الفكاهة وبعض من مردوداتها السلبية

أ. د عبودي جواد حسن

استخدام المقالب والاحتيال لتحقيق المكاسب ليس بالامر الجديد فقد استخدمه القدماء للفوز بالمناصب القيادية وفي الالتفاف على الوعود والعهود التي قطعوها حيث يمكن استباط ذلك من موروث الحكايات والاحداث التاريخية . حيث تقول الحكايات ان سلطانا في اوج توسع دولته الكبرى وازدهارها قطع على نفسه عهدا ببناء اثنين وعشرين مسجدا اذا انتصر في حربه مع اعداءه في اوربا وعندما حصل ذلك بنى مسجدا باثنين وعشرين قبة بحجة توفير الاموال وعدم الاسراف.
وحاليا تستخدم المقالب في الاعلام المرئي والمسموع بشكل اخر لتحقيق المكاسب المادية للشركات الكبرى المنتجة لها ولكن يتم ذلك على حساب فرد من الجمهور الذي يقنطع جزء من وقته ويحول الى تعاسة وحيرة وتوتر وقلق كل ذلك لاداعي له بعلم الجمهور وربما تقود الى الانتحار وكل ذلك بهدف ترفيه المتلقين وتحقيق الكسب المادي.
وبعبارات اوضح ان هذه المقالب هي خلق مواقف يعاني فيها المشارك في المقلب من مختلف العواطف والمشاعر.احيانا هذه المواقف تقفده صوابه ويقوم بافعال تضحك المتلقي واحيانا اخرى تؤدي الى حدوث ما لا يحمد عقباه ابسطها التفوه بالمحرمات او اقساها انتحار او اطلاق نار او اشتباك او سكتة قلبية او غيرها. والغاية من هذا كله ترفيه المتلقي على حساب المشارك في الموقف الذي هو عادة الانسان العادي.
أي عمليا خلال المقلب يقتطع من المشارك فيه وقت من يومه يتحول فيه الى شخص في ذروة اشتداد عواطفه حزنا او فرحا او غيرها من العواطف تجعله في وضغ لايحسد عليه ابدا ويحير في تدبير امره ويكون ذلك موازيا مع تصرف مدير الموقف ( الاعلامي ) تصرفا يتسم بالجدية بشكل متقن يجعل بطل الموقف يصدق ما يجري ولا يساوره ادنى شك في صدقية الموقف وجديته. وقد يساعد هذا المدير( الاعلامي) بعض المشاركين المتعاونين في جعل هذا الموقف جديا.
لكن احيانا تثير هذه المواقف استهجانا واستنكارا وان لم نقل ادانة من جمهور المتلقين المثقفين لاحساس هذه الفئة الاخيرة بوضاعة العمل وتجاوزه على انسانية المرء. وفي بعض الاحيان المؤسفة جدا تؤدي الى فقدان ارواح وتيتيم اطفال وترمل ازواج لاشيئاء تافهة.
والجدير بالذكر هذه المواقف مألوفة ومعروفة لدى المتلقي ( مقالب الكاميرا الخفية ) تلفزيونيا ولكن من بينها هناك مواقف خطرة تودي بحياة المرء مثلا المقلب ال (Prank ) قبل عدة سنين و الذي يتضمن اتصال مباشر على الهواء في اواخر 2012 من قبل اثنين من مقدمي برامج من هذا النوع في محطة اذاعة من محطات ال (FM ) الاسترالية عندما اتصلا المقدمان بالممرضة الليلية ( Jacintha Saldanha) في احدى مستشفيات لندن مدعين انهما من كبار افراد العائلة البريطانية المالكة (الملكة والامير تشارلس) مستفسرين عن حالة مريضة في المستشفى من كبار افراد العائلة الملكية(دوقة كمبردج ) وقد قلدا الاعلاميان اصوات الملكة والامير بدقة . وقد قامت الممرضة الليلية بتحويل الاتصال الى الممرضة المسؤولة عن المريضة حيث احست الاخيرة بالمقلب وبعدها بثلاثة ايام وجدوا الممرضة الليلية منتحرة لانها شعرت بانها تتحمل المسؤولية كاملة بتحويل المكالمة الهاتفية وعدم مراعاة وتخطي الامور الامنية اولا كما تبين ذلك من خلال الايميلات التي ارسلتها الى زميلاتها قبيل انتحارها . هذه بعض من الحالات المحزنة والمؤسفة وهناك ما خفي اعظم.
ما اردنا قوله هو في اي عمل الاعمال الترفيهية يتطلب من اصحاب العمل اجراء حسابات دقيقة لما قبل واثناء وبعد تقديم المنتج الاعلامي الذي قد يؤد ي الى اعراض جانبية خطيرة كان يمكن تجنبها. وفي نفس الوقت تثقيف المتلقين عموما من الجمهور الذين يميلون الى برامج الفكاهة بعدم التعامل بجدية مطلقة مع المنتج الاعلامي وتنبيههم كتابة او صوتا او صورة بالابتعاد عن ايذاء الذات او الاخرين بعد استهلاك المنتج. وكذلك تجنب اقحام المرء في مواقف حساسة مثيرة وان امكن دراسة والوضعية العانة للمشارك الذي قد يكون مصابا بامراض نفسية كما حدث للممرضة الليلية التي يقال انها كانت مريض نفسيا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here