياسي هي حرية مشروطة وليست بالمعنى الذي يُسوق له على ان تكون حرية مطلقه.

امير العلي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here