صَباح الحادي عشرَ من مُحرَّم (قصة قصيرة)

صَباح الحادي عشرَ من مُحرَّم(قصة قصيرة)

حَمَلوا عَقَائلَ النُّبوةِ على جِمَالٍ بغيرِ وطاءٍ, رُبِطوا بالحِبَالِ ,عُزِفَتْ أَبواقُ الجَيشِ ,خَفَقَتْ راياتُهم .

سَاقَ عُمَرُ بنُ سعدٍ مَوكبَ ودائع النَّبيِّ كما يُساقُ سَبي التُّركِ والرُّومِ .

أَقسَمْنَ عليهم بصَوتٍ حَزينٍ : بِحَقِّ اللهِ إلا ما مَررتم بنا على مَصرعِ الحُسينِ .

نَظَرت النُّسوةُ إلى القَتلى ,أَشلاءً مبعثرَةً ودماءً, صرخْنَ ,ضَربْنَ وجههُنَّ , ندبتْ عقيلةُ الهاشميينَ الحسينَ بصوتٍ حَزينٍ وقلبٍ كئيب :

يا مُحمَّداهُ , صلَّى عليكَ ملائكةُ السَّماء .

هذا حسينٌ مُرمَّلٌ بالدِّماء، مُقَطَّعُ الأَعضاءِ, مَسْلُوبَ العِمامَةِ وَالرِّداءِ ، وبَناتُك سبايا، إلى الله المُشتَكَى ,وإلى محمَّدٍ المُصطَفَى , وإلى عليٍّ المُرتَضَى ,وإلى فاطمةَ الزَّهراءِ , وإلى حمزةِ سيِّدِ الشُّهدَاءِ .

يا مُحمَّداهُ ,هذا حُسينٌ بالعَراءِ ,مَحزوزُ الرأسِ مِنَ القَفَا

. بِأَبِي مَنْ أَضْحَى معَسْكَرُهُ في يَوْمِ الاثْنَيْنِ نَهْبًا. بِأَبِي مَنْ فُسْطاطُهُ مُقَطَّعُ العُرَى. بِأَبِي مَنْ لا غائِبٌ فَيُرْتَجَى، وَلا جَرِيحٌ فَيُداوَى. بِأَبِي مَنْ نَفْسِي لَهُ الفِداءُ.

فَأَبْكَتْ العَدوَّ والسَّبايا , سَأَلَتْها سَكِينَةُ : لمَنْ تُخَاطبينَ ؟

ـ أُخَاطِبُ أَباكِ الحُسينَ .

أَلقَتْ بنَفسِها مِنَ المَحمَلِ على جَسدِ أَبيها , اعتَنَقَتْ جِثَّتَهُ .

خَاطَبَ ابنُ سَعدٍ جِندَهُ : نحوُّها عَنِ جَسَدِ أَبيها . سَحَبوها , نَهَضَتْ بِسيلِ الدَّمعِ على الخَدَّينِ.

**********

*حامل الرَّأس

جنَّ الليلُ, ذَهَبَ حَاملُ الرأسِ لمنزلِهِ , وضعَ الرأسَ بمكانٍ ما, دَخَلَ فراشَهُ , نَطَقَ في أُذُن امرأتِهِ : جئتُكِ بفَتَى الدَّهر , هذا رأسُ الحسينِ بينَ يديكِ في الدار !

صَاحتْ مرتاعة :

ـ ويلك! تأتي الناسُ بالذَّهبِ والفضَّةِ , وجئتَ برأسِ ابنِ بنتِ رسولِ الله ؟ واللهِ لا يجمَعُنِي وإياكَ بيتٌ أبداً!

انطلقتْ خارج الدارِ تعدو مذعورةً .

…………………………………

*للكاتب مجاهد منعثر منشد /المجموعة القصصية (ظمأ وعشق لله) , الفصل السادس سبي آل الحسين , ص 112ـ113.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here