خطب وكتابات السيد محمد محمد صادق الصدر عن الامام الحسين عليه السلام (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

إن الأخبار الدالة على وجوب التقية لم تكن صادرة في زمن الحسين عليه السلام، لأنها انما صدرت عن الإمامين الصادقين عليهم السلام وهما عاشا بعد واقعة كربلاء بحوالي قرن من الزمن. واذا لم تكن هذه الأخبار موجودة ، فلا دليل على وجوب التقية يوم حركة الحسين عليه السلام. ومن هنا لم يعمل بها. إلا أن هذا الوجه غير صحيح لأكثر من جواب واحد: أولاً : أن هذه الأخبار المشار إليها تدلنا على حكم واقعي ثابت في الشريعة، يعلم به المعصومون جميعاً سلام الله عليهم بما فيهم الحسين عليه السلام. فإنهم جميعاً عالمون بجميع أحكام الشريعة المقدسة. ثانياً: أن الآيات الكريمة دالة على ذلك أيضاً، وقد كانت موجودة ومقروءة في زمن الحسين عليه السلام. أن الحسين عليه السلام كسائر المعصومين عليهم السلام، عمل بالتقية ردحاً طويلاً في حياته. وإنما ترك العمل بها من ناحية واحدة فقط، هي الناحية التي أدت إلى مقتله في واقعة الطف. وهي رفض الطلب الصادر من قبل الحاكم الأموي بالبيعة له وتهديده بكل بلاء اذا لم يبايع. الأمر الذي استوجب صموده عليه السلام ضد هذا المعنى حتى الموت. نعم، قد تكون التقية واجبة الزاماً، فيما اذا توقف عليها هدف اجتماعي عام مهم. كالمحافظة على بيضة الإسلام. الأ أنه لم يكن الأمر يومئذ هكذا، بل بالعكس على ما سوف نعرف، فإن حفظ الإسلام يومئذ كان متوقفاً على التضحية لا على التقية.

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: ان هؤلاء وهم أولاد الزوجة الاولى ليعقوب عليه السلام غدروا بأخيهم يوسف الذي هو من الزوجة الثانية. والمهم أن مثل هؤلاء الذين اضروا بأخويهما وبابيهما لا يمكن أن يتصفوا بالصفات الجليلة المذكورة في القرآن للأسباط قال تعالى”وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ” (ال عمران 84). وعلى أي حال فلابد ان يكون المراد بالأسباط في هذه الآيات غيرهم. نعم هناك دليلان محتملان مستفادان من القرآن الكريم يستدل به للمشهور وإن المراد بالأسباط هم هؤلاء من اولاد يعقوب: اولا: هذه الآيات التي قراناها قبل قليل. فيقرن بين أسماء هؤلاء والاسباط ولا نعرف ممن يقرب إلى هؤلاء الا اولاد يعقوب عليه السلام. الا ان هذا دليل ظني كما هو معلوم وليس هو قطعيا وليس هناك ظهور قرآني في ذلك. ثانيا: قوله تعالى: “وَقَطَّعْنَٰهُمُ ٱثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا” (الأعراف 160). والضمير في قطعناهم يعود إلى أولاد يعقوب الذين هم بنوا اسرائيل فيتعين ان يكون اولاده هم الاسباط. وجوابه: أولا: ما عرفناه من ان الاسباط هم اولاد البنت ولا يصدقون على اولاد الأولاد على الحقيقة إلا مجازا. ثانيا: انه قال في هذه الآية “أَسْبَاطًا أُمَمًا” (الاعراف 160) فالمراد من الاسباط هنا الذرية الكثيرة التي حصلت لهم خلال الاجيال حتى اصبحت كل مجموعة منهم امة من الناس وكان مجموعهم امم. وليس الملحوظ في هذه الآية مجرد الانتساب إلى يعقوب عليه السلام في انطباق معنى الاسباط. وعلى اية حال فسواء كانوا هؤلاء هم الأسباط ام لم يكونوا فإننا نجد للأسباط على واقعهم في علم الله، نجد مدحا وتعظيما في القرآن الكريم وقد ثبت بالحديث الشريف المروي لدى الفريقين ان الحسن والحسين من الأسباط فمن هذه الناحية يكونان سلام الله عليهما اوضح في هذه الصفة من اولاد يعقوب وكذلك هما أوضح من جهة كونهما سبطا رسول الله صلى الله عليه واله حقيقة ونسبا.

جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: نستمر الآن في شرح خطبة الحسين سلام الله عليه. قال عليه السلام: (لن تشذ عن رسول الله لحمته) ، عبر هنا بضمير الغائب، لحمته، ولم يقل لحمتي ، عبر هنا بضمير الغائب، الا ان الظاهر انه يريد نفسه يريد ضمير المتكلم ، الا انه ابدله بضمير الغائب حتى لا يكون مدحا للنفس وثناءاً عليها ، فيكون المراد لن تشذ عن رسول الله لحمتنا كما قال: رضا الله رضانا اهل البيت واللُحمة من الالتحام وهو الاتصال، والشذوذ هو الابتعاد ، إما التحم وإما شذَّ ، فاللحمة هي الالتحام ، والشذوذ هو الابتعاد ، والشاذ هو المبتعد ونعبر بالشاذَّ عن كل ما هو غير طبيعي ، لأنه مبتعد عن المستوى الطبيعي ، فيكون المراد أنه لن تبتعد عن رسول الله لحمته، او قل لن يبتعد عن رسول الله قربه والتحامه ولصوقه. وقوله : لن تشذ للتأبيد ، لن يعني ، لن الى الأبد بهذا المعنى وانها ستبقى ملتحمة ولن تبتعد اطلاقا الى ما لا نهاية ، او يكون المراد الاشارة الى الشأنية يعني ليس من شأنها ان تبتعد وغير قابلة للابتعاد اصلا ، وما ليس من الشأن يكون مستحيلا أو بمنزلة المستحيل. وما البلاء الدنيوي، من قبيل اعطاء فرصة لعلهم يتفكرون ، لعلهم يتذكرون، لعلهم يتوبون، لعلهم يؤبون، لعلهم ينوبون، أما الله تعالى، يواجه منا أذُنا غير صاغية ، أُذُنا صماء فهل هذا مما يحمد عقباه ،‍ انما كل واحد بحسابه وكتابه فـ “اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ” (ال عمران 105). ثم يقول سلام الله عليه: (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس) ، لن تشذ وانما هي مجموعة ومرتبة ومركبة له في حضيرة القدس ، قوله ، بل هي ، يعني اللحمة مجموعة له لأنه يجتمع برسول الله صلى الله عليه واله ، وأمير المؤمنين وأمه فاطمة الزهراء عليهم افضل الصلاة والسلام ، يعني بأرواحهم العليا وليس بأجسامهم الدنيوية بطبيعة الحال ، يعني بأرواحهم العليا في حضيرة القدس كما قال في نفس الخطبة: (وما أولهني الى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف) ، وإنما هو واله الى تلك الارواح العليا والمقامات السامية وليس إلى الوجودات الدنيوية بطبيعة الحال على أنها مقدسة جدا وأقدس ما هو موجود على وجه الأرض ، لكن طبعا تلك المقامات أقدس منها اكيدا بما لا يقاس وما لا يتناهى . وحضيرة القدس مرتبة من المراتب الالهية العالية جدا لا يمكن ان نتوصل الى تعريفها او معرفتها.

جاء في كتاب أضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: من الأسئلة العامة حول الحسين عليه السلام: هل حصل للحسين واصحابه الذل والمهانة في واقعة كربلاء؟ هناك ، بلا شك من يعتقد ذلك على اي حال، ومنه جاء قول الشاعر: ويصيح واذلاّه اين عشيرتي وسراة قومي اين أهل ودادي وحاشاه سلام الله عليه. وليس هذا الا من الكذب على المعصومين سلام الله عليهم، فيكون من اشد المحرمات. بل هو لا ينوي ذلك في قلبه فضلاً عن أن يقوله فضلاً عن اي يصيح به، كما يزعم هذا الشاعر. وفي مقابله قول الشاعر: فأبى أن يعيش الا عزيزاً او تجلى الكفاح وهو صريع بل القول بالذّلة مخالف للقرآن الكريم ولا شك ان الحسين واصحابه من خيرة من يكون مصداقاً وتطبيقاً لهذه النصوص. بل هو العزيز في الدنيا والآخرى، أما في الدنيا فلصموده وصبره وأما في الآخرة ، فللمقامات العليا التي ينالها بالشهادة . نعم ، لا شك أن المعسكر المعادي وقادته أرادوا إذلاله وحاولوا إهانته. وهذا اكيد ، الا ان شيئاً من ذلك لم يحصل. لأن الذلة الحقيقية انما تحصل لو حصلت المبايعة للحاكم الأموي والخضوع له تلك هي الذلة التي تجنبها الحسين عليه السلام بكل جهدة÷ وضحّى ضدها بنفسه. وأما لا صمود في ساحة القتال فلن يكون ذلة لا في نظر اصدقائه ولا في نظر ربه جل جلاله. وهنا قد يخطر في البال: ان قوله تعالى : “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ” (ال عمران 123) دال على حصول الذلة لجيش النبي صلى الله عليه واله وسلم في واقعة بدر. وإذا صح وصف جيش النبي صلى الله عليه واله وسلم بذلك صح وصف غيره بطريق اولى. فلماذا نتحاشى عن وصف الحسين وجيشه بالذله؟ وجوابه : أن الاية الكريمة غير دالة أصلاً على ثبوت الذل: بمعنى المهانة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وجيشه. ولو دلت على ذلك لوجب تأويلها بما يناسب الحال. شأنها في ذلك شأن الظاهر القرآنية التي دل الدليل على عدم إمكان التعبد بمظاهرها.

جاء في في موقع منتدى جامع الائمة عن خطبة الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: قال الله تعالى “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ” (ال عمران 144) في الجمعة السابقة تعرضنا الى الدولة البيزنطية او الرومانية وطبعا خطبة أو خطبتين لا يسع الكلام فيها عن مثل هذه المطالب التاريخية الموسعة اكيدا فلذا نستطيع ان نقيم قرائن أخرى على ما قلناه وأقمنا عليه بعض القرائن على اية حال على استعمار وتبعية جملة ممن هو موجود في المجتمع الاسلامي بما فيهم الحاكمون يومئذ الى تلك الدولة الظالمة الكافرة . قلنا إن جلاوزة تلك الدولة هي التي قتلت المسيح باعتقادها وهي التي قتلت يحيى سلام الله عليه ، وقطعت رأسه ونطق رأسه وكان أحد رأسين ناطقين في تاريخ البشرية ، رأس يحيى ورأس الحسين سلام الله عليهما.

جاء في في موقع منتدى جامع الائمة عن خطبة الجمعة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: في هذه الخطبة اريد ان أتعرض لخطبة الحسين سلام الله عليه في المدينة : (خط الموت على ولد ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف ، وخِير لي مصرع انا لاقيه الى آخره ، الى ان يقول : رضا الله رضانا اهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين) خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وهذا بالمقدار الذي اراد بيانه ، والا فالأمر اوسع من ذلك لأنه في القرآن يقول: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ” (ال عمران 185) ، يعني من انسان وحيوان وجن وملائكة كلهم يموتون ، اليس سمعتم في الرواية ان اهل الارض يموتون وان اهل السماء لا يبقون ، والملائكة والجن ايضا لهم نفوس والقاعدة القرآنية تعطينا شنو ، كل (نفس ذائقة الموت) ، في حين ان الحسين سلام الله عليه ، يقول : خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، يعني يتكلم عن خصوص البشرية ولا يتكلم عن غيرها ، ليس معناه انه غيرهم لا يموت لا، بس مقصوده ، هو التعرض الى خصوص البشرية التي هو منها والسامعين منها وهذا يكفي . زين كما ان مخط القلادة على جيد الفتاة أمر تقريبي وتعبير ادبي ، وإلا فهو ليس بأمر دائم ، لان كثيرا من النساء لا يلبسن القلائد لفقر او غيره مع ان الموت عام للجميع ، إلا أن يراد موضع القلادة يعني أسفل الرقبة فيكون ملازما مع خلقة الإنسان كملازمة الموت له . وذكر الموت نافع في الهمة لطاعة الله تعالى والإعراض عن الدنيا لأن الدار الموقتة لا تكون مهمة ، وما هي الدار المؤقتة ، الدنيا ، وما هي الدار الباقية ، طبعا الاخرة اكيدا ، يعني معناه ان نسبة الواحد الى ما لا نهاية نسبة الصفر كأن الدنيا لا وجود لها وان توهمنا لها وجود ، ونحن انما نهتم بأمر لا اهمية فيه ، قال أمير المؤمنين سلام الله عليه ، لو جدتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز ، انت شوف بحدسك الآن كل واحد يرجع الى نفسه ، عفطة العنز شگد قيمتها ، شكد تطيه لواحد چم فلس حتى ادگوله خلي الصخله تعفطلي فد عفطة ، دون الصفر ، دون الصفر قيمة عفطة العنزة ، قيمتها سلبية لو أمكن وليست ايجابية اصلا ولا فلس ، وانما مليون دينار تحت الصفر يعني بمعنى انني اعطي فلوس في سبيل أن لا تعفط العنزة ، إذن يكون اعطي فلوس في سبيل ان اتخلص من الدنيا ، أزهد عندي من عفطة عنز أحقر من عفطة العنز ، ليس مثلها ، اقل ، محل الشاهد اننا نتكالب ونتقاتل على شيء خالي من الاهمية بالمرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here