اللسان الملحي يغزو شط العرب ويصل إلى مستويات غير مسبوقة

بغداد/ مصطفى الجوراني

يعاني شط العرب جنوبي العراق، من زيادة كبيرة في نسب الملوحة؛ مما ينذر بأزمة مائية جديدة في البلاد، وسط مطالبات بإيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمة. ويتكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات شمالي محافظة البصرة، ونتيجة لانخفاض منسوب المياه من دول المنبع (تركيا وإيران)، أصبح شط العرب يستقبل مياه الخليج العربي المالحة، وفقاً لمراقبين.

وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب أن لا تزيد نسبة الملوحة في مياه الشرب على 500 درجة من معيار”TDS”، في حين تتعدّى الملوحة في البصرة أضعاف هذا الرقم.

أرقام وإحصائيات

وقال زهير جواد مدير ماء البصرة، في حديث لـ (المدى)، إن “ارتفاع الأملاح في شط العرب كان بسبب تراجع الإطلاقات من ناظم قلعة صالح في محافظة ميسان؛ وكذلك غلق جريان نهر الكارون من الجانب الإيراني؛ مما أدى إلى دخول المد الملحي من الخليج العربي إلى شط العرب”. وأضاف جواد، أن “الحلول المطروحة والجاري العمل بها هي استخدام المراشنة في أبي الخصيب من محطة تحلية محيلة ومشروع العباس والقناة الاروائية، واستخدام الماء من القناة الاروائية لمناطق سيحان والفاو؛ وكذلك استخدام المراشنة لمركز المدينة من ماء مشروع العباس؛ وكذلك تشغيل المشروع الياباني بنسبة تقارب 60% من طاقته وفي شط العرب استخدام القناة الاروائية لمركز القضاء، المشروع المركزي”.وبشأن نسب الملوحة في شط العرب، أشار إلى أن “الارتفاع وصل إلى ما يقارب الثلث إلى نصف ما وصل إليه في العام 2018، وهي السنة التي وصلت إليها الأملاح نسبا قياسية لم تصل إليها سابقاً”.

تعلق وزاري

في غضون ذلك، قال مدير الموارد المائية في محافظة البصرة، جمعة شياع، إن “مياه شط العرب سجلت في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في نسبة الملوحة، والسبب الرئيس لذلك هو المد القادم من دول الخليج العربي بسبب التغيرات المناخية والاضطرابات الجوية التي حدثت في دول الخليج العربي وهي الإمارات والسعودية وسلطنة عمان وإيران”. وأشار في تصريح تابعته (المدى)، إلى أن “التغيرات المناخية مثل الأمطار والسيول والفيضانات التي تحدث هذه الأيام في دول الخليج العربي أثرت في محافظة البصرة بصورة كبيرة ومباشرة، لأن شط العرب مرتبط مباشرة بالخليج العربي”، مبيناً أن “المد في هكذا اضطرابات جوية ومناخية يكون هائلاً وعالياً جداً لذلك ترتفع نسبة الملوحة في مياه شط العرب”.

وأوضح المسؤول الحكومي، أن “هناك توجهاً سريعاً للحد من ارتفاع نسبة الملوحة في مياه شط العرب، منها زيادة نسبة الإطلاقات المائية وبصورة سريعة، إذ وصلت إلى 94 متراً مكعباً بالثانية”. وحذرت الأمم المتحدة، في وقت سابق، من انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات في العراق بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، كما دعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

حلول للأزمة

إلى ذلك، قال نصير عبد الرضا الخبير في مجال الزراعة والمياه، إن “نسبة الملوحة في شط العرب تجاوزت الأرقام المسموح بها عالمياً، هذا ما ينذر بكارثة بيئية جديدة يتعرض لها العراق”.

وأضاف عبد الرضا، خلال حديثه لـ (المدى)، أن “زيادة الإطلاقات المائية خصوصاً من قبل الجانب الإيراني هي أبرز الحلول الآن أمام الحكومة العراقية لتجاوز أزمة الملوحة في شط العرب”. واقترح الخبير المائي، إقامة سد على شط العرب من أجل رفع جانبي شط العرب لمنع دخول وخروج المياه إلى الخليج، وبذلك يمكن السيطرة على الملوحة. يشار إلى أن رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح أكد أن التغير المناخي سيدفع بالعراق نحو عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035.

وكان مدير المركز الوطني لإدارة الموارد المائية حاتم حميد قد ذكر في تصريحات سابقة، ان “وزارة الموارد المائية تتعرض إلى نوعين من التجاوزات على المياه”. وأضاف حميد، أن “التجاوزات تكون في بعض الأحيان من قبل المواطنين، وفي أحيان أخرى تقع من الإدارات المحلية”. وأوضح حميد، أن “أحد تجاوزات الإدارة المحلية، هو ما قام به محافظ بابل قبل مدة بفتح ناظم لكن تم حل هذه المشكلة وإعادة تنظيم الناظم حسب الخطط التشغيلية المعدة من قبل وزارة الموارد المائية”.

وأورد، أن “قسماً من المواطنين المتواجدين في صدور الأنهر يقومون باستهلاك المياه أكثر من الحصص المائية المخصصة إليهم ما يقلل حصص أولئك المتواجدين في ذنائب الأنهر”.

ويواصل حميد، أن “الوزارة تقوم بحملة لإزالة التجاوزات حيث استطعنا خلال هذه السنة تقليل التجاوزات من أجل إيصال الحصص المائية إلى ذنائب الأنهر”.وتحدث، عن “إمكانية القول إن نسبة التجاوز أقل بكثير عمّا كانت عليه في السنوات الماضية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here