أسطورة “الخضراء” .. قلعة الحكم تتحول إلى متنزه للعراقيين

منطقة الخضراء في بغداد حيث مبنى السفارة الأميركية ومقر البرلمان والحكومة العراقية

ومنذ صباح السبت الماضي ، اقتحم آلاف من أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المنطقة الخضراء، وسط بغداد، كما أعلنوا اعتصاما مفتوحا داخل مبنى البرلمان العراقي، وذلك احتجاجًا على ترشيح القيادي السابق في حزب الدعوة، محمد شياع السوداني، لمنصب رئاسة الوزراء.

محمد الجبوري، (17 عاماً)، يسكن العاصمة بغداد، استغل اقتحام أنصار الصدر، للمنطقة الخضراء، ليصطحب أقرانه في جولة، وصفها بأنها كانت “مبهرة”.

يقول الجبوري  : “ولدت عام 2005، ولغاية اليوم، لم أتمكن من دخول المنطقة الخضراء، التي بقيت محصورة على الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين، وأبناءهم، وأصهارهم، حيث كانت السلطات تمنع المرور بتلك المنطقة، بشكل تام، وفي بعض الأحيان حتى مقترباتها”.

خلال السنوات الماضية، أعلنت الحكومة العراقية، عن فتح المنطقة الخضراء، أمام المارة، لكن الجبوري، يرى أن فتحها لم يكن كاملاً وفي بعض الأحيان يقتصر على شوارع محددة، ولأوقات معلومة.

وشاهد الشاب العراقي، قصور صدام حسين، ومنازل ازلامه، وأبنائه، والقصور الحكومية، التي بُنيت خلال العقود الماضية، على توالي العصور ومرور الأزمان، فضلاً عن السفارة الأميركية، ومبنى البرلمان العراقي الحالي، والقصر الذي يقيم فيه رئيس الجمهورية.

وعلى مدى عدة عقود بقي أهل بغداد يحلمون بالتجوال يوما ما في شارع من شوارع المنطقة الخضراء، أو اكتشاف أسرارها أو فك الغموض الذي يكتنفها منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن.

وتقع هذه المنطقة المسماة بـ “الخضراء” التي تعرضت للقصف الأمريكي الشديد خلال حربي 1991 و2003 على الضفة الغربية من نهر دجلة الذي يشطر بغداد إلى جانبين هما الرصافة – الشرقي – والكرخ – الغربي، ويقابلها من الجهة الثانية للنهر أحياء الباب الشرقي والبتاوين والكرادة الشرقية.

وتضم المنطقة أحياء كرادة مريم، والتشريع، وأم العظام، والقادسية، كما كانت تضم بيوتا لسكن كبار قادة العهد الملكي العراقي، نوري السعيد أشهر رؤساء وزراء العراق آنذاك وعبد الإله خال الملك فيصل، وابن عم أبيه والعديد من الوزراء والمسؤولين في هذه المنطقة.

وأصبحت المنطقة الآن مفتوحة أمام متظاهري أنصار التيار الصدري، القادمين من مختلف محافظات البلاد، حيث تحولت مداخلها إلى ممر رئيسي، لشاحنات المؤونة والغذاء الداخلة إلى مبنى البرلمان العراقي، حيث أقام المعتصمون من نشطاء التيار الصدري، غرفة خاصة لتخزين الطعام والغذاء.

ولم يعد للبطاقات الحمراء والخضراء، التي كانت تصدرها السلطات الأمنية هناك، أية قيمة، في ظل سماح الجهات المعنية، لجميع الراغبين بالدخول إلى المنطقة، دون إمكانية منع أحد.

وعقب إعلان التيار الصدري، اعتصامه المفتوح، قدم آلاف المتظاهرين، من المحافظات  الجنوبية، لمناصرة الصدر، والمشاركة في هذا الاعتصام، كما قدم آخرون من المحافظات الشمالية والغربية، خاصة محافظة الأنبار.

وإضافة إلى المباني الحكومية، تضم المنطقة الخضراء، مقر الرئاسات الثلاث وقيادة القوات المسلحة، ومعظم السفارات الاجنبية تتقدمها الأميركية والبريطانية، فضلاً عن مقرات منظمات ووكالات أجنبية بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبعد اشهر قليلة من تولي الكاظمي رئاسة الحكومة في مايو/أيار 2020 وجه في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه بفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين لـمدة 11 ساعة في اليوم من السادسة صباحا ولغاية الخامسة مساء ذهابا وإيابا من الجسر المعلق باتجاه شارع المطار وبالعكس .

لكن هذا القرار، واجه على الدوام مشكلات، بسبب الأوضاع الأمنية، خاصة في ظل قصف الفصائل المسلحة، لأهداف دولية.

الناشط في التيار الصدري، إيهاب المياحي، يرى أن “فتح المنطقة الخضراء أمام العراقيين، بالفعل شكل فرصة للكثير من البغداديين للتعرف على تلك المنطقة التي شكلت أهمية كبيرة في تاريخ العراق”، مشيراً إلى أن “فتح المنطقة أمام عامة الجماهير زاد أيضاً من الأعداد المشاركة في الاعتصام”.

وأضاف المياحي : أن “فتح الخضراء، بهذا الشكل، كان فيه أيضاً رسالة إلى عامة القوى السياسية، بضرورة الالتحام مع الشعب، وعدم السكن بأبراج عاجية، وبناء القلاع، والحواجز والابتعاد عن المواطنين”.

ومنذ أيام يدخل العراقيون إلى المنطقة بسلاسة، على رغم الزحامات الخانقة التي تضربها، بسبب الاعتصام الصدري.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here