اذا كنت لاتستحي فافعل ما شأت حتى وان كنت قاضيا!

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

ان كنت لاتستحي فأنت لاتهتم ان كنت ظالما او خائنا او عميلا او فاسدا او فاشلا صلفا او من الذين يساندون هولاء. اذ أن الحَياء خُلُقٌ يمنع صاحبه من اجتناب القبيح و مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ. والحياء مفهوم انساني وقائي يردع صاحبه بقوة من القيام بعمل يجلب العار او الباطل او ما شابه من خلق ذميم بينما الخجل هو ما يظهر من علامات على الوجه او غم يصيب القلب بسبب الاطلاع على حجة من عمل شنيء او ظهور ريبة من ذلك. والحياء شعبة من الايمان لانه ينهى النفس عن المعاصي ولكنه لا يجوز الحياء من قول الحق، والحق هو غير الظلم والخيانة والفساد والفشل وما شابهها حيث جاء في القران الكريم سورة الاحزاب 53: (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ). وأن الحَيَاء مِن أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا، بل هو جوهر الإنسانيَّة، وهناك من الحيوان ما فطر بعض الشيء على الحياء. فمَن لا حياء فيه، ليس معه مِن الإنسانيَّة إلَّا اللَّحم والدَّم وصورتهما الظَّاهرة و ليس معه مِن الخير من شيء. وان اعلى رتبة في الحياء هي الحياء من الله فمن استحى من الله كان كل حيائه خيرا ومن لم يستحي من الله بل من الناس فقط فذاك لا خير كثير فيه. وقد اعتبرت العرب قبل الاسلام الحياء من المروأة التي تمنع صاحبها من الكذب وغيرها من الاخلاق الفاسدة. والحياء في جميع مراتبه مروأة ما عدا الحياء الذي يترك به المرأ واجب شرعي. ومن انبل انواع الحياء هو ان يستحي المرأ من نفسه مما يجعله يمتلك نفسين احدهما تستحي من الاخرى وهذا جدير بان يستحي من غيره كذلك ومن ربه.

قد يفقد الانسان الحياء والخجل الفطري والمكتسب معا عندما يتعود على اتيان العمل القبيح. فالانسان الذي يخون بلده ويقتل ابناء وطنه مع العدو لا يتوانى من ان يظلمهم ويهجرهم من اوطانهم ويسرقهم اذا ما سنحت له الفرصة في الحكم وان كان فاشلا فاسدا زنديقا. والبعض من هؤلاء قد يتسبب حكمه بضياع ثلث البلاد بيد عصابات ارهابية ويتسبب بمقتل الاف الشباب بسبب فشله في حفظ الامن وارواح الناس بل ويتسبب بتمزيق النسيج الاجتماعي على اسس طائفية ويقود الناس للاقتتال من اجل السلطة والحكم فيسفك الدماء ويسرق ويفسد ويخون و جميع ذلك باسم الدين والايمان وكله بلاحياء. وهكذا باقي الجوقة الفاسدة التي يغيب عنها الحياء والخجل وتفعل ما تشاء من اجل السلطة والتسلط والحكم ولو كان ذلك بدفع الناس للدفاع عنهم والاقتتال من اجلهم جزاء بضعة دولارات. هؤلاء يعكسون الواقع والشعارات بلا خجل ولا حياء فهم لايستحون بان يدفعوا للناس فتات من الخبز ويقولون لهم ان (الشعب يدافع عن الدولة) اي بمفهومهم هم الدولة تعني حكمهم المستهتر وهذا خلاف الواقع الذي يقول ( على الدولة او الحكومة مسؤولية الدفاع عن الشعب وليس العكس) فالحكومة خادمة للشعب دون استثناء. انه منتهى الاستهتار وعدم الحياء وانعدام الخجل والخيانة العظمى والعمالة للاجنبي والعمى من اجل السلطة والمال والتسلط ان تقلب الموازين بل خجل ولا حياء.

وان هناك من يستحي من الناس ولكنه لايستحي من الله وهذا يؤدي الى الفساد والظلم خاصة اذا كان ذلك يحدث في سلك القضاء لانه في تلك الحالة يميل مع الناس خاصة اذا كان هؤلاء يعتاشون على اولئك اي القضاء يعتاش على البعض من الناس وان كانوا خونة وعملاء وهذا ارذل انواع الفساد لان القضاء اذا فسد او انحرف بخيانة فتلك طامة كبرى. وهنا فأن القضاء يميل مع الباطل وان كان ظلما لانه يستحي من باطل الناس وكان المفروض بهذا القضاء ان يطبق المبدأ القراني (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) اي ان لايستحي من الناس اذا اراد احقاق الحق. وقال تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) وهذا ناتج عن ضعف الإيمان بالله، اذ ان هؤلاء يحرصون بكافة الطرق على ارضاء الناس خاصة اصحاب السلطة والنفوذ و لأغراض مادية نفعية دنيوية. وعليه فأن السلطة القضائية اذا ارتبطت بدولة اجنبية او مالت الى عملاء تلك الدولة يكون حيائها من احقاق الحق وهذا عين الباطل وخراب تلك الدولة. هنا لابد للشعب المقهور ان يستعيد دولته بما في ذلك اصلاح القضاء الذي يميل الى الظلم والظالمين والفاسدين والخونة لأوطانهم. ونختم بقول الشاعر العربي:

إذا قل ماء الوجه قل حياءه ——– ولا خير في وجه إذا قل ماؤه

حياؤك فاحفظه عليك فإن ——— ما يدل على فعل الكريم حياؤه

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here