ضيفُ الفرات

ضيفُ الفرات

د. رمضان مهلهل سدخان

أيّها الماءُ الفراتُ الجاريا
قف! فعباسُ الضيفُ آتيا
عندَ حرِّ الظّهرِ سارَ ضَيغماً
بيرقاً للعِزّ دوماً عاليا
وعلى وقعِ الجوادِ أعينٌ
راقبتْ حامي اللواءِ الآتيا
بينما النهرُ المنيعُ دونَه
يوعِدُ الأطفالَ شُرباً هانيا
حاملاً جوداً على القوم أتى
كان للرضعانِ قلباً زاكيا
وامتطى المهرَ، سليلُ حيدرٍ
صدّ أسيافاً وجيشاً عاتيا
ترجُفُ الأرضُ، أبو الفضلِ دنا
تحتَه النهرُ، خرّ جاثيا
صارَ عندَ الجرفِ، والجرفُ بكى:
دونكَ عباسُ كلّ مائيا
لم يَذقْ ماءً، والماءُ كفّه
بل رماه الكلُّ كان ضاميا
كرَّ صوبَ الخِيامِ راجعاً
عائداً بالماءِ عذباً صافيا
في يمينِه اللواءَ رافعاً
في يسراه كان جُوداً غاليا
لكِنِ الساحةُ مِسكاً أمطرتْ
بعد أن سالتْ دماه الزاكيا
فالحِرابُ نالتْ زندَيه معاً
والجودُ دونَ ماءٍ، كان خاليا
ارتمى أرضاً، على الصدرِ هوى
صائحاً: أدركني يا حسينيا
غارَ بالمهرِ الحسينُ صوبَه
وانحنى يبكي أخاه الداميا
قائلاً: ظهريَ الآن انحنى
حيلتي قلّتْ، شمتتْ أعدائيا
عندَ رأسِ أخيه قد جثا
بَعْدَكَ عباسُ في الدنيا ماليا
مُسْكِناً رأسَ الكفيلِ حِجرَه
هامِساً فيضَ كلامٍ حانيا
ردّ عباسُ عليه: خَلِّنِي
كيفَ للقومِ لم أكُ ساقيا
قصةُ إيثارٍ، قلَّ مِثلُها
كيف لا، عباسُ كانَ الوافيا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here