الحماية القانونية للوثائق الحكومية

القاضي
كاظم عبد جاسم الزيدي

لاشك بأن تقدم المجتمعات مرتبط بتقدم مؤسساته وثروة المؤسسة لا ترتبط في الطاقة البشرية والموارد المالية فحسب بل تكمن في ثروتها الوثائقية التي تعد ذاكرة لنشاطها و مصدر لافكارها و قراراتها وحيث ان قدرة الانسان العقلية لا تستطيع استيعاب كل ما يسمعه أو يراه أو يقراه فكان لابد من تخزين البيانات وحفظ المعلومات و استرجاعها في الوقت المناسب عن طريق الوثائق وان الوثائق على اختلاف أنواعها وطبيعتها ورقية أو الكترونية أمنية أو إدارية أو تاريخية أو علمية أو أكاديمية عائدة إلى دوائر لدولة أو أي من السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية بما في ذلك الوثائق الخاصة بالشخصيات العامة و الجهات والهيئات غير المرتبطة بوزارة تحظى بأهمية على الصعيد الدولي والصعيد الداخلي بل أصبحت تلك لوثائق ثروة وطنية لا غنى عنها وأصبحت هذه الوثائق المملوكة للدولة أو للإفراد سلاح ذو حدين تتجلى من خلالها قوة الدول أو ضعفها غناها أو فقرها تطورها أو ركودها وفيها تكتم الدولة و الإفراد إسرارها ومما لاشك فيه ان أهم أدوات الحماية التي يمكن للدولة ان تضفي الحماية من خلالها على أي مسالة ذات اهتمام هي الحماية القانونية التي نجد سندها في احكام التشريعات إذ تبين النصوص التشريعية بتنظيم المسالة محل الحماية وتحدد الجزاء القانوني المترتب على كل من يخل بالواجب القانوني نظرا لخطورة المساس بها بأية طريقة لحساسيتها و للآثار الوخيمة التي قد يخلفها ذلك المساس من عواقب قد لا يحمد عقباها في بعض الأحيان لذلك عالج المشرع العراقي الحماية القانونية للوثائق في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 العدل وقانون الحفاظ على الوثائق رقم 37 لسنة 2016 حيث عرف المشرع العراقي الوثائق في المادة في قانون الحفاظ على الوثائق بأنها (جميع إشكال أوعية حفظ المعلومات الورقية والرقمية والالكترونية الفوتوغرافية و القلمية و إي وعاء جديد يستحدث لاحقا وتشمل الوثائق والمراسلات و السجلات و المستندات و الخرائط والرسوم البيانية و المخططات و كل ما يحتوي حق مثبت لجهة معينة ) ان الوثاق في واقع الأمر ليست من جنس معين إذ تتعدد وتتنوع كنتاج طبيعي لتعدد نشاط الدولة و لا يمكن حصرها في نطاق أو شكل واحد حيث قسم المشرع العراقي الوثائق إلى ثلاثة أقسام وهي الوثائق العامة التي يجوز الاطلاع عليها من قبل كل ذي مصلحة والوثائق الخاصة التي يجوز الاطلاع عليها إلا في الحالات التي تستوجب ذلك وبموافقة الجهة المعنية والوثائق السرية وهي الوثائق التي لا يجوز الاطلاع عليها وذلك لمساسها بأمن الدولة أو ان الإفصاح عنها يقود إلى ضرر وحسب مقتضات العمل وهي وثائق الدفاع والوثائق السياسية حيث ان المشرع العراقي قد تدخل لتعداد ما يعد من إسرار الدولة وهي معلومات الدفاع العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية إذ هي اتصلت بشؤون الدفاع وحيث ان السلطة القضائية هي نقطة الأساس في استقرار الدول وتطورها فقد حرص المشرع العراقي على حماية الوثائق القضائية حيث نصت المادة 236 من قانون العقوبات على ان يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مليون أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية إخبارا بشان محاكمة قرر القانون سريتها أو منعت المحكمة نشرها أو تحقيقا قائما في جناية أو جنحة أو وثيقة من وثائق هذا التحقيق اذا كانت سلطة التحقيق قد حظرت إذاعة شي عنه أو إخبارا بشان التحقيقات أو الإجراءات في قضايا النسب أو الزوجية أو الطلاق أو الهجر أو التفريق أو الزنا و مداولات المحاكم أو نشر أسماء أو صور المجني عليهم في جرائم الاغتصاب أو الاعتداء على العرض وأسماء أو صور المتهمين الإحداث وتعد جريمة إفشاء معلومات وثائق الدولة من اخطر واهم الجرائم الواقعة على امن الدولة وذلك لمساسها المباشر بمعلومات امن الدولة وان المصلحة المعتبرة من وراء تجريم فعل الإفشاء تتجلى في حماية المعلومات والوثائق السرية دون غيرها من معلومات ووثائق الدولة بعدم اطلاع الغير عليها إذ ان انتهاك حرمة السرية والكشف عن مضمون الوثائق الحكومية السرية للجمهور دون موافقة الدولة على ذلك يرتقي بفعل الإفشاء إلى مصافي الأفعال المجرمة ويبرر للدولة اخذ مرتكبه للعقاب للآثار السيئة التي قد يتركها ذلك النيل من الوثائق وهي من الأولويات التي يجب ان تضطلع بها الدولة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here