خطاب الصدر وتغريدة المالكي.. خلاف على أداة الحسم في العراق

في أحدث تطور للأزمة السياسية في العراق، طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بإجراء انتخابات مبكرة جديدة، بعد أقل من عام على انتخابات مماثلة فاز بها تياره بأكثر عدد من المقاعد، قبل أن يستقيل نوابه احتجاجا على عدم السماح للصدر بترشيح رئيس جديد للحكومة.

وقال الصدر في خطاب مسجل نشر، الأربعاء، إنه “لم يقرر بعد إن كان سيشترك في الانتخابات المقبلة من عدمها”، نافيا أن يكون الصراع الحالي “صراعا على السلطة، أو بين أشخاص”.

ولا يزال من غير المعروف كيف يخطط الصدر لإقامة انتخابات مبكرة، حيث تحتاج، وفقا لقانونيين تحدث معهم موقع “الحرة” إلى أن “يحل البرلمان نفسه”، ويدعو رئيس الجمهورية للانتخابات.

ويقول الخبير العراقي في الشؤون القانونية، علي التميمي، لموقع “الحرة” إن طلب حل مجلس النواب يجب أن يقدم تحريريا من 110 نواب (ثلث أعضاء المجلس) إلى رئاسته، أو يكون بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ومن ثم يطرح الطلبان للتصويت ويشترط في هذا “موافقة أغلبية الأعضاء”.

ويضيف التميمي أن خيار تقديم رئيس الوزراء للطلب “مستثنى” لأن الحكومة الحالية هي “حكومة تصريف أمور يومية لم تأت من مجلس النواب الحالي لا هي ولا رئيس الجمهورية الحالي وبالتالي لا يحق لا لرئيس مجلس الوزراء ولا لرئيس الجمهورية تقديم الطلب المشترك”.

ويبقى بحسب التميمي خيار أن يحل البرلمان نفسه.

ولا يمتلك الصدر أي نائب في البرلمان الحالي، ويسيطر منافسوه، الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، على أكبر عدد من المقاعد بين كتل البرلمان المختلفة.

ماذا لو مرر الطلب برلمانيا؟

يقول التميمي إنه عند التصويت على حل مجلس النواب من قبل الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوما من تاريخ الحل، ويواصل مجلس الوزراء تصريف الأمور اليومية لحين تشكيل الحكومة الجديدة.

ويقول الخبير العراقي في الشأن القانوني، ناجي عبد الله، إن “من المستبعد الدعوة لانتخابات جديدة، خاصة وأن البرلمان الحالي لم يقر الموازنة المالية لهذا العام بعد”.

ويضيف عبد الله لموقع “الحرة” بأن المفوضية الحالية للانتخابات “قد تحتاج إلى تغيير، وكذلك الثغرات القانونية في قانون الانتخابات التي اعترضت عليها المحكمة الاتحادية”.

موقف الإطار

وفي خطابه، قال الصدر إنه لا يرفض الحوار، لكنه “خبر الحوار سابقا” واتهم خصومه بعدم الجدية في تنفيذ وعودهم “وتواقيعهم”، مضيفا أنه لا يحمل “عداوة شخصية حتى لمن يريد قتله، بحسب التسريبات”، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وردا على الصدر كما يبدو، قال المالكي في تغريدة إن “الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات واعادة الامور الى نصابها الصحيح تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية”.

في المقابل أعرب قادة آخرون في الإطار التنسيقي، مثل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي عن التأييد لما جاء في خطاب الصدر، وقال العبادي إنه “يلتقي” مع مبادرته لحل الأزمة.

ولا ينعقد البرلمان العراقي حاليا، بسبب وجود المتظاهرين من أتباع الصدر داخل وحول مبناه، مما دفع رئيسه، محمد الحلبوسي، إلى تأجيل الجلسات، الأمر الذي عطل جلسة مزمعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ورئيس جديد للوزراء كان يفترض أن تعقد الأسبوع الماضي.

ووصف نواب مثل، باسم خشان، خطاب الصدر بـ”المعتدل” وأيدوا دعواته لحل البرلمان.

ويقول خبراء تحدث معهم موقع “الحرة” إن تعطيل البرلمان، وإصرار الصدر على الاستمرار بالتظاهر، يمنع خصومه من “فرض أمر واقع”، وفقا للمحلل السياسي العراقي، أحمد الزبيدي.

ويقول الزبيدي لموقع “الحرة” إن “تغريدة المالكي تعني رفضا ضمنيا لمقترح الانتخابات المبكرة، حيث أن الإطار من حقه تكليف حكومة حاليا وفقا للدستور الذي أشار إليه رئيس الوزراء الأسبق في تغريدته”.

لكن النائب السابق، وعضو ائتلاف دولة القانون عمار الشبلي، يقول إن تصريحات المالكي – وهو رئيس الائتلاف، “لا تعني بالضرورة رفضا لمبادرة السيد الصدر”، وأضاف “ما جاء في حديث المالكي هو تذكير بأن الالتزام بالدستور والقوانين ذات الصلة قد يفضي لحل ناجع للخلافات السياسية أكثر من اي حل اخر”.

ويقول الشبلي لموقع “الحرة” إن “الانتخابات المبكرة التي دعا لها السيد الصدر تصطدم بعدة عقبات وتوجب توافر شروط لإنجاحها، مثل تعديل قانون الانتخابات حيث أن المحكمة الاتحادية نقضت أربع مواد في قانون الانتخابات وهذا يعني أن البرلمان مدعو لتعديل القانون وفق مقتضى قرارات المحكمة الاتحادية”.

وأضاف أن “هناك شروطا أخرى تخلفت في الانتخابات الماضية كإكمال الإحصاء في محافظة كركوك وتدقيق مستمسكات ناخبيها وضبط الانتخابات لوجستيا وأمنيا”.

وأضاف “لقد أشر أكثر من تقرير اهمها التقرير الأممي وجود خروقات عديدة فما هو الضمان أن لا تتكرر نفس الخروقات”.

وتابع “كذلك لم يبين السيد مقتدى الصدر ما هو زمن حل البرلمان، وهذه نقطة جوهرية، ففي ظل حكومة تصريف أعمال يومية لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة لأنها تتطلب ميزانية مالية لا تستطيع حاليا حكومة تصريف الاعمال تخصيصها لفقدانها الصلاحية”.

وقبل استقالة نوابه، حاول الصدر تشكيل أغلبية نيابية تسمح له بتحديد رئيس للوزراء، بالاستعانة بحلفائه من كتلة تقدم – كتلة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي – وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني (حكومة إقليم كردستان في شمال العراق).

ونجح الصدر فعلا بتعيين الحلبوسي، لكن تم عرقلة جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية – كان يفترض أن يكون من كتلة الديمقراطي – بسبب ما عرف وقتها بـ”الثلث البرلماني المعطل” وهو تحالف من نواب الإطار بالإضافة إلى نواب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني – حزب رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here