تعزيز الوحدة الاقتصادية والمجتمعية.. السكك الحديد

ماجد زيدان

التصريحات الحكومية تبدء من النيات بإنجاز كذا وبناء ذاك الصرح وبلغنا نسبة التنفيذ كذا لا اساس لها من الصحة ارقام واحصاءات تناقض نفسها بعد حين , يراهن فيها المسؤولون على الذاكرة التعبة للمواطنين جراء السياسات الكارثية والاداء السيء والمستمر ويتناسون ان ذلك لم يعد ممكننا بفضل التطور التكنلوجي , فبسهولة يمكن لمن يريد ان يكتشف هذه الادعاءات الزائفة , اما المواطنون يصدمهم الواقع الاقتصادي المزرى وسعة الفقر وتفاقمه ..الخ.

منذ سنين ونحن نسمع اعلانات وتصريحات عن تطوير السكك الحديدية وربط البلاد من الفاو الى زاخو بخطوط متطورة وحديثة منها وانعاش الاقتصاد الوطني , خصوصا وزارة النقل تزعم انه مع اكتمال ميناء الفاو تكون شبكة السكك جاهزة , ولا ندري لماذا هذا الربط بين الحاجة الآنية والملحة ومشروع مستقبلي قد يكون او لا , يكون في القريب المخطط له فيما استعدت بعض دول الجوار الى انشاء سككها , بل للتأثير وتغيير الخطط الوطنية لمنفعتها الاقتصادية باستغلال التلكؤ والاهمال للمشاريع الوطنية .

على أي حال اخر تصريح بهذا الصدد وحفزنا على الكتابة هو اعلان الشركة العامة لسكك الحديد التابعة لوزارة النقل مباشرة الشركة الإيطالية بإعمالها لتطوير شبكة السكك الحديدية في العراق، مؤكدةً عقد اتفاقين مع الجانب التركي يخصان تدريب الكوادر العاملة وتصليح القطارات المعطلة، فيما أشارت إلى أنها طرحت مقترحاً لتعويض النقص الحاد في كوادرها.

وتشير الى ان الشركة احدى التشكيلات الخاسرة ولكن لا يذكر اسباب هذه الخسارة علما انها من المشاريع الرابحة في كل دول العالم , وربط نقص الكوادر بإقرار الموازنة الاتحادية وايضا لا يبين اين كانت الشركة العامة طيلة السنين الماضية , وهي المعروفة تعتبر مدرسة على الصعد الاجتماعية والاقتصادية بمعاملها وتشكل بحق من افضل المؤسسات في تخريج العمال المهرة والمهنين خلال العقود السابقة , والاهم انها كانت ترفد الموازنة بالموارد المالية .

الان السكك تعاني نقصا حادا في الكوادر وتفتقد الى العمال المؤهلين وتنشد تدريبهم من تركيا , وورش الصيانة معطلة ليس بمقدورها اصلاح القاطرات المتوقفة .

الواقع ان الخراب الذي حل بالسكك الحديد هو جزء من الخراب الذي حل بالاقتصاد الوطني بسبب من السياسات الفاشلة وانعدام استراتيجية تطوير هذا المرفق الاقتصادي الحيوي وانتشار الفساد في البلاد ونهب المال العام .

التصريحات تستحق التمعن والتذكير بها لعل الشركة تتمكن من انعاش الاوضاع الاقتصادية لتيسير حركة القطارات وربط مدن البلاد مع بعضها البعض وتيسير هذه الوسيلة الجماعية للنقل العام وتبادل البضاع وحركة التجارة لتعظيم الفائدة من ميناء الفاو وطريق الحرير قبل ان يسبقنا الاخرون او نسمح للفاسدين بحرف الاهداف الاقتصادية وتجييرها للغير .

ان اوصال البلاد ما تزال مربوطة بسكك حديد عفى عليها الزمن، وما عادت تؤدي الغرض ومنها، ولا تلبي الحاجة في اقتصاد متطور ونام، بل ان شمالي البلاد وجنوبها ليس بينهما خط سكك حديدي متصل ينقل البشر والحجر، ويقلل الكلف ويعزز الروابط الاجتماعية.

ان هذا الربط الداخلي بالسكك الحديد بين المحافظات والمدن والموانئ والمنافذ الحدودية الشرط الاساس لأنشاء القناة الجافة وربطها مع دول الجوار واستغلالها تجارياً، ليكون العراق اكبر معبر لتجارة الترانزيت واسرعها، مضيفاً مورداً لا يستهان به الى الدخل الوطني وموفراً آلاف الفرص لعمل العاطلين في مختلف الاختصاصات.

ان ربط مدن البلاد على جهاتها الاربع امر في غاية الاهمية يسهم في تعزيز الوحدة الاقتصادية التي هي الاساس للوحدة الاجتماعية، وهو مشروع حيوي لابد لنا ان نسمع في سباق الزمن بتضاعف نموه بين فترة واخرى لكي نبني بلداً متشابكاً ومعظماً لموارده وتنميتها المستدامة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here