هل فعلا أن مشكلة العراق الشائكة تكمن في وجوه قديمة فقط ؟

هل فعلا أن مشكلة العراق الشائكة تكمن في وجوه قديمة فقط ؟

بقلم مهدي قاسم

(“ لن يكون للوجوهِ القديمة مهما كان انتماؤها وجودٌ بعد الآن ”.

هذا ما يقوله مقتدى الصدر مختزلا ، اختزالا هزيلا و سطحيا لمشاكل العراق و مصائبه ومحنه الراهنة ..

ولكن هل فعلا إن مشاكل العراق تكمن في وجوه قديمة فقط ؟ أم في غياب نهج صحيح و رؤيا واضحة و صافية ، وسلوك سليم و قويم و صحيح ؟..

نقول كل هذا لنسأل :

ــــ فكم من رئيس حكومة حكم العراق منذ 203 و حتى الآن ؟..

كثيرون حكموا ، ومن أحزاب و تنظيمات و تيارات و جبهات مختلفة ..

وكم وزيرا شغّل حقيبته الوزارية دون أن يقدم انجازا مفيدا واحدا يسجله له التاريخ ؟..

مئات وزراء ووكلاء وزراء ..

الأثر الوحيد الذي خلفه معظم هؤلاء الوزراء ووكلاء وزراء هو السرقة واللصوصية و هدر وتبذير المال العام ..

فكم من نائب شغّل مقعده النيابي دون أن يحقق شيئا نافعا لناخبه سوى الحصول على امتيازات ومخصصات ورواتب ضخمة وتواطؤ على التغطية على سرقات الأحزاب الفاسدة والمسؤولين الفاسدين ليفلتوا من العقاب القضائي ..

فكم من عضو مجلس محافظة و مدينة وعضو بلديات، شغّل مقعده البلدي ؟ ربما بآلاف ، ولكن دون أن يحققوا إنجازات أو يقدموا خدمات جيدة بقدر ما اشتركوا على إيجاد وسائل سهلة للتلاعب بالميزانيات المخصصة بقصد التطوير و تقديم الخدمات الجيدة ، و ذلك بهدف السرقة أو الاختلاس ..

إذن فالعبرة ليست في تغيير الوجوه القديمة فقط ، إنما في خلق و إيجاد رؤية سليمة وواضحة ومحددة كخطط مشاريع وضرورة تنفيذها في كل الأحوال بإشراف مسؤولين شرفاء ، وعلى نهج سياسي جديد يقوم على أساس طموحات جدية و حقيقية و صادقة في عمليات بناء و تعمير و تغيير وتحديث و تقديم خدمات تقوم بها دولة إدارية براغماتية بحتة واجبها الأساس و الصحيح هو الإدارة العصرية و الحكيمة والرشيدة لشؤون الدولة ، بعيدا عن تأثيرات أو تدخلات عقائدية سواء كانت دينية أو علمانية أو أي شيء أيدولوجي آخر ..

أما مجرد الاكتفاء بطرد الوجوه القديمة و الإبقاء على نفس الأحزاب والتنظيمات و الدكاكين السياسية التي أفرزت نفس الوجوه القديمة من مستنقعها العقائدي المظلم والمشوّه السقيم ، فأن هذه الأحزاب الفاسدة والفاشلة قادرة دوما ــ كما البكتريا و الجراثيم ــ على خلق و تكرير ما يشبه نفس الوجوه القديمة والبائسة السوداء ، والتيار الصدري كان واحدا و على طول الخط من نفس الأحزاب و الوجوه التعيسة طيلة 19 عاما ..

تماما مثل لص يشترك الآخرين باللصوصية سرا ولكنه يستنكرها علنا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here