فلسفة: هل ان حياتنا وجوب اكثر مما هي وجود ؟

فلسفة: هل ان حياتنا وجوب اكثر مما هي وجود ؟ * د. رضا العطار

ان الذات لهي في الحقيقة محددة ضمن اطار ماهيتها في عملية تحقيقها لذاتها، فليست (الذات) شيئا جاهزا معدا من ذي قبل بل هي فاعلية مرنة تكوّن نفسها بنفسها. ولهذا فقد يكون من الصعب ان نقول عن (الذات) انها (موجودة) ما دامت هذه الذات في صميمها عبارة عن حركة انتقال مما كانت عليه الى ما ستكون عليه. فالذات هي مقدرة على الوجود اكثر مما هي وجود.

وحسبنا ان نعود الى تجاربنا الحياتية لكي نتحقق من اننا لا نشعر بوجودنا حقا، إلا في اللحظة التي نشعر بها بان لدينا امكانيات خاصة يتوقف علينا العمل على تحقيقها. اي ان حياتنا لم تكن سوى صنيعة ايدينا – – – واذا كنا قد علقنا اهمية على احداث خاصة فما ذلك إلا لأن هذه الاحداث قد اتاحت لنا الفرصة لأكتشاف بعض الامكانيات الضمنية التي كانت ترقد في اعماق نفوسنا دون ان ندري من امرها شيئا – – – وليس اجمل في الحياة من ان يكتشف المرء في اعماق ذاته (امكانية جديدة) – – – وحين يهتدي الانسان الى مثل هذه الامكانية ويقوم بتحقيقها عندئذ تصبح الحياة بالنسبة الينا شيئا جديدا.

اما اذا كان من شان بعض النفوس الضعيفة ان تقنع بتأمل ما لديها من امكانيات دون ان تعمد الى تحقيق اية واحدة منها فإن من شان النفوس القوية ان تقذف بكل امكانياتها الى عالم الواقع. ومعنى هذا ان (تحيق الذات) عملية فردية لا تخلو من مخاطرة فضلا عن انها تقترن دائما بضرب من الشعور بالقلق، لكنها في الوقت نفسه خبرة ميتافيزيقية عميقة ينكشف لنا من خلالها معنى الوجود وقيمة الحياة – – – اي بمعنى من المعاني هو الذي (يُوجدنا) او هو الذي يخلع علينا صفة (الوجود)

فنحن لا نملك سوى التوحيد بين (وجودنا) و (عملنا) – – – وبعض الفلاسفة يقول :

(ان حياتنا هي عملنا ) فانهم يعنون بذلك ان حياتنا هي (تحقيق الذات) لا يقف عند حد وآية ذلك انني حين اعرف ذاتي فانني لا اعرفها باعتبارها موضوعا محددا بل انما اعرفها بوصفها (فاعلية) متحركة وبالتالي فانني ارى ذاتي فاعلا – – – وقد لا نجانب الصواب اذا قلنا ان حياتنا (وجوب) اكثر مما هي (وجود) بمعنى انها (مهمة) لا بد من ادائها اكثر مما هي (واقعة) مفروضة علينا، يجب تقبلها.

* مقتبس من كتاب فلسفة مشكلة الحياة، د. زكريا ابراهيم. القاهرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here