يكتب كتابه بقطرات دمه ! : مسرحية قصيرة جدا

يكتب كتابه بقطرات دمه ! : مسرحية قصيرة جدا

بقلم مهدي قاسم

الفصل الأول

زعيم مستبد يجتمع مع أعوانه من مستشارين و رجال أمن و قادة عساكر ..
يسأل الزعيم وهو يقلب أنظاره بين المحيطين به بشيء من حيرة :

ـــ طيب !.. أيها السادة المستشارون قولوا لي مقترحين بفكرة ما ، كيف يمكنني تحطيم هذا الرجل الأنوف و العنيد .. بدون قتل ..فأنا لا أريد أعمل منه شهيدا ..و رمزا لأجيال قادمة ..
يجيب أحدهم قد يكون حكيم المستشارين بلحيته البيضاء الطويلة :
– احرمه من ما هو متلهف أو مشغوف به جدا ..
– ما هي طبيعة هذا التلهف أو الشغف ؟..
-يقال إنه متعلق بالقراءة والكتابة جدا وربما لحد الهوس والإدمان ..
ــ إذا كان الأمر هكذا حقا فحرموه إذن من القراءة و الكتابة .. و .. فورا !..
ثم مرددا مع نفسه ساخرا ، متهكما :
— قراءة و كتابة ! .. ما كنتُ أعلم عنده هكذا نقطة ضعف بائسة و سخيفة .. إهدار أوقات ثمينة بترهات قراءة و كتابة ..ههههه..
يجارونه الباقون بضحكة مفتعلة و باهتة ..

الفصل الثاني .

بعد مرور شهور طويلة الرئيس المستبد يستدعي نفس مستشاريه السابقين مجددا ، مستفسرا بفضول طاغ عن إنه :
— ما أخبار الرجل العنيد ؟ فهل تحطّم متناثرا أربا و نهائيا .. بعد .حرمانه من متعة القراءة و الكتابة ؟..
يرد رئيس الأمن مضطربا :
– كلا .. لم يتحطم.. لقد وجد بديلا مماثلا عن ذلك .
الرجل المستبد باستغراب و دهشة مع بوادر امتعاض متصاعدة تضخم نبرته :
ــ بديلا ؟!..فما هو ؟.. فيا لها من مهزلة ..
ينط رئيس المعتقل من مكانه ليجيب مرتبكا :
-إنه يفصد دمه ثم يغمس به أصبعه و يكتب على جدران زنزانته أفكاره و بنات خياله على شكل فصول كتاب ! .. يعمل ذلك ليلا و نهارا .. لحد أحيانا يسهو عن تناول طعامه حتى يلحق تدفق أفكار و زخم خياله ..
يستشاط الزعيم غضبا ، و يصيح حانقا :
-إذا كان الأمر هكذا فاهدموا جدران الزنزانة إذن !.. حتى لا يبقى عنده أي شيء يستطيع الكتابة عليه !..
تعلق أصوات بعض الحضور بلهجة منذهلة ومبهوتة
– ولكنه سوف يهرب .. إذا وجد نفسه في وسط زنزانة بلا جدران ..
ـــ لا يهمني ذلك !.. إذا هرب فليهرب إلى الجحيم .. خلاص.. اهدموا !.. المهم إن يكّف عن القراءة والكتابة .. فهذا هو أمري الحاسم و النهائي !..
يلا انصرفوا جميعا أيها الفاشلون التنابلة !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here