مَن ينقذ بيئة العراق؟.. الجفاف والتصحر يزيدان معاناة ملايين المواطنين!

بغداد/ حسين حاتم

كثيرة هي التحديات التي تواجهها بيئة العراق نتيجة عوامل مختلفة ومتنوعة على رأسها تلوث الهواء والنقص الحاد في المياه فضلا عن الجفاف والتصحّر وارتفاع في عدد العواصف الغبارية.

ويواجه العراق أزمة بيئية غير مسبوقة، إذ باتت سماؤه تُمطر غباراً وملوّثات، ولم تعد بلاد ما بين النهرين، ترفد أراضي البلد بمطر وفير ينقذها من جفاف وشيك.

من أبرز الاعترافات بالكارثة المستقبلية ما أقرّ به رئيس الجمهورية، برهم صالح بأنه “سيتضرر سبعة ملايين عراقي فعلياً من الجفاف والنزوح الاضطراري” جرّاء التغير المناخي.

ومن المفارقات، احتفل العراق في عام 2021 بمرور قرن على تأسيس دولته الحديثة بالتزامن مع تحديات بيئية تهدد وجوده!، فخلال 100 عام فقط، باتت منظومته البيئية على وشك الانهيار، وتناقص مستوى تدفق المياه في أنهاره التاريخية إلى أقل من العُشر.

وبعد أن سجلت في العام 1920 تدفقاً بمقدار 1.350 مترا مكعبا/ ثانية، أصبح التدفق أقل من 150 مترا مكعبا/ ثانية في العام 2021.

ينفق العراق ما يفوق 63% من موارده المائية على الزراعة من دون أن يسد حاجته المحلية من المحاصيل، ويعتمد غالباً على الاستيراد من الخارج، ما يعني أن هناك هدراً مائياً لا تقابله وفرة إنتاجية.

ويقول وزير البيئة جاسم الفلاحي لـ(المدى)، إن “التحديات التي تواجه القطاع البيئي، كبيرة وتشمل ثلاث مستويات والتحدي الأبرز الذي يواجهنا هو التغيرات المناخية وازدياد كبير في درجات الحرارة ونقص ايراداتنا المائية وتحدي الجفاف والعواصف الترابية والصحراء إضافة الى التلوث البيئي الذي يشمل الماء والهواء والتربة”.

وأضاف الفلاحي، أن “هناك تحديات كبيرة تتعلق بازدياد معدلات التلوث وهذه بحاجة الى وقفة جادة إضافة الى التحدي الذي يشمل التنوع الاحيائي والمحميات الطبيعية وله علاقة بوجود مواقع ملوثة بحاجة الى متابعة جدية”.

وأوضح أن “التلوث الأبرز في العراق هو التلوث بالألغام والعبوات الناسفة ونحن نتصدر دول العالم به خصوصا بعد احتلال عصابات داعش الإرهابية لمساحات شاسعة”، مستدركا: “لدينا تعاون كبير مع المنظمات الدولية وأقول بكل صراحة إن الوزارة لسنوات طويلة لم تتلق الدعم اللازم من الناحية المالية وإنما اعتمدت على التمويل من قبل المنظمات الدولية والمانحين واستطاعت أن تقوم باعمال كبيرة جدا لتنظيف الكثير من المناطق الملوثة من الألغام والعبوات ولكن المساحات الملوثة كبيرة وتحتاج الى تضامن ودعم على مستوى الموازنة الاتحادية او على مستوى الدعم الدولي”.

وبين الفلاحي أن “القطاع البيئي بعد فصل وزارة البيئة عن الصحة وصدور فقرات ضمن الضمان الصحي للمواد 37 و44، هو تأكيد المؤكد أن هذه الوزارة لا تزال قوانينها نافذة ولم تتغير ونحظى بدعم خاص من قبل رئيس الوزراء المهتم بالمواضيع البيئية وإدخال مفاهيم الطاقات المتجددة والطاقات النظيفة لتعويض النقص الهائل في الطاقة وانسجاما مع المعايير البيئية العالمية وهو مهتم بإدخال مفهوم الاقتصاد الأخضر وهذا يكون عاملا إضافيا للاقتصاد العراقي الذي اهتم بالنفط الخام كعامل أساسي”.

وأشار، الى أن “بغداد تعاني من تراجع كبير في البنى التحتية وهي بحاجة إلى مدينة إدارية جديدة”، مبينا أن “التلوث البيئي في بغداد وصل إلى مستويات لا يمكن السكوت عليها”.

ولفت إلى أن “الوزارة لديها قاعدة بيانات للتلوث في جميع المحافظات”، مشيرا الى أن “قانون الاستثمار بحاجة إلى تعديل، إذ يجب وضع رؤية ستراتيجية للاستثمار والابتعاد عن العشوائية”.

ومضى الفلاحي بالقول، إن “هناك إمكانية كبيرة لإقامة استثمارات في القطاعات الصحية والبيئية في أطراف المدن”.

ويقول مدير عام دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة البيئة أمير علي الحسون لـ(المدى)، إن “البيئة العراقية تواجه عدة تحديثات أبرزها تلوث نهري دجلة والفرات إضافة إلى التجاوزات”، مبينا ان “ما يحدث قائم منذ الثمانينيات لكن الأمور تثاقلت الى حد كبير خلال السنوات الاخيرة لا سيما بعد انخفاض مناسيب المياه بسبب السياسة المائية لتركيا وإيران”.

وأضاف الحسون، أن “ما يصل إلى العراق حالياً 35% من النسب التي كانت تصل قبل أربعة عقود”، مشيراً إلى أن “دوائر البلدية لم تعمل على تأسيس بنى تحتية تعالج مياه الصرف الصحي”.

واشار إلى أن “أمانة بغداد ودوائر البلديات من أكبر الجهات الملوثة لنهر دجلة إضافة إلى باقي النشاطات الصحية والصناعية لاسيما أن الرقابة ضعيفة عليها وليست صارمة”.

ولفت الحسون، الى أن “نسبة التلوث تزداد كلما شحت المياه، ووزارة البيئة تعطي موقفاً اسبوعياً بالأرقام لكل محافظة”، لافتاً إلى ان “وزارتي البيئة والموارد المائية تتابعان الموضوع بشكل جيد، لكن حجم التلوث كبير في نهري دجلة والفرات”.

ورأى، أن “المواطن العراقي يتعرض إلى الخطر حالياً وخاصة في الجنوب، ووزارة البيئة ودوائرها تراقب بشكل رسمي وتبعث بإجراءات مع كل جهة تعمل على تلويث نهري دجلة والفرات سواء أكان نشاطاً صناعياً أو نفطياً يسبب الضرر وفق قانون 27 لسنة 2008، وهو قانون يخول الوزارة اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها انذار وعقوبة الغلق لكل المخالفات”.

ونوه الحسون، الى أن “الوزارة أحيانا لا تستطيع غلق منشأة نفطية او منشأة تولد الطاقة الكهربائية ذات مناشئ قديمة وتعتمد عليها الحياة”، لافتا الى أن “هناك أمراً ديوانياً رقم 99 لعام 2019، شكلت بموجبه لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء لا تزال فاعلة ويشرف عليها رئيس الوزراء لإيجاد حلول لتلك المشكلات”، مؤكداً أنه “رغم الظرف المالي الصعب للموازنة لكن اللجنة عازمة على معالجة تلك المشاكل في أمانة بغداد والقطاعات التي تسبب التلوث لكي نتحاشى وقوع العراق في أزمة تلوث كبيرة”.

وعلى الرغم من انضمام العراق إلى “اتفاق باريس للمناخ” في اواخر العام 2021، الا ان التغير المناخي بات يُستخدم كأداة سياسية أو وسيلة للابتزاز، مثلما تفعل تركيا وايران مع العراق.

وجاء ترتيب العراق وفقاً لمعيار كفاءة الأداء البيئي في المرتبة 116 من مجموع 180 دولة، ولذلك حاول العراق مؤخراً، بمعونة دولية، أن يعالج إخفاقاته البيئية عبر إطلاق خطة التكيّف الوطني لمكافحة تغيّر المناخ في أواخر 2019 على مدى 36 شهراً، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبتمويل مخفض لا يتناسب وحجم الكارثة البيئية، بقيمة 2.5 مليون دولار، منحها صندوق المناخ الأخضر. ولكن، حتى آب 2021، لم تتحقق أي من أهداف الخطة، وبات العراق يُصنف كخامس أكثر الدول تعرضاً على مستوى العالم لشح المياه والغذاء وارتفاع درجات الحرارة، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة. التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here